علقت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها على خطاب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا
ماي، عقب الهجوم
الإرهابي في لندن يوم السبت.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إن "ماي تريدنا أن نعتقد بأننا نواجه خطرا من العقائد التي لا تتبنى العنف، لكنها بشكل أو بآخر، تتحول فجأة إلى الإرهاب، حيث أن الخلط بين التطرف والإرهاب يهدد بتقسيمنا كمجتمع في وقت نحن فيه بأمس الحاجة للتوحد".
وتجد الصحيفة أن "خطاب ماي، الذي قالت فيه (لقد طفح الكيل)، هو محاولة لإعادة تشكيل السياسة البريطانية، التي تهدف إلى إحباط الإرهاب بعد هجمات قاتلة، حيث كانت ماي أوضح ما تكون اليوم بخصوص مراقبة الأفكار بدلا من الأفعال، وهذه فكرة سيئة؛ لأنها تقوم على استراتيجية مواجهة الفكر وليس مواجهة الإرهاب، وتجرم الناس لحملهم معتقدات غير معلنة، وتشجع نوعا من الجريمة الفكرية".
وترى الافتتاحية أن "مثل هذا التحرك سينتهي بخسارة
بريطانيا حربها على الإرهاب، بوقوعها في حقل ألغام قانوني حول العقيدة والصلاح، حيث تريد ماي منا أن نعتقد بأننا نواجه خطرا من عقائد لا تتبنى العنف، لكنها تتحول بشكل أو بآخر، وبحسب الطوارئ، إلى الإرهاب".
وتشير الصحيفة إلى أن "خلاصة خطاب ماي هي أن الشخص غير العنيف، الذي يحمل آراء ضد بريطانيا أو آراء متطرفة، وهذا ما يفترض أن يقوم بوضع تعريف له برلمان لاحق -يمكن وضعه على قائمة سوداء ويمكن حتى تجريمه- وهذه قفزة كبيرة من السياسية الحالية، مع أن ماي كانت تسير في هذا الاتجاه لسنوات".
وتعلق الافتتاحية قائلة إنه "يجب أن يقلقنا هذا جميعا، ماذا عن حقوق الحيوان، والدفاع عن البيئة والناشطين ضد تجارة الأسلحة، الذين لا يؤمنون بإلعنف عندما يتم ارتكاب جرائم -قد تصل إلى الإرهاب- باسمهم؟ هل سيتم حظرهم أيضا؟".
وتقول الصحيفة إن "التطرف غير العنيف ليس من الصعب تحديده فقط، بل لو استطاع الشخص حظر المنتمين من المناصب العامة، فإن ذلك سيعرقل الحرب على الإرهاب، ولن يساعدها، إن مواجهة تهديد الإرهاب تعني أن الحكومة ملزمة بالبحث عن الوسائل الممكنة كلها لمنع وقوعه، وسياسات ماي تستثني التعاون مع من قد يكونون الأفضل في منع وقوع الإرهاب؛ وهم الأشخاص الذي يحملون فكرا (متطرفا) شبيها، لكنهم غير عنيفين ومعارضون لأساليب العنف، إلا أن ماي تجرم العيون والآذان التي نحتاجها لنكتشف الإرهاب".
وتعتقد الافتتاحية أن "هناك حاجة إلى الوحدة، لكن رئيسة الوزراء، وحتى قبل أن تصرح الشرطة علنا عن هوية المهاجمين الثلاثة، قامت بربط مذبحة جسر لندن وتفجير مانشستر الشهر الماضي والهجوم الإرهابي في وستمنستر في آذار/ مارس بـ(عقيدة شيطانية واحدة: التطرف الإسلامي)".
وترى الصحيفة أنه "يجب على السياسيين أن يفكروا جيدا باللغة التي يستخدمونها، وقد حاول كل من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة تشويه صورة الإسلام من خلال البربرية والقتل، فيجب علينا ألا نقع في فخهما، وما كان ينبغي أن تضع ماي القتلة مع المسلمين المسالمين، الذين يطبقون دينهم فقط، حتى لو كانت هناك حكمة سياسية في استخدام ذلك".
وتلفت الافتتاحية إلى أن "حزب الاستقلال (يوكيب) يتاجر بلغة الإسلاموفوبيا النشاز، وربما رأت ماي أنه يجب ألا يتفوق عليها أحد عندما يشعر الناخب بشيء من الخوف، وقد يساعدها ذلك في محاولة تصوير خصمها العمالي جيرمي كوربين، بأنه متسامح مع المتطرفين، لكن مثل هذا الكلام يؤدي الى الفرقة في وقت يحتاجون فيه للوحدة".
وتتساءل الصحيفة قائبة: "ألم نتعلم شيئا من تاريخنا؟ إن السماع لرئيسة الوزراء تتحدث أمام مقر الحكومة يجعلنا نستنتج، للأسف، أن الجواب على هذا السؤال هو لا، إن هول ما رأيناه من قتل سكان لندن بدهسهم في الشوارع، وطعنهم في الحانات، يجب ألا يدفعنا للتضحية بحريات كثيرة لأجل الأمن، فقبل أكثر من أربعة عقود وفي شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1974، أدى تفجير إرهابي إلى مقتل عدد من الأشخاص، وجرح العديد خلال أسبوع من
الانتخابات العامة، وقام البرلمان بعد أشهر بالتصويت على قانون منع الإرهاب، الذي احتوى على سلطات (مؤقتة) شديدة القسوة، لدرجة أنها تحتاج إلى تجديد سنوي".
وتفيد الافتتاحية بأن "ما كان يقصد أن يكون إجراءات مؤقتة تحول إلى إجراءات دائمة، والقانون الحالي أعاد إخراج الكثير من القانون الإشكالي ومع سلطات أكثر تطفلا".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إن "هدف الإرهاب هو أن نغير طبيعة ديمقراطيتنا بسبب الخوف، وترويج إجراءات شاملة على عجل، كرد فعل على الأعمال الإرهابية، ليس الطريقة المثلى للتصرف، ويجب على السياسيين توجيه مشاعر الجمهور في القضايا الأمنية، إلا أنه يجب عليهم فعل ذلك في جو هادئ من الحوار المنطقي، وليس في زحمة الأيام الأخيرة لانتخابات عامة".