يشهد الملف العسكري لمدينة
دير الزور تحركا سياسيا تقوده الولايات المتحدة، للخروج بصيغة توافقية تحدد الأطراف الذي ستتولى قيادة المعارك المقبلة ضد
تنظيم الدولة هناك.
والتوجه الأبرز في هذا السياق؛ الرغبة الأمريكية بتشكيل "جيش التحرير الوطني" الذي سيضم فصائل تضم عناصر محلية، مثل جيش مغاوير الثورة وقوات النخبة، ثم الحديث عن احتمال انتقال فصيل أسود الشرقية للجبهة الجنوبية لدير الزور، في وقت تصر فيه قوات
سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تشكل
الوحدات الكردية عمودها الفقري، على ضرورة التنسيق معها والحصول على موافقتها قبل التحرك عسكريا.
اقرأ أيضا: "الدولة" يفرض التجنيد الإجباري على شبّان دير الزور (بيان)
ويفسر بعض المراقبين إصرار "قسد" المشغولة بمعركة الرقة؛ على رفض أي سيناريو عسكري قد يكون من شأنه استبعادها عن معركة دير الزور، بأن هذه المنطقة غنية بحقول النفط.
وتشير التقديرات الحالية إلى أن الولايات المتحدة، ماضية في قرارها الذي يستنثي قوات سوريا الديمقراطية من المشاركة في معركة دير الزور، مع الأخذ بعين الاعتبار أن يعاد النظر في ذلك، في حال فشلت الفصائل في حشد العدد الكافي من المقاتلين، لخوض معركة توصف بـ"أنها معركة غير عادية".
وفي هذا الإطار، رأى الباحث السوري مهند الكاطع، أن "خصوصية دير الزور" تمنع الولايات المتحدة من التفكير بالسماح لـ"قسد" بدخولها.
وألمح الكاطع إلى الحساسية الشديدة بين أهالي دير الزور وبين الأكراد التي تعود إلى ما قبل اندلاع الثورة السورية، وتحديدا إلى العام 2004، تاريخ الأحداث التي شهدتها مدينة القامشلي، أو ما يعرف بـ"الانتفاضة الكردية".
اقرأ أيضا: هل يتقدم النظام نحو دير الزور بتنسيق مع أمريكا؟
وحسب الباحث، فقد أخذت أحداث القامشلي بعدا قوميا شرق سوريا، مضيفا: "من هنا يأتي الحذر الأمريكي؛ لأن لاحتمال دخول قسد، التي يشكل الأكراد عمادها، ردود فعل شعبية كبيرة"، كما قال.
وأضاف الكاطع لـ"عربي21": "علاوة على ذلك، لقد التقط الأمريكان إشارات تحذيرية عديدة أخرى تصب في هذا الجانب، منها ما شهدته مدينة الرقة من عمليات استهداف للمواطنيين العرب، من قبل قوات قسد، بما في ذلك التهجير والإعدام الميداني، والاعتداءات المروعة".
كما اعتبر الكاطع أن استبعاد أمريكا لـ"قسد" من معركة دير الزور؛ رسالة طمأنة لتركيا، بأن مهمة هذه القوات ستنتهي في الرقة.
ويعتقد الباحث السوري أن معركة دير الزور "اختبار حقيقي للموقف الأمريكي في سوريا". وقال: "لننتظر إن كان دعم الولايات المتحدة العسكري الذي ستقدمه للفصائل المحلية موازيا للذي قدمته لقسد، أم سيكون ذلك الدعم دون المستوى المطلوب، في محاولة منها إفشال أي نجاح لقوات بديلة عن قسد"، على حد قوله.
من جهته، لا يعتقد الصحفي محمد حسان، من مدينة دير الزور، أن "قسد" ستُستبعد عن معركة دير الزور، وذهب إلى القول بأن المعركة لن تبدأ دون التنسيق معها.
ويضيف لـ"عربي21": "لكن هذا التنسيق مرهون بانتهاء معركة الرقة؛ لأن قسد ليس لديها القوة الكافية للدخول في معركتين ضد التنظيم في الرقة ودير الزور في آن".
اقرأ أيضا: فورين أفيرز: ما دلالات توقف أمريكا عن دعم المعارضة السورية؟
وحول قدرة القوى المحلية على خوض معركة دير الزور، أشار حسان إلى ضرورة وجود دعم دولي لأبناء المحافظة، معتبرا أن "إن الولايات المتحدة قادرة على جمع أبناء المحافظة في كيان عسكري واحد"، حيث أن الخلافات فيما بين أبناء المحافظة والتي كانت تعيق ذلك، "قد انتهت"، وفق تقديره.
وقال إن "أبناء المحافظة في عجلة من أمرهم لبدء معركة بهدف استعادة المدينة من تنظيم الدولة، وهم في سباق مع الزمن، خصوصا وأن قوات النظام وصلت إلى حدود المدينة الإدارية من الجهة الغربية، قادمة من ريف الرقة الشرقي".
ورأى حسان أن هناك شبه توافق روسي أمريكي على تقاسم دير الزور، حيث من المتوقع أن تكون الضفة الجنوبية لنهر الفرات (الشامية) تحت سيطرة قوات النظام، مقابل سيطرة الولايات المتحدة على المناطق الواقعة على الضفة اليسرى لنهر الفرات (الجزيرة).