نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن التاريخ الأسود للنظام السوري، الذي بدأت تفاصيله تنكشف للعالم، خاصة عقب عرض ملف شقيق حافظ
الأسد على المحكمة السويسرية، واتهامه بارتكاب
جرائم حرب في حق الشعب السوري.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن رفعت الأسد متهم بارتكاب جرائم حرب في حماة السورية سنة 1982. وقد وجهت له هذه الاتهامات من قبل
سويسرا، التي لطالما عرفت بالحياد، والتي لم ترفع ولو بندقية واحدة في وجه جيرانها منذ سنة 1515.
وذكرت الصحيفة أن المنظمة غير الحكومية "ترايل إنترناشيونال"، التي تتخذ من جنيف مقرا لها، قدمت شكوى في حق رفعت الأسد، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية لشؤون الأمن القومي والمشرف على سرايا الدفاع، متهمة إياه بارتكاب مجزرتين، وأصبح بذلك يكنى "بجزار حماة". فقد عمد رفعت الأسد، في حزيران/ يونيو من سنة 1980، إلى قتل ما بين 500 و1000 معتقل في سجن تدمر العسكري سيئ الذكر. وجاء ذلك كحركة انتقامية استهدفت مساجين عزلا، على خلفية تعرض شقيقه لمحاولة اغتيال نجا منها بأعجوبة.
وأوضحت الصحيفة أنه عقب مرور سنتين على تلك الجريمة، وجد النظام السوري نفسه في مواجهة تهديد محدق من قبل الإخوان المسلمين، فعمد رفعت إلى مهاجمة معقلهم في حماة. وذهب ضحية المجزرة ما بين 10 آلاف و40 ألف قتيل، أغلبهم من المدنيين من النساء والرجال والأطفال.
في هذا الصدد، أكدت منظمة ترايل إنترناشيونال أن جزءا بأكمله من المدينة سوي بالأرض على يد رفعت الأسد. ومن المفارقات أن التاريخ أبى إلا أن يعيد نفسه، حيث عمل بشار الأسد على اعتماد الأساليب القمعية ذاتها التي استخدمها عمه، إبان خروج المعارضة من حماة، لتواجه نظامه في سنة 2011. فقد أقدم بشار الأسد على قطع المؤونة والكهرباء عن الشعب الأعزل، كما لم يتوان عن شن غارات عنيفة ضد المدنيين.
وأوردت الصحيفة أن العلاقة بين حافظ الأسد وشقيقه، المتهم بمحاولة الانقلاب ضده، ما لبثت أن توترت، ليغادر رفعت إثر ذلك دمشق على وجه السرعة، سنة 1984. في الأثناء، بادر الرئيس فرانسوا ميتيران باستقبال "جزار حماة"، في فرنسا. وحسب تقرير أعدته "فرانس إنفو"، يتمتع رفعت الأسد بثروة تقدر بنحو 90 مليون يورو، فضلا عن فندقين في باريس وقصر تبلغ مساحته 45 هكتارا في إقليم فال دواز.
وتقول الصحيفة إن "السفاح" رفعت الأسد متورط في جرائم أخرى. لاحقت كل من منظمة "شيربا" "وتراسبيرانسي إنترناشيونال" في فرنسا، في حزيران/ يونيو سنة 2016، رفعت الأسد بتهم تتعلق بغسيل واختلاس الأموال العامة، وممارسة أنشطة مشبوهة، وتمت مصادرة ممتلكاته في فرنسا ومدينة ماربيا الإسبانية ولندن.
وأشارت الصحيفة إلى أن القضاء السويسري لا يبذل جهدا كافيا فيما يتعلق بقضية عم بشار الأسد؛ حتى يتاح القبض عليه ومحاكمته. فقد أبدى القضاء السويسري شيئا من المماطلة، ما دفع منظمة ترايل إنترناشيونال إلى عرض ملف "جزار حماة" على المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي.
وذكرت الصحيفة أن رفعت الأسد يتجول بحرية بين قصور جنيف، في حين أن يديه ملطختان بدم المدنيين السوريين. وفي هذا السياق، أوردت صحيفة "لوماتان ديمونش" السويسرية أن عم بشار الأسد أجرى لقاء مع قاض سويسري لمدة ساعتين في فندق ميتروبول في شهر أيلول/ سبتمبر من سنة 2015، ليتم إخلاء سبيله فيما بعد.