الدكتور مراد موهبة، الذي يلقبه البعض بـ "فيلسوف
العلمانية"، لا يمر أسبوع إلا ويكتب مهاجما شيخ الإسلام
ابن تيمية (661- 725 هـ، 1263م - 1328م)، ويدافع عن "جماعة كوبنهاغن" الداعية للتطبيع مع الكيان الصهيوني!!
وفي صحيفة "الأهرام" عدد 14 آذار/ مارس 2017، كتب الدكتور
مراد وهبة عن ابن تيمية، فقال: "إن
داعش إنما تستند إلى فكر الفقيه الإسلامي ابن تيمية، الذي ينص على إبطال إعمال العقل في الديني، والالتزام بحرفية هذا النص، مع تغيير كل ما يقف ضد هذا الالتزام وقتله!".
فهل قرأ الدكتور مراد تراث ابن تيمية حتى يقوم باغتياله على هذا النحو الغريب والعجيب؟
إن ابن تيمية يقول: "إن ما عرف بصريح العقل لا يُتصور أن يعارضه منقول صحيح قط"، ويقول: "إن أكثر الطوائف على إثبات الحسن والقبح العقليين، وإن نفى الحسن والقبح العقليين لم يقله أحد من سلف الأمة ولا أئمتها".
ويقول: "إن التأويل المقبول هو ما دل على مراد المتكلم".
ويقول أيضا: "والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهلة القبلة".
ويرفض أن تكون آية "لا إكراه في الدين" قد نسخت، ويقول "إنها نص عام، وجمهور السلف والخلف على أنها ليست مخصوصة ولا منسوخة، فنحن لا نكره أحدا على الإسلام، وإنما نقاتل من حاربنا، وأهل الذمة والعهد والمتأمنون لا يجَاهَدون بالقتال، ودماؤهم وأموالهم معصومة، وهم داخلون فيمن أمر الله بدعوتهم ومجادلتهم بالتي هي أحسن، وليسوا داخلين فيمن أمر الله بقتالهم".
وابن تيمية -الذي يراه فيلسوف العلمانية الدكتور مراد وهبة المنظر لما تفعله داعش- هو الذي يسميه الفيلسوف المجدد الشيخ مصطفى عبد الرازق (1302- 1366هـ، 1885- 1946م): "شيخ المجددين في الإسلام"، ويصفه "بالفيلسوف" ويقول عنه:
"لقد نظر ابن تيمية في الكلام والتصوف والفلسفة نظرا عميقا، فكتبه تدل على سعة اطلاع على المذاهب الفلسفية وتاريخها، وحسن تصويره لما يعرض للرد عليه من مذاهب الفلسفة ينبئ عن علم وفهم، وطريقته في جودة الترتيب والتقسيم والتبيين لا تخلو من أثر الفلسفة.
ولم يكن يعرض لنقد المذاهب الفلسفية من جهة مخالفتها للدين، فحسب، بل من جهة مخالفتها لصريح العقل كذلك.
وعنده أن صريح العقل لا يخالف صحيح النقل بحال، ويقول إنه ليس في الشريعة شيء يخالف القياس، وإن القياس الصحيح دائر مع أوامر الشريعة ونواهيها وجودا وعدما كما أن العقول الصريحة دائر مع أخبارها وجودا وعدما.
فلم يخبر الله ولا رسوله بما يناقض صريح العقل، ولم يشرع ما يناقض الميزان والعقل، والأنبياء يخبرون بمجازات العقول، لا بمجالات العقول، ويمتنع أن يكون في أخبار الرسول ما يناقض صريح المعقول، ويمتنع أن يتعارض دليلان قطعيان، سواء كانا عقليين أو سمعيين، أو كان أحدهما عقليا والآخر سمعيا.
وإن احترام ابن تيمية لنظر العقل هو الذي جعله يتسامى عن التقليد، بحيث كان إذا أفتى لم يلتزم بمذهب بعينه، بل بما يقوم دليله عنده، وليس يرى للمعرفة طريقا غير الوحي والعقل، وله في ثنايا رده على الفلاسفة والمتكلمين والصوفية نظرات فلسفية طريفة قد تفتح لدراساتنا الفلسفية الناشئة آفاقنا جديدة.
ولو أن الدراسات المنطقية سارت على منهاج ابن تيمية في النقد، بدل الشرح والتفريع والتعليق، لبلغنا بهذه الدراسات بهذه الدراسات من التجديد والرقي مبلغا عظيما".
هذا هو ابن تيمية، برأي الفيلسوف المجدد الشيخ مصطفى عبد الرازق، فهل قرأ فيلسوف العلمانية مراد وهبة هذا "العلم الفلسفي" حتى يكف عن هذا الذي افتراه ويفتريه على شيخ الإسلام؟!