نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن القانون الأخير الذي أصدره قائد الانقلاب في
مصر، عبد الفتاح السيسي، بهدف "تكميم أفواه"
منظمات المجتمع المدني.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن نظام السيسي لا يتوقف عن إصدار القوانين التي تهدف إلى تضييق الخناق على مصر، وقمع كل من المعارضين وحرية التعبير. ولعل آخر القوانين التي أقرها السيسي؛ قانون يحظر من خلاله عمل منظمات المجتمع المدني.
وأشارت الصحيفة إلى أن حرب السيسي على المصريين لن تتوقف، حيث بدأت بحظر المواقع الإلكترونية ووصلت إلى وضع قانون للجمعيات الأهلية. ولذلك، يبدو أن السيسي مصمم على تنفيذ الضربة ضد المجتمع المدني الذي كان يدين دائما ممارساته القمعية ويفضحها.
وذكرت الصحيفة أن النظام يسعى إلى مزيد من تضييق الخناق على حرية التعبير المتاحة للمجتمع المدني، يوما بعد يوم، وتكميم أفواه الأصوات المستقلة في مصر. فمنذ توليه سلطة البلاد في صيف سنة 2013، حدّ السيسي من مساحة الحرية التي اكتسبها الشعب المصري بعد ثورة سنة 2011 بعلة حماية "الأمن القومي".
وتجدر الإشارة إلى أن نظام السيسي سنّ، يوم الاثنين 29 أيار/ مايو، قانونا ينظم نشاط المنظمات غير الحكومية، ويحد من نشاط جمعيات الدفاع عن
حقوق الإنسان، ويضع عقبات خطيرة أمام عمل الجمعيات الخيرية، حتى غير السياسية منها.
وأفادت الصحيفة أن القانون الجديد يمنع أعضاء المنظمات غير الحكومية المصرية من الخوض في القضايا المتعلقة بالتنمية وبالمطالب الاجتماعية، مع النص على عقوبات تصل للسجن لمدة خمس سنوات. كما يفرض هذا القانون على المنظمات الحصول على إذن مسبق للقيام بتحقيق استقصائي أو استطلاع للرأي، فضلا عن التعاون مع بعض الهيئات الدولية.
وأضافت الصحيفة أن القانون يضع المنظمات غير الحكومية الأجنبية تحت رقابة صارمة من قبل هيئة مؤلفة من ممثلين عن الجيش والمخابرات ووزارة الداخلية.
وفي هذا الصدد، قال محمد زارع، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، إن "القانون الذي أقره السيسي يعد أسوأ قانون في التاريخ". والجدير بالذكر أن الجهات الأمنية كانت قد منعت محمد زارع من مغادرة البلاد على خلفية توجيه تهمة له تتعلق بتهديد الأمن القومي.
وفي الإطار ذاته، قال الناشط الحقوقي حسام بهجت، الذي أسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن "وتيرة المضايقات التي يتعرض لها الناشطون الحقوقيون تصاعدت، حتى إنهم قد ينتهي بهم المطاف جميعا في السجن، مما قد يساهم في اضمحلال المجتمع المدني الذي كان يناضل على مدى السنوات الثلاثين الماضية".
وأشارت الصحيفة إلى أن جدول أعمال البرلمان أصبح يرتكز بالأساس على كيفية الإشراف على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث تم فرض رقابة على جميع وسائل الإعلام وسجن 72 صحفيا، وذلك وفقا لما أوردته تقارير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
وأكدت الصحيفة أن الحملة التي شنها نظام السيسي لحجب المواقع والصحف؛ طالت 21 موقعا إلكترونيا. وطالت هذه الحملة طالت موقعي "مدى مصر" و"دايلي نيوز إيجبيت" اللذين نشرا مقالات حول
انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي يقوم بها النظام، وذلك على غرار موقع "بورصة نيوز" الاقتصادي.
ووفقا لمنظمة العفو الدولية، استهدفت موجة جديدة من الاعتقالات 36 ناشطا على الأقل، منهم 26 شخصا ما زالوا محتجزين بذريعة مكافحة الإرهاب أو بتهمة "إهانة الرئيس" على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي 19 أيار/ مايو، أعلنت وزارة الداخلية عن اعتقال 40 شخصا بتهمة "التحريض على العنف" على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي الوقت الراهن، يعتزم البرلمان إصدار تشريعات للتحكم في الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار "تويتر" و"فيسبوك".
ونقلت الصحيفة عن مديرة حملات منظمة العفو الدولية في شمال إفريقيا، ناجية بونعيم، قولها إن "القمع الذي تمارسه السلطات بحق الناشطين السياسيين يعتبر بمثابة مؤشر جديد على رغبة السلطات المصرية في سحق المعارضة السلمية و"قتل" أي رؤية بديلة". ووفقا لمنظمة العفو الدولية، جاءت هذه التدابير لإزاحة أي منافس محتمل السيسي خلال الانتخابات الرئاسية المنتظرة العام المقبل.
واستشهدت المنظمة باعتقال المحامي الحقوقي البارز خالد علي؛ بتهمة القيام بفعل فاضح، حينما اتهم بالقيام بإشارة "غير لائقة" أمام مجلس الدولة، عقب صدور حكم المحكمة الإدارية العليا بمصر المتعلق بجزيرتي تيران وصنافير.
وذكرت الصحيفة أن خطوة اعتقال المرشح السابق للانتخابات الرئاسية لسنة 2012، قد تكون لها دوافع سياسية، نظرا لأنه أعلن سابقا عن إمكانية ترشحه مجددا للانتخابات الرئاسية لسنة 2018.