هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمحررها السياسي باتريك وينتور، عن تحقيق قامت به المحكمة الجنائية الدولية حول جرائم حرب ارتكبت أثناء الحرب الأهلية الليبية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المحكمة حاولت أن تحافظ على صلاحية تحقيقها في هذا البلد بعد سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، لافتا إلى أن إمكانية ملاحقة قضايا، بما فيها اغتصاب رجال، ستكون فحصا لقدرتها على طرح هذا الموضوع، وستكون دليلا على قدرتها وصلاحياتها، وهي المحكمة التي اتهمت بالتسييس، وبأن صلاحياتها محدودة.
ويقول وينتور إن المحكمة الجنائية فشلت حتى هذا الوقت في تقديم أي ليبي للمحاكمة في لاهاي، منذ أن طلب منها التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبت في البلاد، لافتا إلى أن الكثير من ناشطي حقوق الإنسان يهربون؛ خوفا على حياتهم أو يعملون من الخارج.
وتذكر الصحيفة أن المدعي العام السابق لويس مورينو أوكامبو اتهم بالتعاون مع رجل أعمال ليبي على علاقة مع الجنرال خليفة حفتر، رئيس ما يطلق عليه "الجيش الوطني الليبي"، وأحد الفصائل العسكرية التي تحقق المحكمة بها، مشيرة إلى أن أوكامبو نفى التهم الموجهة إليه، إلا أن تسريب أكثر من 40 ألف رسالة إلكترونية ترك خليفته المدعية العامة فاتو بنسودة في حالة إحباط من تصرفاته والضرر الذي تسبب به لسمعة المنظمة.
ويلفت التقرير إلى أن عددا من الإحالات ذات البعد السياسي للمحكمة قدمتها جماعات ذات مصالح، من خلال وكلاء لها من أجل معاركها الأيديولوجية، حيث قدمت مجموعة من منظمات العمل المدني في غرب أفريقيا الرئيس الفرنسي السابق نيكولاي ساركوزي إلى المحكمة؛ لدوره في التدخل الغربي في ليبيا عام 2011.
ويورد الكاتب نقلا عن سيف الإسلام، المطلوب من المحكمة الجنائية، قوله إنه يريد تقديم قطر للمحاكمة؛ بسبب الدور الذي أدته في الإطاحة بوالده، كما قيل إن مسؤولا بارزا في حركة فتح، التي يترأسها رئيس السلطة الفلسطينية محمودعباس، سيحال للمحاكمة فيما يعتقد أنه نتاج خلافات دبلوماسية.
وتنوه الصحيفة إلى أن المحاكم الليبية ترفض دور المحكمة الجنائية في محاكمة مواطنين ليبيين، لافتة إلى أن بنسودة لم تنجح حتى الآن في ترحيل أي من المطلوبين، حيث أنه دون قوة أمن أو جيش يسيطر على ليبيا "الفوضوية"، فإنها لا تستطيع ملاحقة من يتصرفون دون خوف من العقاب.
ويفيد التقرير بأن المحكمة لم تستطع ترحيل القيادي البارز في جيش حفتر محمود الورفلي، المتهم بقتل 33 شخصا في مدينة بنغازي في الفترة ما بين حزيران/ يونيو 2016 وتموز/ يوليو 2017، مشيرا إلى أن القضية ليست مهمة بسبب دور الورفلي في السياسة الليبية فقط، لكن للأدلة التي جمعت حول ما فعله، ونشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، وتلاعب بها الدعائيون.
ويبين وينتور أنه تم الكشف هذا الشهر عن 36 جثة وتحمل آثار الرصاص على الرأس وتعذيب في بلدة أبيار، التي تبعد 40 ميلا عن بنغازي، حيث قال حفتر إنه اعتقل الورفلي، لكن هناك أدلة قليلة على حدوث هذا، لافتا إلى أن دبلوماسيين غربيين يحاولون التعامل بتردد مع هذه الحالات، خاصة أنهم باتوا ينظرون لحفتر على أنه رقم سياسي، وهناك إمكانية للسماح له بالترشح في الانتخابات الرئاسية، رغم اتهام جنرالاته بجرائم حرب.
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم هذه النكسات، إلا أن بنسودة تحركت في أيار/ مايو لتوسيع مجال تحقيقها من القادة السياسيين للقادة العسكريين، والطريقة التي يتم فيها التعامل مع المهاجرين، وأخبرت مجلس الأمن الدولي أنها تقوم بجمع أدلة بالتعاون مع منظمات العمل المدني، حول طريقة التعامل مع المهاجرين ممن تم احتجازهم في معسكرات اللجوء، حيث قالت بنسودة إنها تشعر بالغضب لتحول ليبيا إلى سوق تهريب البشر.
ويجد التقرير أن الأدلة الأخيرة عن قيام المتعاطفين مع نظام القذافي باغتصاب الرجال تقدم تحديا للمحكمة الجنائية، حيث جمعت الأدلة منظمات حقوق إنسان تعمل من تونس، لافتا إلى أن منظمة محامين من أجل العدالة قامت بإصدار بيان هذا الأسبوع، تدعو فيه إلى دور فاعل للمحكمة.
وينقل الكاتب عن مديرة المنظمة إلهام السعودي، قولها: "رغم الوعود المتكررة بالتحقيق في الانتهاكات الخطيرة، إلا أن الدولة الليبية لم تقبض بعد على أي شخص لتحاكمه بتهم القتل والتعذيب أو انتهاك المدنيين ومن قبض عليهم وتعذيبهم أثناء ثورة 2011".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول السعودي إنه في ظل غياب آليات الردع على الأرض، فإنه حان وقت تحرك المحكمة.