بعد مرور عامين على قيام السلطات الأندونيسية بتسليمه لأبو ظبي واختفائه، ظهر المعارض
الإماراتي والقيادي في جمعية الإصلاح الاجتماعي عبد الرحمن صبيح السويدي على شاشة القناة الرسمية، ليدلي بجملة من "الاعترافات" ويهاجم قطر.
السويدي الذي كانت السلطات الإندونيسية اعتقلته عام 2015 رغم طلبه اللجوء السياسي عقب خروجه من الإمارات، التي حكمت عليه بالسجن 15 عاما لمشاركته في التوقيع على وثيقة تطالب بالإصلاح السياسي، عمدت إلى تسليمه لضباط المخابرات الإماراتية بطريقة أشبه بالاختطاف، وفقا للعديد من التقارير الحقوقية.
وكشف مصدر إماراتي لـ"
عربي21" أن ظهور السويدي على شاشة أبو ظبي لم يأت "بشكل طوعي وبرغبة منه في الاعتراف" كما روجت القناة، بل كان تحت "التهديد والإكراه" وخاصة حديثه عن "ندمه" وتراجعه عن معارضة النظام السياسي في الإمارات.
وقال المصدر الذي رفض الإفصاح عن اسمه، إن السويدي "تعرض لتعذيب شديد بعد اختطافه من إندونيسيا، وبقي مختفيا قسريا لمدة زادت على 100 يوم قبل أن يظهر في المحكمة الاتحادية عام 2016، وتجرى له محاكمة شكلية بناء على ادعاءات زائفة".
ووصف نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إجابات السويدي بأنها كانت "ملقنة" و"معدة مسبقا"، التي تحدث فيها عن اتخاذ قطر مؤسساتها الخيرية حول العالم كـ"ستار لتمويل الإرهاب"، كما جاء في المقابلة.
وجاء في مقابلة السويدي قوله، إن "قطر يخرج منها المال وفتاوى القرضاوي"، وأنها تمثل "الأرض الآمنة لجماعة الإخوان المسلمين"، وأن قناة الجزيرة "مقر لتدريب الهاربين وأعضاء التنظيم السري".
وحول تعرض السويدي للتعذيب عقب تسليمه للإمارات قال المذيع بسخرية، إن البعض "أفاد بأن يدك قطعت في السجن" علما بأن التقارير الحقوقية لم تورد هذه القصة، بالإضافة إلى حديث السويدي عن ما وصف بـ"الطعام الجيد" و"المعاملة الرائعة" من قبل الضباط الإماراتيين بعد نقله من إندونيسيا.
لكن البنية النحيلة التي ظهر فيها السويدي على شاشة أبو ظبي تشير إلى عكس ذلك؛ فعند مقارنة صور السويدي في إندونيسيا قبل تسليمه للإمارات التي كان يبدو فيها ببنية ممتلئة، يظهر الفرق مع ما ظهر عليه خلال المقابلة أول أمس.
وقالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في حينه، إن عناصر من المخابرات الإندونيسية قاموا بتسليم السويدي لستة عناصر من مخابرات الإمارات، حضروا خصيصا إلى جاكرتا لاعتقاله.
وأوضحت المنظمة أن السلطات الإندونيسية طلبت من محامي السويدي ليلة تسلميه الحضور إلى مقر احتجازه في العاصمة؛ لإكمال إجراءات الإفراج عنه بعد انتهاء مدة الحبس الاحتياطي.
ولفتت إلى أن الإجراءات تأخرت لليوم التالي وأفاد المحامي أنه فوجئ بحضور ضباط المخابرات من البلدين، واقتادوا السويدي إلى طائرة خاصة نقلته إلى أبو ظبي.
ورغم المناشدات والمطالبات التي قدمتها منظمات حقوقية لإندونيسيا بخطورة تسليم السويدي لبلده؛ خوفا على حياته ولتعارض ذلك مع المواثيق والمعاهدات الدولية التي تحمي طالبي اللجوء السياسي، إلا أن جاكرتا أقدمت على تسليمه لأبوظبي، التي يعد سجلها الحقوقي حافلا بحالات التعذيب والإخفاء القسري لفترات طويلة لمعتقلي الرأي والسياسيين، وفقا لتقارير دولية.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ومنظمة الكرامة الحقوقية قالت في تقارير منفصلة لها، إن محتجزين في السجون الإماراتية تعرضوا لإساءة معاملة ممنهجة شملت التعذيب والإهانات والعقوبات القاسية.
وحصلت المنظمات على أكثر من 20 شهادة من بعض معتقلي "وثيقة الإصلاح" الـ 94 شخصا، الذين اتهموا بالتخطيط لقلب نظام الحكم بعد مطالبتهم بالإصلاح السياسي بشكل سلمي في الإمارات.
وقالت المنظمات إن الشهادات التي سربها المعتقلون من سجون جهاز أمن الدولة الإماراتي، تتوافق مع اتهامات معتقلين آخرين بممارسة التعذيب في سجون الجهاز، وتشير إلى أنها عملية ممنهجة.
ونقلت المنظمات عن أحد المعتقلين قوله إن عناصر جهاز أمن الدولة الإماراتي قاموا بضربه بـ"أنبوب بلاستيكي على جسمي كله، وتم تقييدي إلى مقعد وتهديدي بالصدمات الكهربية إذا لم أتكلم، وتعرضت للسباب والمهانة".
يشار إلى أن 94 شخصية سياسية وأكاديمية إماراتية ما زالت تقبع خلف القضبان بسبب إصدارها وثيقة سياسية رفعتها إلى رئيس الدولة، تدعو لإحداث إصلاحات سياسية تتيح للمواطنين مشاركة أوسع في القرار السياسي.
وتعرض الموقعون للسجن وتوجيه تهم نالوا عليها أحكاما عالية بالسجن، علاوة على سحب جنسياتهم وتعرض أسرهم لمضايقات واسعة، وصلت إلى حد
اعتقال أبنائهم وبناتهم واحتجازهم فترات طويلة بحجة التحريض لإطلاق سراحهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.