كشف المتحدث باسم وزارة
الخارجية المصرية في تصريحات صحفية؛ عن إلحاق الدبلوماسيين الجدد بالكلية الحربية لمدة ستة أشهر، كفترة تأهيل.
ومن المقرر، بحسب المتحدث، أن يبدأ تطبيق هذا النظام العام الحالي، مبينا أن الإناث سيكون مبيتهنّ بمعهد التمريض للقوات المسلحة.
وبرر أبو زيد ذلك بأنه لصقل موهبة الدبلوماسيين، والاطلاع على المخاطر التي تتعرض لها البلاد وأهم ما يواجه الأمن القومي المصري، وفق قوله.
وكان أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى السيد، قد كتب على صفحته الشخصية في فيسبوك، قبل عدة أيام عن "عقاب بلا مساءلة لدبلوماسيين بارزين بتهم تتعلق بالتعاطف مع الإخوان أو تأييد ثورة يناير"، كما تحدث عن تلك الدورة التأهيلية للمقبولين الجدد متسائلا: "ألا تستحق هذه الأوضاع مناقشة عامة على نطاق واسع؟".
"ينقصهم الولاء والانضباط"
وذكر السيد في حديث خاص لـ"عربي21"؛ أن فترة الستة أشهر ستكون من "ضمن العام الذي يقضيه الملحقون الجدد في المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية"، مضيفا أنه "لا يعرف تفاصيل ما سيُدرّس بالكلية الحربية، لكن ما يعرفه أن فترة العام في المعهد الدبلوماسي غير كافية لتدريبهم على المهارات الضرورية للعمل الدبلوماسي".
وفسّر أستاذ العلوم السياسية ذلك القرار بأن "هناك تصورا (لدى النظام) أن المدنيين عموما، وليس فقط شباب الدبلوماسيين، ينقصهم الانضباط وروح الولاء للوطن والنظام، مع مراعاة التمييز بين مفهومي الوطن والنظام، والوسيلة الوحيدة لكي يتشربوا الولاء لهما قضاء فترة في المؤسسة العسكرية"، وفق قوله.
وتابع قائلا: "هذا ليس صحيحا، فهناك مؤسسات منضبطة في مصر، والانضباط لا يحتاج لقضاء وقت في مؤسسة عسكرية، بل
بوضع قواعد صارمة تنطبق على الجميع".
واعتبر السيد أن هذا التوجه "يضفي مزيدا من مظاهر العسكرة على الدولة المصرية"، وهو فوق كل ما جرى في العهود السابقة منذ 1952، مؤكدا على أن "تحديات الأمن القومي يكفي عمل محاضرات حولها في المعهد الدبلوماسي وبنفس محاضري
الكلية الحربية"، وفق تقديره.
لا مكان للسياسة
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة: "لم أرَ أصل الموضوع، لكن هناك أكثر من مقالة تحدثت عنه مما يشير إلى صحّته".
وقال لـ"عربي21": "يبدو أن هناك محاولة لإحكام قبضة الأجهزة الأمنية على كل مرافق الدولة، كالأجهزة القضائية والديبلوماسية والتعليمية والأزهر"، وأشار إلى أن "هناك رؤية أمنية لكيفية التحرك نحو المستقبل في مصر؛ لا مكان فيها للسياسة ولا للنخبة المدنية، وإنما هناك أوامر إدارية تصدر دون دراسة كاملة، والكلمة العليا فيها للأجهزة الأمنية" محذرا من أن "هذا منزلق خطير جدا"، كما قال.
وعن ارتباط هذه الدورة التأهيلية بالتوعية بمخاطر الأمن القومي، تساءل نافعة: "ألا يوجد من يعرف الأمن القومي سوى الجيش؟ وهل تحدياته غير معروفة في
الديبلوماسية المصرية؟ وهل معنى ذلك أن الدبلوماسية المصرية العريقة لم تكن لديها رؤية للأمن القومي ولا مخاطره ولا كيفية مواجهتها؟".
وتابع قائلا: "المفترض أن أول جهاز لديه الوعي بمخاطر الأمن القومي هو وزارة الخارجية، لكن أن يصبح الجيش بسبب وجود السيسي على رأس الدولة هو المحدد لمصادر تهديد الأمن القومي في الظروف الراهنة، فهذا أمر يثير القلق؛ لأنه سيوجه لخدمة النظام وليس لخدمة الدولة المصرية"، وفق تقديره.
وأوضح نافعة أن "هناك نظرية قديمة في الأمن القومي المصري تقول إن مصادر تهديد الأمن القومي المصري تأتي من الشرق ومن إسرائيل، ومعظم الغزوات أتت من هذا الطريق"، كما أن "نظرية الأمن القومي المصري" كما لا تغفل "قضية مياه النيل، وضرورة أن تمد مصر بصرها لما وراء الحدود الجنوبية لتحافظ على تدفق مياه النهر".
وأشار إلى أن هذه الأمور "ثوابت في السياسة الخارجية المصرية، وهي ثوابت أفرزتها الجغرافيا السياسية لمصر". وتابع: "لا أظن أن الجيش لديه رؤية أخرى، إلا إذا كانت رؤية أمنية متعلقة بهواجس النظام تجاه مصادر جديدة للأمن القومي"، على حد قوله.
سابقة مصرية
من جهته، أكد السفير السابق، إبراهيم يسري، لـ"عربي21" أنه "لم يسمع أن ديبلوماسيين أخذوا دورات عسكرية، لا في مصر ولا في أي دولة بالعالم".
وعن وجود دورات تدريبية للديبلوماسيين في جهاز المخابرات العامة، قال يسري: "الدورات التي تتم بمعرفة جهاز الاستخبارات تكون لتعليم الدبلوماسيين كيفية عمل أجهزة الاستخبارات في العالم، فهي بغرض مكافحة التجسس، وهذا معروف في كل دول العالم، وتكون مدتها بحسب احتياج كل دفعة".
وعلى صعيد متصل، يقوم رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمود حجازي برئاسة اللجنة الوطنية المعنية بالأزمة الليبية، وهو عمل كان من المفترض أن تقوم به وزارة الخارجية المصرية. وتقوم الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية في فيسبوك؛ بتغطية لقاءاته مع أطراف الأزمة الليبية.
وأشارت الصفحة في منشور سابق، أثناء زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لباريس ولقائه باللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر؛ أن وزير الخارجية ينقل "تحيات الفريق حجازي لحفتر". وليس من المعتاد أن يشير وزير خارجية لشخصية عسكرية، فضلا عن كونه رئيس الأركان لا وزير الدفاع، في إشارة واضحة لمراكز قوة صنع القرار الديبلوماسي، وفق متابعين للشأن المصري.