ورث كلاهما عباءة خاصة به، طرزها آباء وأجداد بدمع العينين، ودماء القلب، وسهروا واستشهدوا ليحافظوا على سلامتها وحرصوا على ادخارها بحالة جيدة لاستمرار مسيرة الإنسانية كلها، لا لأمنها وحدها..
لنا، نحن المصريين، مع "التوكتوك" ذكريات لا تحصى، كما أن لنا مع سائقه الأخير آلام أخرى، نسأل الله السلامة منها، ولأنه وقت أزمة؛ وأي أزمة بل محنة، أيضاَ، سنمزج بين الأمرين ونبدأ من خط النهاية!
يغير الله على قلب عبّده أن يتعلق بسواه من متاع ومتع الدنيا الواهيّة الواهنة؛ وغيّرته تعالى جزء من كلّ يخصه، عز وجل، ليست كتلك التي نعرفها في الحياة الدنيا؛ أو التي تتبادر إلى الأذهان التي أقرت فيها هذه الحياة القليلة البقاء غير صحيح المفاهيم.
انتظر كلَّ أسبوع حصة «الألم» و«الوجع» المصري ألا منتهي حتى يأذن الله، وكل أسبوع أدعوه تعالى في «سري» وفي «علني» أن يجىء جُرحُ هذا الأسبوع أقل «شجناً» من سابقيه لسنوات مضتْ، فقد تكسرتْ السهام على السهام، وبالغتْ الأخيرة في جرح الروح وإدمائها.
لا أعرف دراسة علمية متخصصة واحدة تمت حول تاريخ حياة "عبد الفتاح السيسي"، قائد الانقلاب، وأقصد بعلمية فنية في التحليل النفسي، والدراسة الاجتماعية، وسر الخلل في هذه الشخصية، والأمر يحتاج عددا كبيرا من الدراسات، فيما يبدو، لا دراسة واحدة كما نفتقد!
أحد أبرز الأصدقاء محبة للتغيير واحتفاء به، وكرها للموقف الراهن لجماعة الإخوان.. فاجأني أثناء سيري في الطريق بإرسال بيان عن الجماعة يفيد بمراجعة موقفها الحالي، والإعلان عن خطوات تنظيمية تفيد بمراجعة الجماعة لنفسها عبر سلسلة من البيانات المتدرجة.
لم يكن الوداع هذه المرة ككل مرة.. قاس الوداع دائما ..ومتى كان غير هذا؟! ولكنني كنتُ لأظنه هذه المرة ككل مرة، ليست المرة الأولى التي أخطو خارج بلدي فيها، ليست الأولى التي أعانق طفلتي النائمة فتفيق من نومها مفزوعة متمسكة بعنقي ترفض يدا تجذبها بعيدا عني، ليست المرة الأولى التي أخطو فيها خارج المنطق
الجسد الواقع تحت آلام المرض الشديد تنتابه حالات تشبه استعادة كامل الحياة في أزهى نوبات قوته من وقت إلى آخر.. لكن إن لم يتم استثمار تلك الهزات، الأقل من انتفاضات غالبا، ماتت في مهدها وساءت الحالة أكثر..
تركت قلبا وروحا وثابين متجددين يسعيان خلف الخير آناء الليل وأطراف النهار، بل تركت كل الحياة هناك عند أعتاب اعتصام "رابعة العدوية"، وكان يلذ لي الهرب من القاهرة الكبرى..