أعلن الائتلاف
المغربي لحقوق الإنسان المكون من 22 جمعية حقوقية، وقوع العديد من انتهاكات
حقوق الإنسان ارتكبتها القوات العمومية وبعض من رجال السلطة المحلية، كما ارتكبت انتهاكات من طرف جماعات "بلطجية"، بتحريض أو تغاض من السلطات العمومية.
التقرير الذي تم تقديمه خلال ندوة صحافية، الأربعاء، حمل عنوان "تقديم نتائج عمل لجنة تقصي الحقائق حول مجمل التطورات التي يعرفها إقليم
الحسيمة".
عنف الشرطة
وقال التقرير، الذي تتوفر "
عربي21" على نسخة منه، إن القوات العمومية تدخلت بعنف مفرط وبكثافة لفض تجمعات سلمية، استعملت فيها القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه والعصي، نجم عن هذه التدخلات عشرات من الجرحى، بمن فيهم مواطنون خرجوا للتزود بالمؤونة، أو لقضاء مآربهم.
وسجل التقرير أن "الأغلبية الساحقة ممن تعرضوا للاعتقالات هم شباب، وكانت هذه الاعتقالات عشوائية ومرفقة بالعنف، وأنه تم تجريد معظمهم من النقود وهواتفهم النقالة".
ورصد التقرير "حدوث انتهاكات مرتبطة بمداهمة البيوت بحثا عن شباب ثبت أنهم شاركوا في تظاهرات احتجاجية أو صوروا عنف القوات العمومية".
التعذيب
وكان لافتا تضمين التقرير الحقوقي إقرارا رسميا من قبل مؤسسة عمومية تفيد بتلقيها معتقلين مصابين من أجل تقديم العلاجات اللازمة.
ونقل التقرير شهادة مندوب الصحة بإقليم الحسيمة لأعضاء لجنة التقصي، الذي أفاد بأن "المستشفى الإقليمي محمد الخامس استقبل 19 معتقلا لتلقي العلاج".
وأفاد التقرير أنه "بعد حملة الاعتقال اتخذ استعمال العنف طابع الانتقام من بعض المعتقلين، فقد صرح المحامون الذين اجتمعت بهم اللجنة أن من المعتقلين من تعرض للركل واللكم على طول الطريق وتجريد بعضهم من ملابسهم أمام معتقلين آخرين".
وسجل التقرير أن "آثار الجروح والإصابات لا تزال ظاهرة على رؤوس أو وجوه أو ظهور أو أطراف بعض المتعقلين عند مثولهم أمام المحكمة".
وأكد التقرير أنه "بلغ إلى علم فريق التقصي إفادات بالتعذيب داخل مخافر الشرطة، من ضرب وعنف ومعاملة سيئة وتهديد، ومختلف الممارسات الحاطة من الكرامة".
الزنازين الانفرادية
واعتبر التقرير أن جميع المعتقلين على ذمة ملف الحسيمة تم وضعهم في زنازين انفرادية بسجن عكاشة بالدار البيضاء ويعيشون ظروفا صعبة.
وأورد المصدر ذاته، أن "فسحة الزيارة خلال 24 ساعة لا تتجاوز 10 دقائق، مبرزا أن أسر المعتقلين يعانون أيضا كثيرا أثناء زيارتهم، حيث لا يتم منحهم سوى 10 دقائق من أجل زيارة أبنائهم".
وزاد بأن "الأسر تقضي أحيانا أوقاتا طويلة من أجل السماح لها برؤية أبنائها، رغم أنهم يكونون متعبين جدا جراء السفر من الحسيمة إلى الدار البيضاء".
وسجل من "بين الخروقات الخطيرة التي تم رصدها في هذا المجال، منع إحدى الأمهات من الحديث مع ابنها باللغة الأمازيغية".
ولاحظ التقرير عدم التناسب في الإنزال الأمني وتدخلاته المفرطة في استعمال القوة، ضدا على الحركة الاحتجاجية والمطلبية، والتي اعتمدت أشكال السلمية في التعبير عن مطالبها العادلة والمشروعة. فضلا عن أن "الهجومات الاستفزازية للقوات العمومية على المتظاهرين دفعت أحيانا إلى ردود فعل مماثلة من قبل بعض المتظاهرين" يضيف التقرير.
فتح تحقيق
وسلط التقرير الضوء على مجموعة من الأحداث المتعاقبة التي ساهمت في تأجيج الوضع، داعيا إلى فتح تحقيق شامل فيها.
ودعا إلى التحقيق في مقتل بائع السمك محسن فكري، ثم أحداث (امزورن) التي شهدت إحراق مأوى لعناصر أمنية، حيث يعتقد التقرير بناء على عدة روايات أن "أحداث امزورن هي من صنع وتدبير جهات يجب فتح تحقيق لتحديد المسؤولين عنها".
واعتبر التقرير أن يوم الجمعة 26 أيار/مايو الماضي، قامت الدولة بتوظيف خطبة الجمعة للتأثير على مجريات الوضع في الحسيمة، للزيادة من تأزيم الأوضاع، وهو ما أدى إلى توقيف الإمام عن الخطبة التي وصفت الأحداث الاحتجاجاية بالفتنة، علما أنه أمر غير سليم لأن هناك آليات أخرى للاحتجاج، وهو ما أدى إلى اعتقال الزفزافي واستمرار حملة الاعتقالات في صفوف نشطاء الحراك، بشكل بدا كأنه انتقامي.
توصيات
وفي ختام التقرير، أصدر الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان ست توصيات وصفها بـ"الاستعجالية" لوضع حد لحالة الاحتقان التي يشهدها الريف.
واعتبر أن أولى التوصيات، تتمثل في إطلاق سراح جميع معتقلي
حراك الريف.
وثاني التوصيات تقوم على ضرورة إنهاء وإلغاء كل المتابعات المرتبطة بملف حراك الريف، والمتضامنين معه، سواء داخل أو خارج المغرب.
وتضمنت التوصية الثالثة، دعوة الائتلاف، إلى فتح حوار مسؤول مع قادة الحراك، والقطع مع المقاربة الأمنية واعتماد المقاربة التشاركية في البحث عن الحلول للمشاكل المطروحة والاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة للساكنة.
وطالب التقرير في التوصية الرابعة بفتح تحقيق قضائي حول عدد من
الانتهاكات في حق ساكنة إقليم الحسيمة، وترتيب كافة الإجراءات القانونية اللازمة حتى لا يتكرر ما جرى.
خامس التوصيات شددت على ضرورة جبر الأضرار المادية والمعنوية التي أصابت الساكنة.
وخلصت التوصية السادسة إلى ضرورة "التعجيل بإصدار ظهير يلغي ظهير العسكرة، الذي يهم إقليم الحسيمة ومكناس وبنسليمان".