نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للصحافية آني غوين، تقول فيه إن الضريح الأسطوري
تاج محل، الذي أصبح رمزا للحب الأبدي، تعرض في السنوات الأخيرة للإهمال، وتراجع عدد زواره، حيث يحوّل التلوث الجوي رخامه الأبيض إلى اللون الأصفر.
وتقول غوين إن ما جعل الأمور أسوأ أنه تم انتخاب حكومة محلية قومية
هندوسية في ولاية أوتار براديش، التي تضم هذا النصب، وتحرم الموقع المشهور على مستوى العالم من التمويل لترميمه؛ لأنها تراه مدفنا قام
المسلمون الغزاة ببنائه.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن حاكم الولاية الجديد، وهو كاهن هندوسي اسمه يوغي أدنتياناث، جعل مواقفه واضحة من الضريح، فقال في خطابه خلال تجمع لمؤيديه إن ما يبعث على الحزن هو أن الحكومة تهدي نماذج صغيرة لتاج محل لضيوف الشرف الأجانب، مشددا على أن تاج محل "لا يعكس الثقافة
الهندية".
وتذكر الصحيفة أنه لم يتم تخصيص أي مبالغ، في الميزانية الثقافية للعام المقبل، للضريح التاريخي، الذي يعد الأكثر جذبا للسياح في الهند، بالإضافة إلى أنه تم حذف المعلم التاريخي من دليل
السياحة الأسبوع الماضي، ما تسبب بصرخات احتجاج من الحزب الوطني المعارض الرئيسي.
وتورد الكاتبة نقلا عن المتحدث باسم حزب المؤتمر المعارض أبهي شيخ مانو سنغفي، تعليقه على خلو دليل السياحة من تاج محل، بالقول: "إن كان كتيب حول السياحة يستثني تاج محل، فإن هذا من ناحية مضحك، لكن على مستوى آخر فإن الأمر كارثة، إن ذلك مثل القول دعونا نتناول مسرحية هامليت لكن دون أمير الدنمارك"، وقال للمراسلين يوم الاثنين إنه يعد ما حصل "تمييزا واضحا على أساس ديني، وهو في غير مكانه".
ويلفت التقرير إلى أن حكومة أدنتياناث ردت بالقول إنه بدعم من البنك الدولي، فإن الحكومة حددت مبلغ 22 مليون دولار للمعلم؛ لتركيب بوابات جديدة للضريح وتجميله، وبناء مرآب سيارات على عدة طوابق.
وتنقل الصحيفة عن السكرتير الرئيسي لأدنتياناث، قوله: "إن تاج محل هو سابع عجائب العالم، ودائما ما كانت له أولوية، ليس على مستوى ولاية أوتار براديش فحسب، بل على مستوى الهند.. وسيكون دائما مركزيا لسياستنا السياحية، لكن كانت هناك بعض المشاريع الأخرى التي أردنا إبرازها".
وتنوه غوين إلى أن هذا الضريح الشاهق، والموجود على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، شيده الإمبراطور المغولي في القرن السابع عشر الميلادي الملك شاه جهان، ليضم رفات زوجته ممتاز محل، مشيرة إلى أنه يعد من أروع أمثلة العمارة الهندية الإسلامية، حتى أن الشاعر الهندي المشهور رابيندراناث تاغور أسماه "دمعة على خد الزمان".
ويفيد التقرير بأن هذا الضريح كان مقصد السياح الأجانب وسبب زيارتهم، مستدركا بأن الزيارات إليه تراجعت منذ عام 2012، بالرغم من فتح طريق سريع يمكن الباصات السياحية من جلب السياح من العاصمة لزيارة الضريح في أقل من ثلاث ساعات.
وتورد الصحيفة نقلا عن وزارة السياحة، قولها إن 480 ألف سائح زاروا الموقع عام 2015، وهو ما يمثل تراجعا بنسبة 35% عن 743 ألفا زاروه عام 2012، بالإضافة إلى أن عدد السياح المحليين تراجع بأكثر من 113 ألف سائح من 2012 إلى 2015، بحسب المسؤولين.
وتبين الكاتبة أن مسؤولي السياحة أدرجوا أسبابا مختلفة للتراجع، بما في ذلك الحالة الاقتصادية والبنية التحتية الناقصة، والهواجس الأمنية بعد جريمة الاغتصاب الجماعي لفتاة على القطار في نيودلهي عام 2012.
ويشير التقرير إلى أن لاعب كرة السلة الأمريكي الشهير كيفين دورانت، الذي يلعب لفريق غولدن ستيت ووريرز، أثار الجدل عندما وصف الحالة البائسة حول تاج محل بعبارات فظة، بعد زيارة له هناك خلال الصيف خلال جولة رسمية لاتحاد كرة السلة الوطني، حيث قال لموقع Athletic: "عندما كنت أقود سيارتي باتجاه تاج محل، كما ذكرت، كنت أفكر أنه سيكون أرضا مقدسة، محمية حماية جيدة ونظيفا للغاية، وفي الوقت الذي كنت أسير فيه باتجاهه كان مثل الـ(زبالة)، وهذا كان يذكرني ببعض المناطق التي أمر بها عندما كنت طفلا.. طين في منتصف الطريق، وبيوت غير مكتملة البناء لكن يسكنها الناس دون أبواب ولا نوافذ، الأبقار والكلاب السائبة في الطريق، وفجأة يظهر لك تاج محل، واحد من عجائب الدنيا السبع وتقول لنفسك: اللعنة.. هل هذا ما بني قبل 500 عام والكل يأتي لزيارته؟"، واعتذر دورانت لاحقا عما قاله على "تويتر".
وتنقل الصحيفة عن المسؤولين في صناعة السياحة في مدينة أغرا، حيث يوجد تاج محل، قولهم إن إهمال الموقع لصالح مواقع دينية هندوسية أمر يؤسف له، خاصة أنه يحتاج لصيانة، وقال سكرتير نقابة السياحة في أغرا، راجيف ساكسينا: "إن حكومة الولاية الحالية لا تدعم أغرا بصفتها وجهة سياحية؛ بسبب آثارها المغولية، ولم يعلن عن أي ميزانيات لتطوير السياحة، حيث تركيزهم على السياحة الدينية".
وتقول غوين إن حكومة أديتياناث ركزت على ترويج أماكن مثل مدينة فاراناسي القديمة، التي تعد مدينة حج هندوسية، ومدينة غوراخبور، حيث يعمل أديتياناث رئيسا لكهنة معبد كبير، حيث قال ساكسينا إن الحكومة السابقة خططت لإقامة متحف مغولي ومركز توجيه في موقع تاج محل، لكن ليس من الواضح إن كانت هذه المشاريع ستمول أم لا.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول ساكسينا: "إن المشاريع الحكومية يجب أن تمول سنويا، وإن لم يكن هناك تخصيص لحصة لها في الميزانية فإنها ستموت موتا سريعا".