ازدهرت حركة العمران في محافظة
إدلب بعد فرض مناطق خفض التصعيد فيها قبل أشهر، إذ بدأ الأهالي بالعودة من مخيمات اللجوء على الحدود السورية التركية إلى مدنهم وقراهم، وعملوا على إعادة
الإعمار والكثير منهم اضطر لبناء منزل جديد كونهم إما لا يملكون منازل أو دمر بسبب القصف.
لكن هذه الحركة بدأت بالتراجع بسبب الارتفاع الكبير في أسعار
مواد البناء، لاسيما بعد إصدار قرار من الجانب التركي في معبر باب الهوى بمنع دخول هذه المواد حتى إشعار آخر، وإدخالها من معبر باب السلامة لتمر عبر المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الكردية، والتي تفرض على دخولها إلى إدلب ضرائب باهظة.
تسبب ارتفاع المواد في توقف أصحاب أكثر من عشرين مهنة وحرفة "نجار الباطون، المليس، المعمار، عمال حفر الأساسات، الحداد، معلم الصحية، الكهرباء" وغيرهم عن العمل، وتعطلهم بعد أن كان عملهم قد وصل إلى مرحلة جيدة في الأشهر الماضية.
خالد أبو عيسى من جبل الزاوية، تحدث لـ"
عربي21" قائلا: "كنت نازحا إلى المناطق الحدودية وعشت فيها لمدة سنتين وعندما دخل خفض التوتر حيز التنفيذ، عدت إلى قريتي وكان منزلي مدمرا بفعل قصف الطيران الحربي السوري، فقررت بناء منزل صغير يتألف من غرفتين ومنافعها كي آوي عائلتي فيه".
يتابع "بالفعل بدأت بحفر الأساس وأتممت العمار حتى وصلت إلى صبة المنزل أو السطح، وكانت وقتها الأسعار مقبولة إذ كان سعر طن الأسمنت يتراوح بين 55 و60 دولار أمريكي، كما أن طن الحديد كان يتراوح بين 400 و430 دولار أمريكي.
يضيف أبو عيسى، أنه بعد أن صدر القرار من معبر باب الهوى بتوقف المواد ارتفعت الأسعار بشكل كبير، إذ وصل سعر طن الأسمنت الآن إلى 108 دولار، أي أن الكيس الواحد يتجاوز سعره 3000 آلاف ليرة سورية، كما أن طن الحديد وصل إلى 700 دولار أمريكي تقريبا، كما أن سعر اللبنة وصل إلى 125 ليرة سورية بعد أن كان بـ80 ليرة سورية.
ويتابع، "هذه الأسباب دفعتني إلى التوقف عن البناء بشكل كامل، وهذا حال المئات أمثالي، واضطررت للبقاء في العيش حاليا في منزل أخي ريثما تتكرم السلطات التركية علينا وتفتح المعبر أمام المواد التي نحن بأمس الحاجة إليها، حسب وصفه.
من جهته، قال حمزة أبو محمد، من قرية معراته، ويعمل في مجال العمار، لـ"
عربي21": "بعد أن دخلت الهدنة حيز التنفيذ بفترة قصيرة بدأ الطلب بشكل كبير على البناء، وعاد عملي كما لو كان أفضل من قبل الثورة، وكنت دائما أجبر على أن أوزع الأدوار على كل من يريد العمار".
وأردف: "كما أنني كنت أتهرب أحيانا من البعض بسبب كثرتهم، وبقينا على هذا الحال طيلة الأشهر المنصرمة من الهدنة، غير أن توقف دخول المواد قلب الموازيين بشكل كامل، حيث قل الطلب بشكل كبير جدا إلى أن توقف بشكل تقريبي، وأصبحنا نحن من يقوم بالبحث عن عمل الذي ربما أصبح معدوما.
وتابع أبو محمد قائلا: "في الحقيقة هذا حالي وحال أصحاب العشرات من الحرف والمهن التي تخص البناء، حيث أن أغلب الذين يعملون بهذا المجال أصبحوا عاطلين عن العمل تقريبا".