دفعت العقوبات والإجراءات المالية الأخيرة التي أعلنها الرئيس
الفلسطيني محمود عباس بحق قطاع
غزة، إلى إعلان اتحاد المقاولين الفلسطينيين التوقف عن إصدار عطاءات لمشاريع المقاولات في قطاع غزة لمدة ثلاثة أشهر بسبب الظروف الاقتصادية الخانقة التي يعيشها قطاع غزة.
ويعاني قطاع غزة من ضعف حاد في السيولة النقدية خصوصا فئة الدولار، منذ بدء إجراءات الرئيس عباس بحق القطاع قبل نحو خمسة أشهر من الآن، ما دفع البنوك إلى وضع قيود مالية لتحصين نفسها من إمكانية تعثر المقاول من تسديد ديون البنك عليه للمشاريع التي يشرف عليها.
انهيار تام
ويعتبر
قطاع المقاولات ركيزة أساسية من تركيبة الاقتصاد في قطاع غزة حيث "يساهم بنحو 35 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للقطاع، أما عن عدد العاملين فيه فيقدر بنحو 80 ألف عامل، وفي حال توقف المشاريع فهذا يعني انضمام عشرات الآلاف إلى صفوف العاطلين عن العمل"، وفق ما أشار إليه رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية في المجلس التشريعي، جمال نصار.
وأضاف نصار في حديث لـ"
عربي21" أن "هناك مؤشرات حقيقية تدلل أن القطاع الخاص في غزة مهدد بالانهيار في أي لحظة في حال استمرت إجراءات الرئيس عباس بحق قطاع خلال الفترة القادمة".
وأشار نصار إلى أن "المشاريع الإنشائية التي تمول من الخارج شبه متوقفة منذ حوالي ثلاثة أشهر باستثناء بعض المشاريع القطرية ضمن منحة إعادة الإعمار، ويعود ذلك إلى ضغوط الرئيس عباس على الدول المانحة بالتوقف عن تمويل المشاريع في غزة لأغراض سياسية هو كسر حالة الصمود التي يعيشها سكان القطاع".
حديث نصار عن إمكانية انهيار القطاع الخاص في غزة أكده منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، روبرت بايبر، منتصف هذا الشهر من أن الوضع الإنساني في غزة ينذر بخطورة "انهيار قطاع الخدمات، ما يؤثر على مجمل القطاعات الاقتصادية الأخرى، وأن الأمم المتحدة تنظر بخطورة إلى ما وصلت إليه التجاذبات السياسية بين حكومة غزة ورام الله".
خسائر بعشرات الملايين
بدوره قال مدير عام التخطيط والسياسات في وزارة الاقتصاد الوطني في غزة، د. أسامة نوفل، أن "قطاع المقاولات في غزة تكبد خلال الأشهر الخمسة الأخيرة خسائر تقدر بعشرات الملايين من الدولارات نتيجة توقف الدول المانحة تسديد مستحقاتها المالية للمقاولين في غزة، وهذا ما يؤكد أن احتمالية انهيار قطاع المقاولات في غزة هو أمر وارد في أي لحظة ما لم يتم وقف هذه الإجراءات من قبل السلطة في رام الله".
ونوه نوفل في حديث لـ"
عربي21" إلى أن "أي مؤسسة دولية تعمل في الأراضي الفلسطينية يجب أن تأخذ موافقة السلطة في مجالاتها المختلفة، وبما أن السلطة تواصل فرض عقوبات على قطاع غزة فبالتأكيد فإن تلك المؤسسات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني سيبقى عملها مرهون بالمساحة التي تمنحها السلطة لهم".
وقال إن المتتبع للشأن الاقتصادي يلاحظ أن "أنشطة تلك المؤسسات تراجعت بعد فرض السلطة المزيد من العقوبات على القطاع واكتفت ببث نداءات تطالب الأطراف الفلسطينية بتغليب المصلحة العام".
إفلاس المقاولين
بدوره قال رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية من غزة، محمد أبو جياب، إن "ما يجري الآن في غزة من فرض عقوبات مالية على مجمل القطاعات الاقتصادية من قبل الرئيس عباس، سيدفع الدول المانحة إلى إعادة توجيه أموال المنح والمشاريع الممولة في غزة نحو الضفة الغربية على اعتبار أن الظروف السياسية التي تعيشها غزة ليست آمنة ولا تسمح باستمرار خطط التنمية فيها وهذا ما يهدف إليه الرئيس عباس من إجراءاته الأخيرة ضد غزة". على حد قوله.
وتابع المحلل الاقتصادي، أن "الأيام القليلة القادمة ربما تشهد إعلان إفلاس عدد من المقاولين، نظرا لعدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم المالية بسبب توقف العطاءات والمنح، إضافة لعدم قدرتهم على دفع رواتب العاملين في شركاتهم، وهذا أمر سيكون له تبعات خطيرة على الأمن الاقتصادي والمجتمعي لغزة".
وأوضح أبو جياب في حديث لـ"
عربي21" أنه "لا يمكن تصور ما ستؤول إليه الأوضاع الاقتصادية للقطاع في حال استمرار هذه الإجراءات، ولكن من المؤكد أن قطاع غزة على حافة الانهيار التام في أي لحظة، إذا لم يتحرك الجانبان بأسرع وقت لإنهاء ملف المصالحة الوطنية".
ووفق تقارير البنك الدولي فإن نسبة
البطالة في غزة هي الأعلى عالميا حيث تجاوزت نسبتهم حاجز 46 في المئة ووصل عددهم لنحو 230 ألف عاطل عن العمل، كما ارتفعت معدلات
الفقر في غزة ليتخطى حاجز 65 في المئة، كما أن 80 في المئة من أهالي غزة يعتمدون على المساعدات الدولية نظرا لحالة الفقر المدقع التي تعيشها أسر القطاع.