حين قال الرئيس المخلوع حسني مبارك (أنا أو الفوضى) لم يكن يهدد بإشعال فوضى مصطنعة، بل كان يقرر حقيقة يعلمها هو حسب فهمه لطبيعة الدولة المصرية، وحسب الترتيبات الإقليمية التي شارك هو ونظامه في صناعتها..
الانتخابات وسيلة للتغيير ... ليست غاية في حد ذاتها ... إنها مثل السيارة، ونحن متفقون على أن السيارة وسيلة مواصلات، لا أحد يشكك في كون السيارة وسيلة مواصلات، وكذلك لا أحد يشكك في أن الانتخابات وسيلة تغيير..
حاولنا في بداية انقلاب الثالث من يوليو أن نواجهه بالتظاهر، وكانت النتيجة خسائر كبيرة، هي بطولات عظيمة، ولكن محصلتها النهائية آلاف الشهداء، ومئات الآلاف من المصابين، والمعتقلين، والمطاردين، والمنفيين..
تمر المنطقة العربية باختبار شديد القسوة، اندلعت ثورات عظيمة، حركت الجماهير، وزرعت مطالبها في قلوب جيل الشباب، وأصبح التغيير هدفا راسخا في وجدان غالبية الأمة..
بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء الدستوري الذي سيجرى اليوم في الجمهورية التركية، وعلى أساسه ستتحول الدولة إلى النظام الرئاسي (أو تبقى على حالها)، فإن هناك ملاحظات عدة عنّ لي أن أكتبها للقارئ الكريم، عسى أن يكون فيها بعض الفائدة..
حين أقول لأحدهم مقولة الثائر الراحل.. الشاب الخلوق "محمد يسري سلامة" رحمه الله : "لن أندم أبدا على الثورة وعلى مشاركتي فيها، وهي أجمل وأطهر وأنبل حدث في حياتي، وليس ذنبنا أننا قمنا بها وسط انتهازيين وجهال ومعدومي الوعي".. يسخرون منه ومني!
صديقي العزيز الشاعر محمد فوزي... بعد التحية...
وصلتني رسالتك... قرأتها مرّات ومرّات... ودعوت الله أن يجمعنا على الخير قريبا في وطن حر ... رسالة كباقة ورد... وما أكثر الشوك في الورد!
إن الجندية تُفسد أخلاق الأمّة؛ حيثُ تُعلِّمها الشّراسة والطّاعة العمياء والاتِّكال، وتُميت النّشاط وفكرة الاستقلال، وتُكلِّف الأمّة الإنفاق الذي لا يطاق؛ وكُلُّ ذلك منصرف لتأييد الاستبداد المشؤوم: استبداد الحكومات القائدة لتلك القوَّة من جهة، واستبداد الأمم بعضها على بعض من جهة أخرى..
في ليلة ليلاء ... أمسكت كتاب (الأمير) لـ"نيكولا ميكافيللي" ووضعته إلى جوار كتاب (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) للمفكر العربي المغدور به "عبدالرحمن الكواكبي" ... ثم أشرت إلى كتاب الأمير ... وقلت لمن حضروا : (هذا هو السم ... والكتاب الثاني هو الترياق) !