تصاعدت سخونة الأحداث العسكرية والأمنية في شبه جزيرة
سيناء، خلال الـ 24 ساعة الماضية، حيث أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي سقوط قذيفتين صاروخيتين أطلقتا في ساعة متأخرة الأحد من سيناء باتجاه مجمع "أشكول" الاستيطاني على الحدود مع قطاع غزة، فيما أعلن الجيش
المصري أن ستة من أفراده قتلوا أثناء التصدي لمحاولة "إرهابية فاشلة" استهدفت نقاط تأمين بمنطقة القواديس في شمال سيناء، وأسفرت العملية عن مقتل 24 مسلحا.
وقتل صباح اليوم الاثنين ثلاثة أفراد شرطة من قوة تأمين البنك الأهلي بمدينة العريش أثناء اقتحام عناصر مسلحين لمبنى البنك الكائن بشارع 23 يوليو وسط مدينة العريش، بعد معارك دارت بمحيط كنيسة ماري جرجس القريبة من البنك أسفرت عن إصابة شرطيين من قوة تأمين كنيسة ماري جرجس وإصابة عنصرين من المسلحين، والاستيلاء على حزينة أموال البنك.
اقرأ أيضا: قتلى وجرحى بصفوف الشرطة والمدنيين بهجوم على بنك بسيناء
وتأتي تصاعد الأحداث في سيناء، بعد يومين من توقيع
المصالحة بين حركة المقاومة الإسلامية (
حماس) وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وإعلان السلطات المصرية فتح معبر رفح مع الجانب المصري لمدة أربعة أيام ابتداء من اليوم الإثنين وحتى الخميس، قبل أن تتراجع القاهرة عن قرار فتح المعبر، بسبب تفجيرات سيناء.
والسؤال الذي يطرح نفسه، من المستفيد من عودة التصعيد الأمني في سيناء بعد يومين من إعلان توقيع المصالحة الفلسطينية؟ وماهي الرسائل التي تحملها عمليات التصعيد الأمنية والعسكرية لأطراف المصالحة الفاعلين في الجانبين المصري والفلسطيني؟ وما تأثيره على مستقبل المصالحة؟.
اعتبر الكاتب والمحلل السياسي المصري، أحمد حسن الشرقاوي، أن تسخين الأوضاع في سيناء الهدف منه ضرب المصالحة الفلسطينية وخلط الوراق مجددا، قائلا إن "المستفيد الوحيد من ذلك هو القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، لأنه المتضرر الوحيد من إتمام المصالحة، بعد تهميشه من المعادلة باتفاق مصري إماراتي".
وأكد الشرقاوي، لـ
"عربي21"، أن دحلان يحاول العودة للمشهد من جديد، وإيجاد موضع له في معادلة المصالحة، واتهمه بتحريك المسلحين التابعين له في العريش وشمال سيناء، موضحا أن دحلان اعترف على فضائيات مصرية بوجود رمسلحين تابعين له في سيناء، حسب قوله.
وحذر الشرقاوي، من سيناريو، "أن يكون التصعيد الأمني في سيناء وإطلاق صواريخ وقذائف باتجاه إسرائيل، هدفه جر إسرائيل لمواجهة عسكرية كبيرة في قطاع غزة، تنتهي باستدعاء دحلان على دبابة إسرائيلية ليكون حاكما عسكريا في غزة، مثلما حدث مع السيسي في مصر".
وأضاف أن إسرائيل تسعى لإعادة تأسيس شبكة تجسس جديدة في غزة، بعد سقوط الشبكة القديمة التي أعلنت حماس عن تفكيكها، على إثر التحقيقات التي أجرتها في ملف اغتيال القيادي الحمساوي مازن فقها، ولن تجد أفضل من دحلان للقيام بهذه المهمة.
