انتهجت السلطة كما الأحزاب الموالية لها، بالجزائر، ما اعتبره كثيرون أسلوب
التخويف من الفوضى والدمار الذي شهدته دول عربية، في سياق دفع المواطنين إلى المشاركة القوية بالتصويت في
الانتخابات النيابية المقررة يوم 4 أيار/ مايو الداخل.
وتشبعت حملة الدعاية للانتخابات النيابية بالجزائر، والتي أسدل عليها الستار، الأحد، بعد ثلاثة أسابيع من النشاط، بخطابات التخويف والفوضى من الدمار، وهو "الشعار" الذي اشتركت فيه أحزاب الموالاة وبعض أحزاب المعارضة، كحزب جبهة القوى الاشتراكية، في وقت سجلت فيه الحملة عزوفا غير مسبوق عن التجمعات والخرجات الجوارية التي قامت بها القيادات الحزبية ومرشحيها.
وقال جمال ولد عباس، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، الحاكم في
الجزائر، بتجمع شعبي له بمحافظة المدية، غربا، الأحد: "هناك مخططات جهنمية تستهدف الجزائر بعد أن تحاشت موجة الربيع العربي وعمها الاستقرار، وعلى الجزائريين أن يتوجهوا بقوة نحو صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم من أجل إبطال التربصات التي تحاك بالجزائر".
وتابع ولد عباس: "الذين حملوا شعار مقاطعة الانتخابات يتحملون تبعات قرارهم والشعب لن يغفر لهم".
اقرأ أيضا: #_مانسوطيش يجتاح الجزائر داعيا لمقاطعة الانتخابات (شاهد)
ويرفع حزب جبهة التحرير الوطني، شعار "من أجل الجزائر آمنة"، ويتبنى برنامج الرئيس
بوتفليقة الذي أعلنت عنه السلطة العام 2009، والذي يركز على الصحة والإسكان ومجانية التعليم وتحديث الجيش.
ويرى عدد من المراقبين، أن السلطة بأحزابها الموالية تمارس سياسة التخويف من أجل دفع المواطنين إلى الانتخاب، وبالتالي إضفاء شرعية على النتائج المتوقعة لصالح الحزب الحاكم، جبهة التحرير الوطني، ثم التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني أحزاب النظام والذي يرأسه مدير ديوان الرئاسة، أحمد أويحي.
وألقى أحمد أويحي خطابا في إطار حملة الدعاية الانتخابية لحزبه، بمحافظة برج بوعريريج، السبت، أفرد خلاله حيزا واسعا للحاصل في سوريا والعراق وليبيا، من فوضى ودمار، وقال محذرا الجزائريين: "إننا نعيش نعمة فقدها إخواننا في عدة دول عربية مزقتها الحروب والصراعات المذهبية".
وحذر مدير ديوان الرئيس بوتفليقة في هذا السياق "من العودة إلى سنوات الدم والدمار التي شهدتها البلاد خلال عدة سنوات"، داعيا المواطنين الجزائريين إلى المشاركة القوية بالانتخابات النيابية.
ويعتقد المحلل السياسي الجزائري، أحمد بونور أن "خطاب التخويف من الفوضى جرى استعماله بكثرة لانعدام برامج انتخابية جادة للأحزاب السياسية الموالية، ناهيك عن فشلها في تحقيق الرفاه والازدهار مثلما وعدت به خلال الانتخابات النيابية التي جرت العام 2012".
وتابع بونور بتصريح لصحيفة "
عربي 21"، الإثنين: "لطالما شكل الوضع الأمني فزاعة تنتهجها السلطة وأحزابها من أجل تحويل الأنظار عن الفشل الذريع بتحقيق التنمية، وقد عرى عن ذلك تدهور أسعار النفط الذي جعل الحكومة تتخبط وتوقف عديد المشاريع التنموية الهامة".
وبدأت حملة الدعاية للإنتخابات النيابية بالجزائر يوم 9 نيسان/ أبريل الجاري وانتهت منتصف ليلة الأحد، وشهدت عزوفا منقطع النظير من جانب المواطنين.
وانتقدت أحزاب معارضة، خطاب السلطة وأحزابها الغارقة في التخويف من السيناريو السوري أو الليبي أو العراقي، إذ أفاد محسن بلعباس، رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، المعارض بالجزائر، والمشارك بالانتخابات أن "السلطة تسوق لخطاب خطير جدا".
وتابع في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الإثنين: "لم تعد لمثل هذه الخطابات فائدة في حشد التأييد للسلطة التي تذكر في كل مرة الجزائريين أنها صاحبة الفضل في تجنيب البلاد فوضى الربيع العربي".
ويعتقد بلعباس أن "هذا الخطاب قديم وقد استعمل بحملة الدعاية لانتخابات الرئاسة العام 2014، التي تولى من خلالها بوتفليقة ولاية رئاسية رابعة، وإن نجحت السلطة في التسويق لهذا الخطاب آنذاك، إلا أن الظروف تبدلت والشعب لم يعد يتبنى هكذا خطابات التي تزرع اليأس والخوف في نفوس المواطنين".
كما يرى إلياس بوزاغ، القيادي في حزب الشباب، الحديث العهد بالتأسيس في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الإثنين، أن "استدعاء صورة ما حصل بالجزائر خلال التسعينيات من فوضى ودمار بمثابة استفزاز للشعب، باعتبار أن السلطة تخوف الجزائريين من العودة إلى تلك الحقبة التي سجلت مقتل أكثر من 200 ألف جزائري في الحرب مع المسلحين".
غير أن بلقاسم ساحلي، رئيس حزب التحالف الجمهوري، الموالي للسلطة، يرى أن "الجزائر فعلا في مواجهة مؤامرة"، قائلا في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الإثنين: "التهديدات الأمنية لم تكن يوما فزاعة لتخويف الجزائريين لكنها حقيقة".
إلى ذلك، أكد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أن "الظروف التي سيجري فيها الاقتراع الخاص بالانتخابات التشريعية القادمة ستتميز بتحسن ملموس"، مبرزا في نفس الوقت أن أمن هذا الموعد الانتخابي "سيكون مضمونا بفضل النجاحات المشهودة في استئصال الإرهاب التي حققها الجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن".
وجدد الرئيس بوتفليقة في رسالة وجهها إلى الشعب الجزائري، السبت، عشية الانتخابات التشريعية المقررة يوم 4 أيار/ مايو الجاري "تحية إكبار" إلى الجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن على "ما تميزا به من استبسال وما بذلاه من تضحيات"، مبرزا أن وحدات الجيش الوطني الشعبي والدرك الوطني والأمن الوطني "ستتجند عملا بما أصدرته من تعليمات لضمان سلامة الساكنة والهدوء للموعد الانتخابي".