هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
هل كان المكلف بالشؤون السياسية في الحزب الحاكم يقصد "المستبد العادل" أم إنه يريد نحت صورة مستأنفة يراها أقدر على حكم الواقع التونسي من "المستبد العادل" الذي كان جزءا بنيويا من الأدبيات السياسية في عصر النهضة العربية؟
رغم كل سياسات التضليل و"التطبيل" فإن المدير التنفيذي لنداء تونس قد لا يكون هو المرشح الأضعف في سباق "التوريث" ولكنه بالتأكيد لن يكون هو المرشح الأوفر حظا للوصول إلى قصر قرطاج.
رغم أهمية الصراع ضد حافظ قائد السبسي باعتباره مشروع توريث ورمزا لمنظومة سلطوية فاسدة، فإن علينا ألا نجعل من هذا الصراع مركزا للنضال السياسي والمدني.
لو أردنا تلخيص اليسار الثقافي في سمتين أساسيتين من سماته لقلنا إنه "يسار وظيفي" من جهة علاقته بالنواة الصلبة للمركب الجهوي-المالي-الأمني الحاكم، ولكنه أيضا "يسار لاوظيفي" من جهة علاقته بالشروط الفكرية والموضوعية لبناء ثقافة المواطنة التامة.
السيد الباجي قائد السبسي وحزبه لم ينجحا إلا باللعب على تناقضات الشركاء والخصوم وتوظيفها من أجل عودة المنظومة التجمعية للحكم. وقد يكون تعديل نظام الحكم لحظة مفصلية من لحظات الانقلاب على مسار الانتقال الديمقراطي والعودة به إلى مربّع 13 جانفي 2011.
هل يمكن للنخب الاسلامية واليسارية التي تُصر على تضخيم التناقض الهووي الثقافوي بينها-وتهميش التناقض الجذري بل "الوجودي" مع ورثة منظومة الفساد والاستبداد- أن تكون أكثر من "مجموعة وظيفية" عند النواة الصلبة لتلك المنظومة؟
إنها جملة من الحجج التي لا تكاد تغيب في أي سجال عمومي حول التوافق يكون النهضويون أو المتعاطفون معهم أحد أطرافه.
لو أردنا أن نختزل هذا المقال في نقطة جوهرية فإننا سنقول بأنه نقد للبنية الجهوية للسلطة والثروة.
علينا أن ننبّه إلى أنّ الاختيارية لا تعني تعددية التشريعات، بل تعني فقط التعامل مع مجموع المواطنين على مقتضى قناعاتهم، لكن بتشريع واحد يعبّر عن مختلف الإرادات والمصالح المتنازعة.
تعكس الحرب التي خاضها النظام السابق على الدمية فلّة بمساندة "القوى الديمقراطية" ومنها "النساء الديمقراطيات" مقدار الرعب الذي يسكن "النخب الحداثية" من أي نسق فكري أو سلوكي مختلف جذريا أو حتى جزئيا.
بصرف النظر عن العوامل الحقيقية التي أفضت إلى انشقاقات نداء تونس، فإن اختلال التوازنات الهشة داخل الحقل السياسي التونسي قد ينذر بأزمة كبيرة تتجاوز آثارها المنظومة الحزبية.
لفهم مقدار عبثية الواقع السياسي التونسي، وللوقوف على الرهانات الحقيقية للمنظومة النيو-تجمعية التي تبوّأت مراكز القرار بعد انتخابات 2014، قد يكون من المفيد في خاتمة هذا المقال أن نجيب على السؤال التالي: لماذا يصرّ رئيس الدولة على أن يرتبط مشروع المصالحة باسمه رغم كل تعثراته ورغم سمعته السيئة؟
إنّ العلمانيين (أو القوى "الانقلابية" والاستئصالية) هم "واقعيا" أقرب إلى السعودية-الوهابية من الإسلام السياسي ذي الخلفية الإخوانية.
لمّا كانت غابة الفساد أكبر مما يريدوننا أن نرى منها، فإنّ من حقنا أن نتوجّس خيفةً من ألاّ تكون حملة الإيقافات الأخيرة جزءا من سياسات الدولة في محاربة هذا الداء المعرقل للانتقال الديمقراطي وللاستقرار السياسي.
قد يكون من الضروري التذكير مرة أخرى بأنّ إعادة الصراع إلى مداراته الحقيقية، لا يمكن أن تتم إلا عندما تنجح النخب العلمانية والإسلامية في التفكير بمنطق "ما بعد البورقيبية".
في قصر المؤتمرات، احتل الباجي "الركح" وحيدا وترك باقي الفاعلين السياسيين والنقابيين والإعلاميين وغيرهم في موقع "المتفرج".