نشر موقع "ديلي بيست" مقالا للكاتب لاخلان ماركي، حول تراجع الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب عن وعده خلال حملته الانتخابية، بأن يجفف المستنقع في واشنطن، بمنع أصحاب المصالح والعاملين في
مؤسسات الضغط من استلام مناصب في إدارته.
ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إن ما حصل هو العكس تماما، حيث سلم ترامب مفاصل الإدارة لأولئك الذين وعد بإبقائهم بعيدين عن السلطة.
ويشير ماركي إلى أن "ترامب وعد بأن يكون نوعا آخر من الرؤساء الجمهوريين، بأن يتجنب المخاطر الأخلاقية التي لطالما ادعى أنها فاسدة أو قد تتسبب بفساد، ليس فقط منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون فحسب، بل منافسيه من الحزب الجمهوري في الانتخابات الأولية كلهم".
ويبين الكاتب أن "ترامب كان يقول إن واشنطن ستكون مختلفة تحت رئاسته، حيث سيترك أصحاب المصالح، ولكونه ثريا فهو لا يحتاج أموال مجموعات الضغط، ولا تمويل الشركات الكبيرة، وسيفوز في الانتخابات دونها، ولن يشعر بأنه مدين لأي منها".
ويستدرك ماركي بأنه "بعد 100 يوم من تسلمه الرئاسة، فإنه لم يفشل في الحفاظ على وعد من وعوده كما فشل في وعده (بتجفيف المستنقع) في واشنطن، وهي مشكلة من صنعه؛ لأن نوع السياسة الجمهورية الخاصة به تتطلب منه أن يخرق قواعده لملء الشواغر في إدارته، حيث أدى التدفق الناتج من ناشطي الضغط ومديري الأعمال لملء الفراغات في الإدارة إلى اختلاف واضح بين كلام ترامب خلال الحملة وقرارات التوظيف الأولية".
ويلفت الكاتب إلى أن "ترامب ملأ إدارته بأصحاب المصالح، لا لأنه يحتاج إلى أموالهم، لكن لأنه يحتاجهم، فإدارته تحتاج إلى الموظفين وبحاجة ماسة لملء المناصب العليا التي تحتاج إلى خبرة، وخيارات ترامب في إيجاد الكفاءات أقل بكثير من غيره من الجمهوريين".
ويقول ماركي: "لطالما انتقد ترامب (وول ستريت) خلال الحملة، لكنه بعد ذلك أحضر المخضرمين في إدارة بنوك الاستثمارات (غولدمان ساكس) ليقودوا وزارة المالية في البيت الأبيض والمجلس الاقتصادي الوطني، وكان يسخر من تأثير جماعات الضغط في عملية صنع السياسات، ثم قام بالتنازل سرا عن قواعد أخلاقية ليحتلوا مناصب رفيعة المستوى في إدارته".
وينوه الكاتب إلى أن "وزير الخارجية ريكس تيلرسون قام في وظيفته السابقة حين كان مديرا لـ(إكسون موبيل)، بتوقيع عقود مع شركات تملكها دول أجنبية معادية، وفي وزارة التجارة يقوم المستثمر المخضرم في الفولاذ ويلبر روس بإدارة سياسة تجارية تسعى لدعم صناعة الفولاذ، وفي الوقت الذي يسعى فيه روس لاتخاذ إجراءات عقابية ضد مستوردي الفولاذ من الصين، فإنه يتوقع من غيلبرت كابلان المرشح ليكون نائبه للتجارة الدولية، الذي كان يعمل في الضغط لصالح صناعة الفولاذ، أن يفرض سياسات لحماية تلك الصناعة التي لطالما ضغط للحصول عليها".
ويفيد كارلي بأن "عداوة ترامب الصريحة لحرية التجارة وضعته في موقع خلاف مع كثير من الأكاديميين والمراكز الفكرية المحافظة، ولذلك فإن التوظيف من تلك المجموعات، التي لا تزال متأثرة بفكرة حرية تدفق البضائع من عهد ريغان، لم يكن خيارا جيدا بالنسبة له، فلجأ إلى القطاع الخاص لتصيد الكفاءات، وكان قطاع الصناعة سعيدا لأن يستجيب لطلب البيت الأبيض".
ويجد الكاتب أنه "كان من الطبيعي أن يستعين ترامب بالحزب الجمهوري ليملأ الشواغر في إدارته، إلا أنه ولتحقيق أهدافه، بصفته شخصا مختلفا عن الحزب الجمهوري، كان عليه أن يتجاوز المؤسسات التقليدية في واشنطن".
