نشر موقع "المونيتور" الأمريكي، تقريرا سلط من خلاله الضوء على اللقاء المرتقب في 16 أيار/ مايو بالبيت الأبيض، الذي سيجمع بين الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، ونظيره التركي رجب طيب
أردوغان، والذي من المقرر أن يتناول عددا من القضايا العالقة بين البلدين.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن التكهنات حول هذا اللقاء الذي طال انتظاره بين الطرفين "لا تبشر بخير، حيث تنبأ كثيرون بأنه من غير المرجح أن يتمكن كلا الطرفين من التوصل لحل للقضايا الشائكة التي عمقت التوتر بين البلدين"، مشيرا إلى أن بعض المستشارين المقربين من أردوغان أيدوا هذا الرأي، في حين أشار بعض المراقبين إلى أن هذا اللقاء سيكون نقطة الفصل في ما يتعلق بالعلاقات الأمريكية التركية.
وذكر الموقع أن أردوغان سيتوجه نحو واشنطن حاملا في جعبته جملة من المطالب التي لا تقبل التفاوض بشأنها، لافتا إلى أن الرئيس التركي "لم يكتفِ بالإعراب عن موقفه الواضح تجاه القضايا المزمع مناقشتها مع نظيره الأمريكي، وإنما بادر بإرسال وفد مكون من مسؤولين أتراك حتى يمهدوا الطريق أمام قدومه".
وفي الأثناء؛ يعكف هذا الوفد المكون من المستشار الشخصي لأردوغان، إبراهيم قالين، ورئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان، ورئيس أركان الجيش التركي الجنرال خلوصي آكار، ووزير العدل بكير بوزداغ، على مناقشة عدة قضايا مفصلية، على رأسها إلحاح
تركيا على مسألة قطع الولايات المتحدة لعلاقتها مع وحدات حماية الشعب الكردية.
وأشار الموقع إلى أن تركيا تصر على اعتبار وحدات حماية الشعب الكردية التي تعدها واشنطن حليفة لها في حربها ضد تنظيم الدولة في
سوريا؛ منظمة إرهابية، ولفت إلى أن واشنطن وموسكو ساندتا هذه الجماعة عقب الضربة الجوية الأخيرة التي تعرضت لها من قبل تركيا. وفي هذا الإطار؛ أعلن البنتاغون عن قرار ترامب بتسليح وحدات حماية الشعب الكردية ضمن عملية تحرير مدينة الرقة من "براثن" تنظيم الدولة.
وبين "المونيتور" أن "المطلب الرئيس الثاني لأردوغان؛ يتمثل في تسليم
فتح الله غولن، الداعية الإسلامي المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، عقب اتهامه بالتخطيط لمحاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي"، مؤكدا أن واشنطن لا تزال غير مقتنعة بصحة الادعاءات التركية ضد غولن، على الرغم من توفر الأدلة الكافية التي تعتزم أنقرة تقديمها للولايات المتحدة الأمريكية.
ورأى أنه في ظل تواصل حملة التضييق على أنصار غولن في تركيا؛ يبدو أنه من الصعب جدا أن يحقق أردوغان النجاح المرجو من هذا اللقاء.
ونقل الموقع عن دبلوماسي رفض الكشف عن اسمه، أنه "من المرجح أن الغارة الجوية الأخيرة على وحدات حماية الشعب الكردية؛ كانت بهدف حث واشنطن على إعادة النظر في هذه المسألة قبل زيارة أردوغان. ولكن في المقابل؛ قد يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية، فقد تلقي هذه الخطوة بظلالها على المحادثات المزمع عقدها بين الطرفين".
وأورد الموقع وجهة نظر إلنور شفيق، مستشار أردوغان لشؤون السياسة الخارجية، حيث أعرب عن تشاؤمه بشأن نتائج المحادثات التي ستنعقد بين ترامب وأردوغان، مشيرا إلى أن "المؤشرات في واشنطن تدل على أن الأمور لن تسير كما تتوقع أنقرة"، معللا ذلك بـ"التطورات الأخيرة، حيث عمد ترامب إلى إمداد وحدات حماية الشعب الكردية بالسلاح".
والجدير بالذكر أن تركيا أعربت عن استعدادها في المشاركة في تحرير مدينة الرقة من تنظيم الدولة، بالتعاون مع الجيش السوري الحر، شريطة أن لا تتدخل وحدات حماية الشعب الكردية. وفي هذا السياق؛ أفاد إلنور شفيق بأن الجنرالات الأمريكيين يحاولون حجب النجاحات التي حققها الجيش التركي والجيش السوري الحر في الشمال السوري، من خلال تشويه الحقائق، في الوقت الذي يدعي فيه كثيرون منهم أن الجيش السوري الحر قد فشل في إثبات قدراته في ساحة القتال.
ونقل الموقع عن أفق أولوتاس، وهو كاتب في صحيفة "أكشام" التركية، ومدير السياسات الخارجية في منظمة البحوث السياسية والاقتصادية والاجتماعية، قوله إن "دونالد ترامب يسعى إلى تحرير الرقة بمساعدة وحدات حماية الشعب الكردية في أسرع وقت ممكن، حتى يتمكن من التباهي بنجاحاته على الأراضي السورية".
وأضاف أولوتاس أن "ترامب يفتقر لرؤية واضحة، ولا يمتلك استراتيجية طويلة المدى في ما يتعلق بعملية تحرير الرقة. وبالتالي، وفي حال تمكنت الولايات المتحدة من القضاء على تنظيم الدولة؛ فذلك سيؤدي إلى تبعات كارثية، على غرار تعمق الإرهاب أكثر في المنطقة".
وأفاد الموقع بأن ارتفاع نسق التعاون بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية؛ من شأنه أن يزيد الأمر تعقيدا بالنسبة لأردوغان.
وخلال هذا الأسبوع؛ من المرتقب أن يلتقي الطرفان الروسي والأمريكي لإجراء مباحثات حول إنشاء مناطق "خفض التصعيد". وفي هذا الإطار؛ سرت موجة من القلق في صفوف المسؤولين الأتراك، إذ من المحتمل أن تشمل هذه المناطق المحاذية للحدود التركية التي تسيطر عليها وحدات الشعب الكردية، ما سيعرقل مساعي تركيا لاستهداف هذه الوحدات.
وذكر الموقع أن أردوغان في حاجة ملحة إلى تحقيق نجاح ملموس في أعقاب هذا الاجتماع، لافتا إلى أن "هناك العديد من المعطيات التي تشير إلى أن مساعي أردوغان ستبوء بالفشل" على حد تعبيره.
وفي الختام؛ أوضح "المونيتور" أن "أردوغان متمسك بمطالبه في ما يتعلق بتسليم غولن، فضلا عن مسألة دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية، ويرفض تقديم أية تنازلات. وبالتالي؛ سيتعين على ترامب تقديم بدائل ترضي الطرفين. وفي حال عجز عن ذلك؛ فإن من المرجح أن تشهد العلاقات التركية الأمريكية منعرجا خطيرا قد يؤدي إلى قطيعة بين الطرفين".