ينتاب الشارع
الفلسطيني حالة من الشك في إمكانية تحقق
المصالحة الفلسطينية على الأرض، وذلك بعد فشل العديد من لقاءات واتفاقيات المصالحة الفلسطينية السابقة. فما المطلوب من أجل ضمان نجاح مساعي المصالحة الفلسطينية الحالية برعاية مصرية؟
وكانت حركة
حماس قد أعلنت، الأحد، حل اللجنة الإدارية التي تدير قطاع
غزة المحاصر منذ 11 عاما، وذلك استجابة للجهود المصرية، عقب عقد وفد للحركة لقاءات مع قيادة جهاز المخابرات العامة المصرية.
وأكد رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، في مؤتمر صحفي عقده فور عودته للقطاع الثلاثاء، وتابعته "
عربي21"، أن حركته "جاهزة" لاستقبال حكومة الوفاق، موضحا أن "حماس لم تكتف بإصدار البيان (حل اللجنة)، بل اتخذت خطوات عملية، واللجنة عمليا لا تمارس عملها"، كما قال.
كما أبدت حماس موافقتها على إجراء الانتخابات العامة، واستعدادها للذهاب للقاهرة لاستكمال الحوار مع حركة
فتح؛ حول آليات تنفيذ اتفاق القاهرة 2011 وملحقاته، وتشكيل حكومة وحدة وطنية في إطار حوار تشارك فيه الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق 2011 كافة.
وفي المقابل، أعرب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن ارتياحه لقرار حماس، حيث ينتظر العودة للضفة بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقد حاليا في نيويورك، لعقد اجتماع لقيادة فتح لمتابعة ما جرى في القاهرة عقب اجتماع وفد حركته بالمخابرات المصرية السبت الماضي.
الأيام القادمة
وحول المطلوب من أجل نجاح مساعي المصالحة الفلسطينية، شدد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة، على أن "ضمان نجاح تحقيق المصالحة الفلسطينية واقعا على الأرض؛ يتطلب جدية في الدور المصري في مراقبة ومتابعة تنفيذ أدق التفاصيل الخاصة باتفاق المصالحة على الأرض، هذا أولا".
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21": "والأمر الثاني؛ ألا يكون هناك أي رفض أو فيتو أمريكي أو إسرائيلي لموضوع المصالحة، وحتى اللحظة الأمور مطمئنة"، مؤكدا أن وجود هذين الأمرين "قد يؤسس لنجاح هذه المصالحة على مدار الأيام القادمة".
وقارن مخيمر بين "الموقف الإسرائيلي اليوم وما حدث عام 2014، حينما وقع اتفاق الشاطئ، حيث خرج رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وقال: على أبو مازن أن يختار بين السلام مع إسرائيل والمصالحة مع حماس".
وتابع: "هذه المرة حتى الآن لم يخرج أي تعليق إسرائيلي (رسمي) سلبي على ما جرى في القاهرة، وهذا ربما لأن مصر هي من رعت الاتفاق، وذلك على خلاف اتفاق الشاطئ الذي كان برعاية فلسطينية داخلية"، وفق تقديره.
من جانبه؛ أوضح الكاتب والمحلل السياسي، أكرم عطا الله، أن نجاح إتمام المصالحة الفلسطينية "يتطلب الدخول في حوار عميق وجاد من أجل فكفكة الأمور الحقيقية التي تسببت بالانقسام، أو ترك كل شيء والذهاب نحو انتخابات عامة؛ والتي يقع على عاتقها تحديد أي من البرنامجين يريد الشارع الفلسطيني".
حاضن المصالحة
ونوه في حديثه لـ"
عربي21"؛ إلى أن قطاع غزة "سُلخ عن السلطة الفلسطينية، وتأسست فيه منظومة مختلفة عن منظومة السلطة".
وقال: "حتى نقول إن القطاع يجب أن يتبع للسلطة عبر المصالحة، فهذا يعني أن عليه الالتزام بالتزامات السلطة، وهذا أمر صعب بالنسبة لحماس، التي تعتبر أن المصالحة قائمة لكنها تبقي كل شيء كما هو عليه، ومن ضمنها برنامجها وسلاحها وإمكانياتها"، كما قال.
وأضاف عطا الله: "ينبغي إيجاد حل مناسب لهذا الموضوع وفق ما ذكرت سابقا"، معتبرا أنه "حتى الآن لا توجد أي ضمانات لأي شيء، فيما يخص متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه".
وأشار إلى أن "تجربتنا الفلسطينية تذكر أنه تم توقيع اتفاقيتين؛ اتفاقية القاهرة 2011 واتفاقية الشاطئ 2014، وكان هناك اتفاقيات موقعة وشهود وأفراح عمت القطاع، لكن مشهد القاهرة الأخير في هذا الأسبوع كان فقيرا قياسا بما سبق؛ حتى أن الوفود لم تجتمع"، وفق قوله.
ورأى المحلل السياسي ما حدث بالقاهرة باعتباره "بداية تحتاج لضمانات، وعلى مصر أن تتسلح بجامعة الدول العربية حتى تشكل كل هذه الكتلة العربية حاضنا للمصالحة بما تمتلكه من إمكانيات".
وتابع قائلا: "الفلسطينيون بحاجة للدور المصري، وهو الأكبر والأبرز والأكثر ضمانة.. محتاجون للأردن بما تمتلكه من قوة ضغط على الضفة الغربية، إضافة إلى أنهم بحاجة لدول الخليج باعتبارها قادرة على تمويل أي مصالحة فلسطينية"، وفق عطا الله الذي شدد على ضرورة أن تشكل الجامعة العربية "الضمانة الأبرز لأي اتفاق قادم في حال توصلت الأطراف الفلسطينية إلى حل للقضايا القائمة"، على حد قوله.