لن تكون
قطر، الوحيدة المتأثرة من الأزمة الخليجية الحالية، في حال استمرارها لفترة أطول، لأنها ستغير المشهد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لدول مجلس التعاون كافة.
وذكر تقرير لمركز "بروكنجز" للأبحاث في الدوحة، أن الأزمة الحالية تسببت بتعطيل التجارة، والإضرار بالعمال والأسر، وتأخير المشاريع في قطر والدول المجاورة لها".
وأضاف المركز : "على المدى القصير، ستتكبد قطر التكاليف الكبرى.. إلا أنها لن تكون المتأثرة الوحيدة".
ومنذ 5 حزيران/ يونيو الجاري، قطعت 7 دول عربية علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وهي: السعودية والإمارات والبحرين ومصر واليمن وموريتانيا وجزر القمر، واتهمتها بـ"دعم الإرهاب"، فيما نفت الدوحة تلك الاتهامات.
وشدّدت قطر على أنها تواجه حملة "افتراءات" و"أكاذيب" تهدف إلى فرض "الوصاية" على قرارها الوطني.
وأوضح المركز أن دول الجوار لقطر، ستتأثر سلباً من الحصار، "على شكل خسائر في الفرص التجارية، وعائدات السياحة والاستثمارات الواردة من قطر".
وستواجه السعودية والإمارات على وجه الخصوص، صعوبة في العثور على عملاء بديلين في منطقة الخليج، لتسويق المنتجات والخدمات التي كانت تقدمها لقطر.
تردد الشركات
والأهم من ذلك، بحسب "بروكنجز"، هو احتمال تردد الشركات المتعددة الجنسيات في الاستثمار في دولٍ تعطي الاعتبارات السياسية أولوية على المصالح التجارية.
وزاد التقرير: "كلما طالت الأزمة، زاد الضرر الناتج عنها على العلاقات القطرية بجاراتها على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية".
ويتخوف مطلعون على الأزمة الخليجية، من تصعيد إضافي خلال الفترة المقبلة، ليطال بشكل أوسع القطاع الخاص؛ خاصة الشركات التي تعتمد على تطوير الأعمال والسياحة العاملة في دول الخليج".
وتأتي الأزمة الحالية، في وقتٍ تشهد منطقة الخليج العربي انكماشاً اقتصادياً حاداً بسبب انخفاض أسعار الطاقة العالمية؛ بنسبة تجاوزت 60 بالمائة عما كانت عليه في 2014.
ودفعت أزمة هبوط أسعار النفط، إلى اتخاذ دول الخليج رزمة إجراءات لتعظيم الإيرادات وتنويعها، كفرض ضرائب وزيادة أخرى، وإلغاء مشاريع ووزارات ومؤسسات ودمج أخرى.
ويرى التقرير أنه "يتعين على الإمارات والسعودية، أن تقيّم خطواتهما وتراجعا بدقة التكاليف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تتكبّدها".
وعلى قطر، أن "تجنّب تصعيد الأزمة، والبحث عن طرق للتوسط مع جاراتها واتخاذ خطوات لمعالجة المسائل موضع الخلاف".
علاقات مشتركة
وتنخرط قطر بشكلٍ كبير مع جاراتها، على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، لا سيما مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة؛ "فهي تستورد نحو 40 بالمائة من المنتجات الغذائية براً عبر المملكة العربية السعودية، ويأتي معظم ما يتبقى من وارداتها من خلال طرقات شحن تمرّ عبر مرافئ دبي".
في المقابل، تستورد الإمارات حوالي ثلث استهلاكها من الغاز الطبيعي، من قطر، عبر خط أنابيب دولفين للطاقة الذي ما زال يعمل كالمعتاد حتى اليوم".
وبحسب "بروكنجز"، فإن الاستثمارات العابرة للحدود بين الفرقاء، تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات؛ "ويُقدر مجموع استثمارات القطاع المصرفي السعودي مع قطر بنحو 30 مليار دولار، وكذلك الأمر بالنسبة للقطاع المصرفي الإماراتي".
ووصل عدد الرحلات الجوية بين قطر وجاراتها في الخليج إلى أكثر من 70 رحلة في اليوم، ألغيت بالكامل، بعد فرض الحصار البري والبحري والجوي.
وأشار التقرير إلى أن "أنّ قطر والدول الثلاث المقاطعة تتشارك روابط ثقافية وعائلية قوية؛ إذ يبلغ عدد سكان قطر 2.7 مليون نسمة، من بينهم حوالي 10 بالمائة مواطنين قطريين".
ويُقدر عدد السعوديين المقيمين في قطر بنحو 20 ألف شخص، بينما يصل عدد البحرينيين والإماراتيين الذين يقيمون فيها، 15 ألف شخص، بحسب التقرير.
اقتصاد محاصر
وأوضح التقرير أنه "بعد أن قطعت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والبحرين فجأة العلاقات، سارع سكان قطر إلى تخزين المواد الغذائية والعملات الأجنبية".
وفي أسبوع واحد، ظهرت طرق شحنٍ بديلة عبر سلطنة عمان، وغيرها من المرافئ الأبعد وفي غضون أشهر، سيكون الوضع في قطر قد استقرّ.
ولم يتأثر تصدير الغاز الطبيعي المسال كثيراً، وهو المصدر الأساسي للعائدات في قطر، وتوقعات تأثره بالأزمة قليلة جداً"، بحسب التقرير.
وأوضح أنه "في حال استمرّت الأزمة، ستكون قطر قد طوّرت طرق تموين بديلة، وعدّلت خططها الإنمائية وخطط الأعمال في القطاعات الرئيسية لاستيعاب الواقع الجديد".