رغم حالة التفاؤل الحذر التي تسود الشارع
الفلسطيني بقرب إنجاز ملف
المصالحة الوطنية بين حركتي
فتح وحماس، إلا أن محللين وسياسيين فلسطينيين نبهوا إلى أن سيناريوهات فشل المصالحة تظل احتمالا واردا لأسباب متعددة.
ويطرح سيناريو فشل المصالحة الحديث عن احتمالات وخيارات الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركة
حماس، للتعامل مع هذا "السيناريو المتشائم" كما يصفه البعض، في ظل وجود ملفات عالقة، أهمها اختلاف البرامج السياسية بين حماس وفتح، وقضية تحييد سلاح المقاومة عن المشهد السياسي الفلسطيني، إضافة إلى إصرار الرئيس محمود عباس على قراره برفض إزالة الإجراءات التي اتخذها بحق قطاع
غزة؛ إلى حين تمكن حكومة الوفاق من استلام كافة مهامها في القطاع.
وفي هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإسلامية بغزة، خليل النمروطي، إن "التجارب السابقة لحوارات المصالحة بين حركتي فتح وحماس تؤكد أن سيناريو فشل مباحثات القاهرة هو احتمال وارد، خصوصا وأن قضايا مثل سلاح المقاومة وإلزام حركة حماس بالاعتراف بإسرائيل واحترام الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعتها منظمة التحرير؛ ستكون بمثابة حجر عثرة في طريق إتمامها".
وبيّن النمروطي في حديث لـ"عربي21" أنه "في حال فشل المصالحة، فإن حركة حماس ستكون المتضرر الأكبر منها؛ نظرا لما تعانيه من أزمات مالية وعدم قدرتها على الموازنة بين مسؤوليتها في الحكم وثباتها على خيار المقاومة"، وفق تقديره.
أما عن خيارات حماس البديلة، بحسب النمروطي، فهي تنحصر ما بين "المواجهة العسكرية مع إسرائيل، وهذا خيار ربما تراه الحركة بمثابة مخرج من الأزمات التي تعيشها، إضافة إلى عودة الأمور ما قبل مباحثات القاهرة، أي أن حماس تبقى تسيطر على القطاع مع عودة تدريجية لتيار القيادي محمد دحلان؛ مقابل تعهده بتحسين الظروف المعيشية للقطاع"، كما قال.
موقف حماس
بدروه، أشار القيادي في حركة حماس ونائب رئيس كتلتها البرلمانية في المجلس التشريعي، يحيى موسى، إلى أن "حركة حماس بتنازلها عن السلطة، عبر حلها للجنة الإدارية، لم تعد مسؤولة عن إدارة المؤسسات الحكومية في غزة، وقد أوُكلت هذه المهمة للسلطة الوطنية بناء على طلب الجانب المصري لإتمام المصالحة الوطنية"، لذلك فإن "رئيس السلطة محمود عباس وحركة فتح هم من يتحملون مسؤولية فشل جهود المصالحة في حال حدثت بالفعل وليس حركة حماس"، على حد قوله.
وأوضح موسى في حديث لـ"عربي21"؛ أن خيارات حركة حماس للتعامل مع سيناريو فشل المصالحة لن يكون قرارا تقرره حركة حماس بشكل منفرد، منوها إلى أن سيكون هنالك اجتماع مع كل الفصائل والأحزاب السياسية الفلسطينية بما فيها التيار الذي يقوده القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، "لاتخاذ الخطوات القادمة لإدارة شؤون القطاع عبر صيغة توافقية ستكون بديلا للمصالحة مع الرئيس محمود عباس".
دحلان الورقة الرابحة
ويكشف حديث موسى عن أن حركة حماس قد وضعت دحلان كورقة بديلة في حال فشلت جهود المصالحة مع عباس، وهو ما أكدته الكاتبة والمحللة السياسية المستقلة من غزة، ريهام عودة.
وأوضحت في حديث لـ"عربي21" أن "حركة حماس، ورغم تفاهماتها مع الرئيس عباس، إلا أنها لم تقطع علاقاتها بالقيادي محمد دحلان، حتى أثناء حوارات المصالحة مع وفد حركة فتح، وهذا يؤكد أن حماس قد وضعت القيادي محمد دحلان في يدها كورقة رابحة للضغط على الرئيس عباس لإنجاز ملف المصالحة الوطنية"، وفق تقديرها.
واستبعدت عودة أن "تذهب حركة حماس لخيار المواجهة العسكرية مع الجانب الإسرائيلي في حال فشل الجهود المصرية لإنجاز المصالحة؛ كون العوامل والظروف الإقليمية في المنطقة ليست في صالحها، خصوصا وأن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية وقطر، منشغلة بمشاكلها وأزماتها الداخلية، وهذا ليس في صالح الحركة التي ترى بأن انتصارها في أي حرب قادمة مع إسرائيل مرهون بتحسن الظروف السياسية في المنطقة".
وعن خيارات السلطة الفلسطينية للتعامل مع سيناريو فشل المصالحة، قالت عودة إن "إجراءات الرئيس عباس العقابية بحق قطاع غزة سوف تستمر، وربما تكون هنالك إجراءات وعقوبات بشكل أكبر مما كان عليه الوضع قبل جولات الحوار في القاهرة"، على حد قولها.
وبالرغم من مرور 40 يوما على حل حركة حماس للجنة الإدارية التي شكلتها في غزة كسلطة إدارية بديلة لحكومة الوفاق الوطني، إلا أنها ما زالت عمليا تدير القطاع حتى اللحظة، بالرغم من أن اتفاق القاهرة قد نص على تولي حكومة الوفاق الوطني لمسؤولياتها في غزة إلى حين الانتهاء من حل كافة القضايا العالقة وأهمها قضية دمج موظفي حكومة غزة في أجهزة السلطة الفلسطينية.
كل البدائل مرفوضة
بدروه، اعتبر أمين سر المجلس الثوري السابق في حركة فتح، أمين مقبول، أنه من "غير المنطقي الحديث في هذه الفترة عن سيناريوهات بديلة في حال فشلت المصالحة؛ كون جولات الحوار مع الإخوة في حركة حماس لم تنته، ولا يزال هنالك الكثير من الوقت للحكم عن فشل أو نجاح المصالحة".
وأضاف أمين، في حديث لـ"عربي21"، أن "قضية رفع السلطة الفلسطينية للعقوبات المفروضة على غزة لم تكن على جدول مباحثات المصالحة مع حركة حماس في القاهرة"، مؤكدا أن هذا القرار "مرهون بعودة حكومة الوفاق الوطني لقطاع غزة وبسط سيطرتها على كافة مناحي الحياة فيها".
وعن قضية إشراك تيار دحلان في مباحثات المصالحة، قال مقبول إن دحلان و"تياره التخريبي"، كما وصفه، "ليسا ضمن أجندة المصالحة، ولن يكون له أي دور أو مشاركة في أي حكومة فلسطينية سيجري الاتفاق عليها مستقبلا"، بحسب تعبيره.