ويشير كارلي إلى أن "اليميني المتطرف ريتشارد سبنسر وضع يده بالضبط على المشكلة التي خلقتها تلك السياسة لإدارة ترامب، حيث قال: (إحدى المشكلات الرئيسية للترامبية هي ليس ترامب نفسه، لكن المحافظين، بما في ذلك معاهد الفكر والناس والمنشورات إلخ.. فرؤية ترامب شعبوية، لكن ليست هناك بنية تحتية لتطبيق هذه الرؤية، فاضطر أن يستدير نحو الأفكار ذاتها والأشخاص الفاشلين أنفسهم)".
ويعلق الكاتب قائلا إن "سبنسر كان محقا في أن صنف القومية، التي تتمثل في المسؤول الاستراتيجي في البيت الأبيض ستيف بانون، والتي يتبناها ترامب، بأنها لا تحظى بوجود تجمعات من المواهب السياسية التي يمكن الاعتماد عليها في ملء شواغر الإدارة".
ويضيف كارلي أنه "عدا عن معهد السياسات الوطنية، الذي يديره سبنسر، الذي لن يعتمد عليه حتى بانون في ملء الشواغر، فليس هناك ما يعادل المراكز في واشنطن، مثل (هيراتيج فاونديشن) أو (أميريكان كونسيرفيتيف يونيون) أو غيرهما، حتى لو سارت في اتجاه ترامب فكريا بعد فوزه".
ويلفت الكاتب إلى أن "ترامب سعى جاهدا لملء إدارته بالمسؤولين المتفقين مع سياسته القومية، التي ترفض بشكل كبير الإجماع المحافظ بعد ريغان وما يتبعه من مؤسسات في واشنطن، فاضطر لأن يلجأ للقطاع الخاص".
ويقول كارلي: "لو كان جيب بوش أو ماركو روبيو مكان ترامب لاستفادا من معين من المفكرين والخبراء السياسيين المحافظين، لكنه اضطر لأن يحصل على جزء كبير من فريقه السياسي من مجتمع الأعمال وصناعة التأثير(الضغط) في واشنطن، وهي مجموعات عليها قيود في الظاهر في العمل داخل الإدارة".
ويضيف الكاتب: "يبدو أن ترامب أدرك مبكرا أن الخيارات التي قد تكون متوفرة لجمهوري تقليدي غير متوفرة له، وأن عليه أن يحصل على موظفيه من القطاع الخاص، خاصة في صناعة الضغط".
ويتابع كارلي قائلا: "عندما قالت له ليزلي ستال خلال مقابلة مع (سي بي أس): (أنت لا تحب هذا الأمر، لكن فريقك الانتقالي مليء بالعاملين في مجال الضغط، فعندك عاملون في الضغط من فيرزون، وعاملون في الضغط من قطاع النفط والغاز، ولديك عاملون في الضغط من صناعة الأغذية)، اعترف ترامب قائلا: (نعم، هؤلاء كلهم عاملو ضغط.. إما عاملو ضغط أو مصالح خاصة)".
ويعلق الكاتب قائلا إن "هذا اضطره إلى إلغاء قاعدة كانت فاعلة من أيام
أوباما، تحظر عمل الشخص في أي مؤسسة فيدرالية قام بنشاط الضغط عليها خلال العامين السابقين، وتحت إدارة أوباما كان مكتب الحكومة المسؤول عن الحفاظ على الأخلاقيات يقوم بتحديث الصحفة الخاصة بذلك على موقع البيت الأبيض، حيث تسجل فيها أي استثناءات تمت بخصوص المسؤولين في الإدارة، لكن الأوامر الإدارية التي تصدر عن ترامب لا تحتاج إلى إعلان، ولا تزال الصفحة الخاصة بالاستثناءات فارغة تماما".
ويستدرك كارلي بأنه "وبحسب تقرير في صحيفة (نيويورك تايمز)، فإن الإدارة قامت سرا بإصدار استثناءات لعدد من المسؤولين، الذين ما كان يمكن لهم المشاركة في صناعة القرارات المهمة؛ بسبب عملهم السابق في مجال الضغط".
ويخلص الكاتب إلى القول إن "ترامب أعلن بأنه لن يكون هناك نشر لقوائم الزائرين للجناح الغربي في البيت الأبيض، ما يجعل من الصعب معرفة من الذي يمارس الضغط على من، وهذا أيضا خلاف ما كان يدعو له خلال الحملة، حيث كان يقول: (لماذا يعتقد أوباما أنه ليس ملزما بنشر السجلات كما فعل سابقوه بإرادتهم؟ هل يخبئ شيئا؟)".