هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عمل نظام الأسد على تهجير أهالي برزة والقابون، ليتمكن بعدها من السيطرة على جميع الطرق والمداخل المؤدية إلى الغوطة الشرقية، محاربا سكانها بلقمة عيشهم، فكانت مدنها وبلداتها تحت حصار مطبق على الأرض، وقصف مستمر من الجو رغم شمولها ضمن مناطق خفض التصعيد فيها.
يقول الناشط الإعلامي أبو البراء لـ"عربي21": "بعد ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية أصبح وضع الغوطة مأساويا جدا، حيث اشتد الحصار بشكل مكثف بعد تهجير أهالي منطقتي برزة والقابون، إذ كان يتم تهريب بعض المواد الغذائية عن طريق الأنفاق من منطقة القابون، في حين عمل النظام على إغلاق المعابر التي تعد منفذا لإدخال الطعام".
اقرأ أيضا: الماء المغلي.. طعام عائلة سورية محاصرة في الغوطة الشرقية
وتابع أبو البراء: "السوق في الوقت الحالي تشهد ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية والمحروقات بشكل غير اعتيادي، والأهالي غير قادرين على تدبير أمورهم"، مشيرا إلى أن "راتب الموظف في المؤسسات الحكومية يتراوح ما بين 50 إلى 150 دولارا في أحسن الأحوال، وهذا لا يتناسب طردا مع الأسعار المتواجدة، فهو ضئيل جدا لا يعيلهم بشيء".
وعن أسعار المواد، قال: "وصل سعر كيلو السكر إلى 4000 ليرة سورية (حوالي تسعة دولارات)، الرز 2500 ليرة، الشاي 15000 ليرة، الملح 4000 ليرة، وسعر لتر البنزين يتراوح ما بين 7000 و8000 ليرة، وبعضه يكون مخلوطا ببنزين بلاستيكي. وفوق ذلك، فرق سعر الدولار بين الغوطة والعاصمة دمشق بما يقارب 50 ليرة سورية لكل دولار".
وأوضح أبو البراء أن "عددا كبيرا من العائلات في الغوطة الشرقية هم تحت خط الفقر، والقسم الأكثر منهم مهجر من القطاع الجنوبي وقطاع المرج وريف دوما، كما أن هناك بعض المهجرين اليوم من عين ترما، بسبب الحملة المكثفة الذي يحاول النظام أن يقتحم من خلالها البلدة".
من جهة أخرى، تحدث الناشط عن تجار الأزمات في مناطق الثورات والحرب بشكل عام"، مستدركا: "لكن غير الطبيعي أن التجار هم من أبناء الغوطة الشرقية".
اقرأ أيضا: سوء التغذية يهدد حياة الأطفال بغوطة دمشق المحاصرة
وأشار أبو البراء إلى حالات سوء التغذية في المدارس، متحدثا عن "خمس حالات إغماء كل يوم من الطلاب بسبب نقص الطعام والأدوية والغذاء، ما يهدد بمجاعة وعودة للهياكل العظمية وخاصة مع قدوم فصل الشتاء وفقدان مواد التدفئة".
في ذات السياق، قال رئيس المجلس المحلي لمدينة دوما، خليل عيبور، لـ"عربي21"، إن "ارتفاع السعر يعود لتحكم التجار وتخزينهم المواد حتى يتمكنوا من بيعها بسعر مرتفع، مستغلين عدم وجود رقابة مركزية في الغوطة الشرقية؛ لأن الانقسام الذي حصل في الغوطة نتيجة الوضع العسكري من الأسباب التي ساعدت على عدم تمكن ضبط الأسعار بين قطاع دوما وما حولها والقطاع الأوسط"، وذلك في إشارة للصراع بين فيلق الرحمن وجيش الإسلام.
وتابع قائلا: "عندما كان يسمح النظام بدخول بعض التجار من سماسرته لإدخال المساعدات طبعا بإتاوة مرتفعة، كانت أسعار المواد مرتفعة حتى في أثناء فتح المعابر، حيث وصل أقل سعر للمواد الغذائية على سبيل المثال ألف ليرة، وعند مقارنتها بأسعار مدينة دمشق تعتبر مرتفعة ضعفين أو ثلاثة أضعاف".
اقرأ أيضا: صور صادمة لرضيعة سورية تجتاح مواقع التواصل (شاهد)
وأوضح عيبور أن من العوامل المؤثرة أيضا على ارتفاع الأسعار؛ عدد السكان ونسبة الأهالي الموجودين، لافتا إلى أن دوما بمفردها يزيد عدد سكانها عن 80 ألف عائلة، "وهذا يعني أن هناك كثافة سكانية كبيرة ضمن الغوطة الشرقية، فمجرد إغلاق الطريق لفترة قصيرة من الزمن يكون سببا في ارتفاع الأسعار بشكل جنوني"، على حد وصفه.
وأضاف: "80 إلى 90 في المئة من سكان الغوطة تحت خط الفقر، فهم لم يتمكنوا من تأمين احتياجات الشتاء ولا مؤنها، وخصوصا الحطب الذي وصل سعره إلى 320 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد".
وعن دور المؤسسات والمنظمات التي تعنى بالفقراء، قال: "هي قليلة وذات إمكانيات ضعيفة، وتقدم بحسب قدراتها، فمن يحالفه الحظ ويحصل على تمويل من مؤسسة خيرية يستلم 80 دولارا، علما أن الحاجة أكثر من ذلك بكثير".
وأكد على دور المجلس المحلي في مراقبة أسعار المواد والسلع الغذائية بالتعاون مع العديد من المؤسسات، لمنع الاتجار بمواد القمح وغيرها من المواد الرئيسية، مع دعم المخابز الخاصة وتفعيلها بتقديم الطحين حتى يصل الخبز للأهالي بسعر مخفض".
وأنهى حديثه بالقول: "الحاجة كبيرة في الغوطة، والوارد قليل جدا. فالحل يكمن بفتح الطرقات ليساعد على تخفيف المعاناة، ورفع الحصار وإدخال المواد الغذائية والمحروقات".