يخيم الترقب على نتائج
المفاوضات بين
السعودية وجماعة
الحوثي، في العاصمة العمانية
مسقط، وسط تساؤلات بشأن السيناريوهات المحتملة التي قد تنجم بعد المباحثات، لاسيما في ظل الصراع المتنامي بين الرياض وأبو ظبي، وتزايد النشاط العسكري للحوثيين في مناطق عدة مؤخرا.
وتضاعف الرياض نشاطها وتحركاتها في المحافظات المحررة من سيطرة الجماعة الحوثية، وتقوم بإعادة ترتيب أوراقها وتوحيد المكونات المناوئة للحوثيين، بعدما طفت الخلافات بين المملكة والإمارات وربما تتحول إلى صراع عميق في المحافظات
اليمنية.
"قد لا تنجح"
وفي السياق، توقع القيادي في جماعة "أنصار الله" الحوثية، محمد البخيتي، فشل المفاوضات وقال إنها "قد لا تنجح".
وكتب البخيتي على حسابه في "تويتر"، الأربعاء: "قد لا تنجح المفاوضات ونضطر لخوض معركة فاصلة لإنهاء العدوان (التحالف بقيادة السعودية) ورفع الحصار".
ودعا القيادي الحوثي اليمنيين الذين ما زالوا في صف التحالف الذي تقوده الرياض للعودة، وقال: "ننصح إخواننا اليمنيين الذين ما زالوا في صف العدو أن يستعدوا للانضمام لصف المجاهدين (المسلحين الحوثيين) على امتداد خطوط التماس وتمكينهم من حسم المعركة سريعا".
وأضاف البخيتي: "ونلفت نظرهم إلى أن الحرب في مواجهة أعداء الأمة ليست مباراة كرة قدم، وأن من يقتل وهو في صف العدوان فإن مصيره جهنم خالدا فيها أبدا، خصوصا بعد أن تجلت حقيقة العدوان للجميع، ومشاهد القوات الأمريكية والبريطانية وهي تصول وتجول في المحافظات المحتلة خلف ظهر من يقاتلون في صف العدو لم تعد خافية على أحد" على حد قوله.
"سيناريوهات عدة"
من جانبه، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي اليمني عبدالكريم غانم، إن المرحلة المقبلة مرهونة بسيناريوهات عدة مرتبطة بمدى نجاح المفاوضات بين السلطات السعودية وجماعة الحوثيين ومواقف أطراف إقليمية منها.
وأضاف غانم في حديثه لـ"عربي21" أن السيناريو الأول يكمن في "نجاح مباحثات مسقط وتوصلها لنتائج تنهي الحرب وتؤسس لتسوية سياسية".
ووفقا للأكاديمي اليمني فإن هذا الأمر، لا تتمناه
الإمارات التي تخشى تهميشها من المناقشات حول مستقبل نفوذها في اليمن.
وتابع بأن السعودية تواصل المحادثات مع الحوثيين، دون مشاركة شريكتها الرئيسية في التحالف، في أعقاب رفض الأولى مطلب الإمارات برفع حصتها من إنتاج النفط في أوبك.
وأشار إلى أن أبوظبي تريد الحفاظ على موطئ قدم استراتيجي على سواحل اليمن، وتسعى لبناء قاعدة عسكرية ومدرج على جزيرة ميون في مضيق باب المندب في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، بما يمكنها من التأمين المباشر للطرق البحرية من موانئها إلى بقية العالم، علاوةً على تقديم نفسها للعالم باعتبارها حامي المياه الإقليمية في البحر العربي والبحر الأحمر ومضيق باب المندب.
واعتبر الخبير اليمني في علم الاجتماع السياسي أن هذا الأمر، من شأنه تعظيم نفوذ الدولة الخليجية، ويجعلها تخرج عن طاعة الرياض، وهو ما لا تقبله الأخيرة، "مهما أنفقت أبوظبي في شراء الولاءات، في تعز وحضرموت وغيرها".
وقال إن قيام طارق صالح المدعوم إماراتيا (عضو المجلس الرئاسي وقائد المقاومة الوطنية في الساحل الغربي) بوضع حجر الأساس لمشاريع مياه في تعز، يجسد الموقف الإماراتي، ويضع زيارته إلى المدينة، في سياق التنافس الإماراتي السعودي لـ"شراء الولاءات" على حد قوله.
"فشل المفاوضات"
أما السيناريو الثاني، فيرى أستاذ علم الاجتماع السياسي في اليمن، أن المفاوضات ستفشل، وهو ما قد ينذر بانسداد فرص الحل السلمي، مؤكدا أنه في هذه الحالة سيطل شبح الحرب برأسه كأهم الخيارات التي ستلجأ إليها قوات الحوثي، كحل لإعادة توزيع الثروة التي تعتقد أنها حرمت منها.
ووفقا لهذا السيناريو، يلفت المتحدث ذاته إلى أن تحركات طارق صالح تأتي – كما يبدو – في سياق التأهب لاحتمالات خوض صراع محتمل في التصدي لقوات الحوثي.
وقال: "إذ من المهم أن تجد قوات الساحل الغربي الدعم والإسناد في محافظة تعز ومحورها العسكري التابع لقوات الجيش اليمني".
وأكمل متسائلا: "لماذا جاءت مبادرة التأهب والتنسيق من قبل طارق صالح الذي تتمركز قواته في الساحل الغربي؟".
ووفقا للأكاديمي اليمني فإن الساحل الغربي، بما يمثله من نموذج للاستقرار النسبي، وبما طرأ من تنشيط لميناء المخا وتأسيس للمطار، يشكل تهديدًا لمصالح الحوثيين، الذين لا يخفون مخاوفهم من تأسيس المطار وإعادة تأهيل ميناء مخا، وهو أمر يعد تهديدا لمصالحهم، المتمثلة في جني الأموال من عائدات جمارك ميناء الحديدة وعائدات مطار صنعاء ( الخاضعة لسيطرة الجماعة) في حال توترت العلاقة مع التحالف وتم إغلاقهما.
وتابع بأن ذلك يجعل قوات المقاومة الوطنية في الساحل الغربي في مقدمة بنك أهداف الحوثي.
"موت سريري"
فيما يبدو السيناريو الثالث وفقا لغانم في "أن تدخل المفاوضات بين الرياض والحوثيين حالة "موت سريري"، وتستعيد العلاقات السعودية الإماراتية الدفء.
وأضاف أنه "من غير المستبعد أن تتخلى الإمارات عن دعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لمصلحة المجلس الرئاسي والحكومة مسنودة بقوات درع الوطن، مقابل تخلي السعودية عن دعم حليفها التجمع اليمني للإصلاح ومحور تعز العسكري لمصلحة قوات المقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح".
وكان عضو المجلس الرئاسي، العميد طارق صالح، قد زار مدينة تعز، في وقت سابق من الشهر الحالي، في خطوة اعتبرت أنها توحي بتقارب بين صالح وحزب التجمع اليمني للإصلاح، القوة الأوسع نفوذا بالمدينة، وتوحيد الجهود لأي معركة محتملة ضد الحوثيين.