نشرت صحيفة "برافدا" الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن مساعي
روسيا الحثيثة لتحسين علاقاتها بدول
الخليج العربي؛ نظرا لمدى أهمية العلاقات وانعكاساتها على قضايا الشرق الأوسط المعقدة.
وقالت الصحيفة في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، إن روسيا بصدد بذل جهود حثيثة من أجل إبرام علاقات جيدة مع دول الخليج العربي. وفي هذا السياق، زارت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي، فالنتينا ماتفيينكو، الرياض، ومن المتوقع أن يزور الملك سلمان بن عبد العزيز موسكو هذا العام؛ لمواصلة المحادثات. وتعدّ زيارة فالنتينا ماتفيينكو إلى المملكة العربية
السعودية خطوة ناجحة وهامة حققتها السياسة الخارجية الروسية مع الجانب العربي.
وأوضحت الصحيفة أن ماتفيينكو التقت مسؤولين رفيعي المستوى من المملكة العربية السعودية، على غرار رئيس مجلس الشورى السعودي ووزير الشؤون الخارجية. لكن النتيجة الأهم من زيارتها هي قبول الملك سلمان بن عبد العزيز دعوة الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين لزيارة موسكو.
ووفقا لفالنتينا ماتفييكو، سيتم التحضير لهذه الزيارة على الفور، خاصة أن هذا اللقاء بين بوتين وسلمان بن عبد العزيز من المرجح أن يتم في القريب العاجل.
لكن الصحيفة تقول إن تقييم نتائج المحادثات بين رئيسة مجلس الشيوخ الروسي وأفراد من الحكومة السعودية يكشف مدى تدهور العلاقات الروسية السعودية. وعموما، لا يثق الطرفان الروسي والسعودي في بعضهما البعض، ما قد يعطل آفاق التعاون بينهما.
وقالت الصحيفة إن أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقات السعودية الروسية هو الملف السوري، خاصة أن مواقف الطرفين حول القضية السورية متباينة. وعلى الرغم من أن السعودية تصر على الإطاحة ببشار الأسد؛ بهدف تحقيق التسوية السياسية في
سوريا، إلا أنها ليست مستعدة لإرسال قواتها إلى الأراضي السورية من أجل إسقاط "الدكتاتور".
وقالت إن الرياض تدرك جيدا أنه من الممكن أن تهدد الفوضى في سوريا والعراق واليمن استقرار المملكة. كما أنه من الممكن أن تتحول الأراضي السعودية إلى مطمع للإرهابيين، وإلى ملجأ لمئات الآلاف من اللاجئين الفارين من أهوال الحرب والمجاعة.
وقالت الصحيفة إن مثل هذه الفرضيات من شأنها أن تسبب قلقا شديدا لدى الرياض، التي بدأت تستوعب الاستراتيجية التي ستعتمدها مستقبلا، والتي تتناسب مع مصالحها الوطنية لا مع المصالح الأمريكية، التي أدت إلى تفكك العراق وتعمل على تفكيك ليبيا، على حد قول الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن ماتفيينكو أن "الملف السوري يمثل نقطة خلاف بين روسيا والسعودية. لكن على الرغم من ذلك، لسنا أعداء، كما أن مواقفنا المختلفة لا تضع البلدين في خندقين مختلفين". وأضافت ماتفيينكو أن المطلوب لتحسين العلاقات السعودية الروسية إرساء مزيد من الثقة بين الطرفين.
وأكدت الصحيفة أنه بينما يعد اكتساب ثقة العرب أمرا في غاية الصعوبة، إلا أن موسكو تعتبر الرياض شريكا مهما جدا في الشرق الأوسط؛ إذ تعتبر أن من مصلحتها تطوير وتوطيد العلاقات مع هذا البلد في جميع المجالات، خصوصا الاقتصادية والسياسية. وعموما، تتخذ السعودية موقفا إيجابيا جدا تجاه روسيا، على الرغم من تضارب المواقف بين موسكو والرياض حول الملفين السوري والإيراني، وفق الصحيفة.
وأوضحت الصحيفة أن موافقة الملك السعودي على تلبية دعوة بوتين لزيارة موسكو تعدّ خطوة بالغة الأهمية من شأنها أن تمثل منعرجا حاسما في مسار العلاقات السعودية الروسية. علاوة على ذلك، تعد هذه الزيارة بداية لمرحلة جديدة مهمة، حيث سيتم الإعداد للمحادثات القادمة التي سيكون فيها الطرفان قادرين على القيام بدراسة شاملة حول مصالح الطرفين، وخلافاتهما، ومحاولة تبادل وجهات النظر، كما سيتمّ تطوير أساليب التعاون، بالإضافة إلى محاولة التخلص من العوامل الخارجية التي من شأنها أن تؤثر على العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأكدت الصحيفة أنه لا يخفى على أحد أن بعض القوى الخارجية تسعى إلى توتير العلاقات بين السعودية وروسيا. وعلى الرغم من أن هذه القوى تسعى جاهدة إلى عرقلة التعاون الروسي مع العالم العربي عامة ودول الخليج خاصة، إلا أن روسيا تعتبر أن إرساء الحوار مع الرياض أمر لا بد منه؛ حتى يتم إيجاد حلول للمشاكل المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط.