نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن الصراع القائم بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة على
البترول السوري.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن "
النظام السوري المتحالف مع روسيا وإيران دخل في مواجهة مباشرة على طول النهر المتدفق في العراق المجاورة، مع المقاتلين الأكراد والعرب الذين ينتمون لقوات
سوريا الديمقراطية، ويحظون بدعم الولايات المتحدة، بغية استعادة الأراضي التي طرد منها تنظيم الدولة".
وذكرت الصحيفة أن المعركة الأخيرة الكبرى من هذه المواجهة تدور رحاها في مدينة البوكمال الحدودية مع العراق. وقد استأنف مقاتلو تنظيم الدولة المختبئون في الأنفاق المعركة في سوريا في 11 من تشرين الثاني/ نوفمبر، وذلك بعد أيام قليلة من الهزيمة التي ألحقت بهم في العراق. وتُخفي هذه المعارك النهائية في الصحراء قضايا وتحديات أخرى أكثر أهمية تتعلق بماهية مستقبل الأكراد السوريين الذين يطمحون إلى الحصول على الاستقلال الذاتي، فضلا عن مصير حقول النفط التي يسيطرون عليها.
وأشارت الصحيفة إلى أن أخصائي النفط، ناجي حمصي، الذي كان عاطلا عن العمل منذ مغادرته مدينة دير الزور في سنة 2013، كشف عن خريطة المنشآت النفطية التي توجد في هذه المنطقة والتي تعتبر محل مطامع الكثير من الجهات. وفي هذا السياق، أورد ناجي أن "أحد خطوط الأنابيب يذهب إلى مدينة حمص التي تقع غرب سوريا، وآخر إلى مدينة بانياس الساحل التي تطل على البحر المتوسط، وآخر قادم من العراق".
وذكرت الصحيفة أن معظم الآبار التي سقطت في أيدي تنظيم الدولة، قد تمت استعادتها من قبل القوات العربية الكردية في الأشهر الأخيرة بفضل الدعم الأمريكي. في سياق متصل، أكد سفير عربي في دمشق أنه "في الوقت الراهن، وبعد أن تمكن نظام الأسد من استعادة الكثير من الأراضي، ستتركز سياسة الولايات المتحدة على منع بشار الأسد من الاستيلاء على تلك الآبار مجددا".
وتجدر الإشارة إلى أنه في أوائل تشرين الأول/ أكتوبر اقترب الجيش النظامي من كونوكو، أكبر منشأة للغاز في سوريا، التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، وتوجد على بعد حوالي خمسة عشر كيلومترا من مدينة دير الزور السورية. لكن القوات الجوية الأمريكية قامت بتدمير غرفة العمليات أثناء عمليات القصف حتى لا يستغلها تنظيم الدولة. وفي هذا الإطار، أفاد رجل أعمال في دمشق، يدعى عامر بأن "800 مليون دولار استثمرها نظام الأسد في هذه المنشأة قد التهمتها النيران".
من جهته، أوضح ناجي حمصي أن "الأدوات التي تم تدميرها ليست مجرد قطع عادية، حيث تعد من قطع الغيار المنعدمة في السوق السورية، وغالبا ما يقع شراؤها من أوروبا أو الولايات المتحدة". وأضاف المصدر ذاته أنه "نظرا لأنه تم فرض عقوبات دولية على سوريا، فسيكون من المستحيل استيراد تلك القطع مجددا".
وأضافت الصحيفة أن أحداث آخر حلقة من "حرب الرمال" هذه دارت في أواخر شهر تشرين الأول/ أكتوبر حول "حقل العمر النفطي"، أكبر حقول النفط في سورية من حيث المساحة والإنتاج (كان ينتج قرابة 200 ألف برميل/ يوميا سنة 2011). ويوجد هذا الحقل على بعد حوالي 15 كيلومترا من مدينة دير الزور التي استولى عليها النظام وافتكها من أيدي تنظيم الدولة في أوائل شهر تشرين الثاني/ نوفمبر.
ومن المثير للاهتمام أن الجيش النظامي كان يتموقع على بعد ثلاثة كيلومترات فقط من حقل العمر النفطي، الذي كان تحت سيطرة تنظيم الدولة. ولكن فجأة، قامت طائرات هليكوبتر تابعة للقوات الجوية الأمريكية بإنزال القوات العربية الكردية على بعد 45 كيلومترا غربي المنطقة.
ونقلت الصحيفة على لسان زعيم عشائري من منطقة دير الزور، نواف البشير الذي اتهم الأمريكيين بإبرام اتفاق يجمع بين الأكراد وتنظيم الدولة، أن "الأكراد سمحوا لقرابة 400 مقاتل من تنظيم الدولة بالخروج من الرقة والتوجه إلى البوكمال. في المقابل، سمح تنظيم الدولة لقوات سوريا الديمقراطية بتولي السيطرة على حقل العمر النفطي".
وأوضحت الصحيفة أنه على خلفية هذه الأحداث وجهت روسيا انتقادات لاذعة إلى الولايات المتحدة متهمة إياها "بتعكير صفو" عمليات مكافحة الإرهاب في تلك المنطقة. وقد تفاقم الأمر عقب استيلاء قوات سوريا الديمقراطية أيضا على حقل الجفرة النفطي الذي يقع في الشمال، والذي كانت تديره شركة توتال قبل الحرب.
وأكدت الصحيفة أنه بهدف مواجهة
واشنطن، تعمدت موسكو إلى نشر مئات الرجال بغية حراسة المنشآت النفطية التي تم تحريرها من قبضة تنظيم الدولة. ويعد هؤلاء الرجال من المرتزقة الذين ينتمون إلى شركة إيفرو بوليس، التي يرأسها يفغيني بريغوجين، أحد المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومجموعة فاغنر الروسية، التي تجند "متطوعين" سابقين من شبه جزيرة القرم.
وفي الختام، بينت الصحيفة أنه بموجب اتفاق مع بشار الأسد، فإن من المتوقع أن تستحوذ موسكو على الجزء الأكبر من إنتاج النفط في سوريا في المستقبل، في حين سيتولى الإيرانيون مسؤولية إدارة قطاعي المعادن والزراعة وبعض أنشطة التكرير.