قالت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها إن صمت
أونغ سان سو تشي الطويل تجاه محن
الروهينغا في
ميانمار أمر مخز.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إنه "مع فرار عشرات الآلاف من الروهينغا من ولاية راخين بسبب
الجرائم، فإن هالة القدسية الأخلاقية التي تمتعت بها الفائزة بجائزة نوبل للسلام تحطمت".
وتشير الصحيفة إلى أن "الحكومة تحرم الأقلية المسلمة من الجنسية، مدعية -بالرغم من الأدلة على عكس ذلك- بأن الروهينغا مهاجرون غير شرعيين من بنغلاديش، وبعد عقود من التمييز تحولت الأمور إلى الأسوأ، ومنذ عام 2012 لم يعان الروهينغا من الحرمان الاقتصادي والحقوقي والخدماتي فقط -يعيش الكثير منهم في معسكرات اعتقال- لكن كانت هناك ثلاث موجات من العنف الذي قامت به القوات الحكومية والقوميون البورميون البوذيون، وغضت حاكمة ميانمار الطرف عن ذلك كله".
وتفيد الافتتاحية بأن "الجميع حثوا زعيمة ميانمار على أن تقول شيئا أو تفعل شيئا، لكن إلى الآن كانت كلماتها وأفعالها بسوء ترددها ذاته، وسدت الحكومة الطريق أمام محققي الأمم المتحدة وعمال الإغاثة، ونشرت على صفحة (فيسبوك) الخاصة بها مادة تلقي فيها باللائمة على (الإرهابيين)؛ لنشرهم (كما كبيرا من المعلومات الكاذبة) حول العنف الدائر، وأما إن كانت تشارك في النظرة العنصرية ضد الروهينغا أم لا فهي مسألة جدلية، لكنها لم تقل ما ينفي ذلك، وربما تكون القوى الشعبوية التي تتبنى الإسلاموفوبيا في مناطق أخرى من العالم تشجع لا مبالاتها، وبعد لقائها يوم الأربعاء برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي -المعروف بقبوله واستغلاله للإسلاموفوبيا الوحشية- قال رئيس الوزراء الهندي إن بلده تشارك ميانمار المخاوف بخصوص (العنف المتطرف) في ولاية راخين".
وتلفت الصحيفة إلى أن "الأمم المتحدة وصفت الروهينغا بأكثر الشعوب اضطهادا في العالم، وفر مئات الآلاف منهم إلى بنغلاديش، حيث يعيشون في ظروف رهيبة، وحذر الكثير من مخاطر التسبب بالتطرف، وتسبب الهجوم على الشرطة من حركة مسلحة الشهر الماضي بموجة من العنف قامت به القوات العسكرية الحكومية، وخلال أقل من أسبوعين فر أكثر من 160 ألفا من عدد سكان يزيد على مليون شخص".
وتورد الافتتاحية نقلا عن مسؤولين، قولهم إن المئات الذين قتلوا في "عملية التصفية" هذه معظمهم من المتمردين الذين قاموا بحرق قرى الروهينغا بأنفسهم، مستدركة بأن هناك أدلة كثيرة على أن عدد القتلى أكبر بكثير، ومعظمهم من المدنيين.
وقال الناجون من إحدى المذابح لـ"الغارديان" بأن النار أطلقت على أطفال ومسنين، أو تم إلقاؤهم في الماء ليغرقوا، وتحدث آخرون عن عائلات كاملة تم حرق البيوت عليهم، واتهم تقرير للأمم المتحدة في وقت سابق من العام قوات الأمن بأنها ارتكبت جرائم مشابهة، لكن "كان العنف الأخير على نطاق هائل وغير مسبوق".
وتذكر الافتتاحية أن "الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيرس يدفع باتجاه فعل مشترك، وحذر من مخاطر التطهير العرقي، (وقال عدد من الفائزين بجائزة نوبل بأن الأمر وصل فعلا إلى التطهير العرقي)، لكن ميانمار قالت بشكل علني إنها تعمل مع الصين وروسيا لحمايتها من أي إدانة لها من مجلس الأمن الدولي".
وتقول الصحيفة: "لا تستطيع أونغ سان سو تشي أن توقف الأعمال الوحشية بأمر منها، فالجيش يتحكم بالمهام والمؤسسات الرئيسية للحكومة في الواقع، وأهمها الأمن، بالرغم من فوزها الساحق في الانتخابات، إلا أن الزعيمة التي وصلت إلى السلطة وسلاحها الوحيد لسانها وموقفها الأخلاقي يجب عليها استخدامه مرة أخرى في قضية حقوق إنسان كانت تقول إنها تحارب لأجلها، وبإمكانها تشكيل الرأي العام البورمي، وبأن توجهه نحو وقف العسكر عند حدهم، فزعيمة اغتنمت واستغلت دعم المجتمع الدولي لا يمكن لها أن تهمل مخاوف هذا المجتمع هكذا، فبإمكانها أن تضغط على الداعمين الأجانب للضغط على القوات المسلحة".
وتضيف الافتتاحية: "قد تكون ساعدت على حماية القوات المسلحة من التدقيق والمساءلة (بعباءة الفضيلة) التي تلبسها، والخطر هو أن تقصيرها قد يحول الانتباه، وليس لدى قائد الجيش مين أون هلينغ مكانة عالية يسقط منها، وقليل من يعرف اسمه، لكن يجب أن يعرف اسمه، إنه الرجل الذي يعطي الأوامر، وإيجاد طرق للضغط على الجيش أمر ضروري، وقد يكون تعليق تدريب جيش ميانمار في المملكة المتحدة بداية جيدة".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إن "على أونغ سان سو تشي مسؤولية أخلاقية لحماية الروهينغا، وحاولت هي تجنب هذه المسؤولية، لكنها تشكل جزءا صغيرا من المشكلة ومن الحل الذي يبدو بعيدا".