اقرأ أيضا: من غزة إلى العالمية.. حقيقة أدوار ومهام دحلان في الإقليم
ومن ناحيته استبعد المحلل الفلسطيني المختص بالشؤون الإسرائيلية عدنان أبو عامر، أن تشن إسرائيل حربا ضد قطاع غزة على خلفية إطلاق صواريخ أو قذائف من سيناء باتجاه مستوطناتها، قائلا إن "الإسرائيليين لديهم رؤية سياسية وأمنية وعسكرية بخصوص الأوضاع في غزة، ومن المتوقع أن يقتصر التحرك الإسرائيلي على استهداف بعض المسلحين أو تقديم معلومات استخباراتية جديدة للنظام المصري عن الأوضاع في سيناء".
وأكد أبو عامر لـ
"عربي21"، أن توتر الأوضاع الأمنية في سيناء ليس بالضرورة أن يكون مرتبطا ارتباطا وثيقا بالمصالحة الفلسطينية، لأن مصر تخوض حروبا عنيفة منذ عدة سنوات ضد المسلحين في سيناء، مضيفا: "لكنه من المنطق أن يتم ربط تلك الأحداث بملف المصالحة الفلسطينية".
وحول إعلان ولاية سيناء التابعة لتنظيم الدولة مسئوليتها عن الأحداث الأخيرة في سيناء، قال عامر، إن "
تنظيم الدولة ربما يشعر بتضرره من توقيع المصالحة، وما ترتب عليه من التقارب بين حماس والنظام المصري والانعكاس السلبي المتوقع حدوثه ميدانيا ضد مسلحي التنظيم.
وتابع: "الجهات التي تقف وراء تلك الأحداث، ربما تستهدف في المقاوم الأول، حرمان النظام المصري من تحقيق أي انجاز في ملف المصالحة الفلسطينية"، مستبعدا أن يكون دحلان وراء تلك الهجمات، "لأنه يعتبر نفسه حليفا وثيقا للنظام المصري، ولن يستفيد دحلان من أي تراجع أو تراخي في القبضة الأمنية المصرية بسيناء"، بحسب قول عامر.
اقرأ أيضا: "الدولة" يتبنى إطلاق صاروخين على "أشكول" جنوب اسرائيل
واتفق الأكاديمي والمحلل السياسي الفلسطيني، إبراهيم أبراش، مع كون العمليات الإرهابية في سيناء سابقة على ملف المصالحة الفلسطينية، مضيفا: "لكن قد يكون لهذه علاقة بشكل ما بجوهر القضية الفلسطينية نفسها، من ناحية تهيئة الأوضاع في سيناء لأي مخطط تسوية قادم، خاصة مع تصاعد الحديث عما يسمونه بصفقة القرن".
وقال أبراش لـ
"عربي21"، إن ما يجري في سيناء قد يكون مرتبطا بإسرائيل أو باتجاهات دولية تستهدف إضعاف مصر والنيل من هيبة الجيش المصري في سيناء، إلى جانب التأثير على محاولات النظام المصري في استعادة دور مصر الإقليمي، مؤكدا أن المصالحة التي تريدها إسرائيل ليست المصالحة التي يريدها الفلسطينيين.
وأضاف:" إسرائيل هدفها من المصالحة هو تطويع حماس لأي أجندة قادمة، وما تم إنجازه في ملف المصالحة حتى الآن لا يخدم الموقف الإسرائيلي بشكل كلي، فضلا عن أن إسرائيل تراهن بشكل كبير على فشل المصالحة التي لا تحقق مستهدفاتها".
اقرأ أيضا: اليوم.. إسرائيل تناقش "المصالحة" ودعوات لفرض عقوبات
وتابع: "بالتأكيد هناك انعكاسات سلبية غيرة مباشرة لتلك الأحداث على مصالح الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كالتراجع عن قرار فتح معبر رفح بحجة تدهور الأوضاع الأمنية"، داعيا الفلسطينيين إلى إيجاد حلول أو بدائل لتخفيف الأوضاع عن قطاع غزة غير مرتبطة بمعبر رفح.