نشرت صحيفة "تاغس تسايتونغ" الألمانية تقريرا؛ تطرقت خلاله إلى الدعوى التي تقدم بها عدد من اللاجئين السوريين لدى
القضاء الألماني؛ ضد المخابرات السورية بتهمة قتل وتعذيب
المعتقلين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن إحدى الضحايا، تدعى عبير فرهود، قد تحدثت في العديد من المناسبات عن
التعذيب النفسي الوحشي الذي تعرضت له على يد رئيس الفرع 215 بجهاز المخابرات العسكرية السورية بدمشق، في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2012. وكانت فرهود قد تعرضت للاعتقال بتهمة المشاركة في المظاهرات السلمية.
وأكدت الصحيفة أن هذه اللاجئة قد مثلت الخميس أمام النيابة العامة بمدينة كارلسروه، للإدلاء بشهادتها، وذلك في إطار الدعوى من تسعة لاجئين بحق مسؤولين في جهاز المخابرات العسكرية السورية. وقد قرر هؤلاء الضحايا مقاضاة النظام السوري لدى القضاء الألماني؛ نظرا لأن ألمانيا تطبق مبدأ الولاية القضائية العالمية التي تتيح ملاحقة منتهكي حقوق الإنسان، بغض النظر عن مكان الجريمة أو جنسية الجناة والضحايا، في وقت تقف فيه روسيا حجر عثرة أمام ملاحقة النظام السوري من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
ونقلت الصحيفة عن المحامي السوري أنور البني، أن "
سوريا تنتهج سياسة الإفلات من العقاب منذ 50 سنة". ومنذ نهاية شهر آذار/ مارس الماضي، يعمل هذا المحامي السوري، بالتعاون مع المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، على ملاحقة النظام السوري قضائيا.
وأفادت الصحيفة أن النائب العام الألماني قد شرع فعليا في الاستماع لإفادات الشهود. وفي هذا السياق، قال محامي المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، باتريك روكر، إن "جلسات الاستماع للضحايا تعد مؤشرا إيجابيا بعد مرور شهرين من إيداع الدعوى لدى النيابة العامة بمدينة كارلسروه".
وأضاف روكر: "النيابة العامة بمدينة كارلسروه قد بدأت في عملية التحقيق بشأن الوضع السوري منذ سنة 2011 . أما الآن، فنحتاج إلى تكثيف التحقيقات وإصدار بطاقات اعتقال دولية في حق المجرمين".
وأضافت الصحيفة أن إسبانيا قد رفعت بدورها دعوى في حق تسعة مسؤولين لدى جهاز المخابرات العسكرية السورية، وذلك بناء على صور التقطها المصور العسكري المعروف باسم "قيصر"؛ لجثث 6786 سجينا قتلوا بتفويض من قبل النظام السوري. وفي هذا الصدد، قال المحامي البريطاني، توبي كادمان، إن هذه الصور كانت فظيعة بشكل لا يمكن وصفه.
وبينت الصحيفة أن شقيقة أحد المعتقلين قد تعرفت على صورة أخيها الذي قتل في أحد المعتقلات السورية، ما دفعها لتقديم دعوى في حق النظام السوري لدى القضاء الإسباني.
ويقول كادمان، "إننا لا نتحدث عن رجل اعتقل وتعرض للتعذيب وأعدم، بل نحن أمام سياسة تعذيب ممنهجة بأمر من النظام السوري".
وذكرت الصحيفة أن سياسة التعذيب الممنهجة تمثل نقطة الاختلاف بين النظام السوري وبقية الأطراف المشاركة في الحرب. فعلى الرغم من أن قوات المعارضة وتنظيم الدولة قد أقدمت على قتل مواطنين، إلا أن كل أجهزة النظام السوري مجندة لارتكاب جرائم إبادة جماعية في حق الشعب السوري.
وفي هذا السياق، أفاد منسق لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا، أن "كل أجهزة النظام السوري متورطة بأبشع الجرائم على الإطلاق في حق المدنيين".
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك كمّا هائلا من الأدلة الكفيلة بإدانة رموز النظام السوري. ففي الواقع، تملك لجنة العدالة والمساءلة الدولية وثائق تثبت مسؤولية النظام السوري عن العديد من الجرائم في حق المدنيين العزل، إلى جانب الصور التي التقطها "قيصر". وأفاد المدعي العام السابق بالمحكمة الجنائية الدولية، ستيفان راب، أن "النظام السوري يقوم بنحت أرقام على جثث المساجين... إنه أمر لا يصدق، فحتى النظام النازي لم يقم بمثل هذه الممارسات الشنيعة مع ضحاياه".
وأضاف راب أن "القوانين الدولية تمنع قصف المستشفيات، ولكن ذلك لم يمنع النظام السوري من استهدافها. في حال تقاعسنا عن معاقبة هذا النظام على جرائمه، فإن أغلب الحكام سيقدمون على انتهاك حقوق شعوبهم".
وذكرت الصحيفة أن خالد، أحد الشهود الذين عانوا من ويلات سجون النظام السوري، وهو زوج عبير، قد تعرض بدوره للتعذيب في الفرع 215 التابع للمخابرات العسكرية. وكان المحققون يجبرونه على مشاهدة جلسات التعذيب لمعتقلين آخرين. وأكد خالد أن "الإنصاف يعد هدفا من أهداف الثورة السورية".
أوردت الصحيفة على لسان عبير، أن هذه الدعوى في حق النظام السوري تعدّ مواصلة للثورة السورية ولكن بوسائل قانونية. وأضافت: "لقد أنشأنا حركة مدنية سلمية تحثنا على المطالبة بدولة سورية حرة يحكمها القانون".