تترقب أسواق المال العالمية، نتيجة الاستفتاء التركي، ويحبس المستثمرون الأجانب أنفاسهم انتظارا لما ستسفر عنه صناديق الاقتراع خلال الساعات القليلة المتبقية، سواء من يستثمرون حاليا في
تركيا، أو من يخططون للاستثمار مستقبلا بالبلاد.
ويتجه اليوم، الناخبون الأتراك، للإدلاء بأصواتهم في استفتاء تاريخي، على تعديلات دستورية تقدم بها حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، وسيترتب - حال الموافقة عليها- تغيير النظام السياسي في تركيا من برلماني إلى رئاسي.
وتباينت آراء خبراء اقتصاد ومراقبون، حول التأثيرات المتوقعة على
مؤشرات الاقتصاد التركي، بعد نتيجة الاستفتاء سواء كانت النتيجة بالرفض أو القبول، فيما رأى البعض أن الاقتصاد التركي سيواجه تحديات كبيرة حتى لو جاءت النتيجة بالموافقة على
التعديلات الدستورية.
ومن بين التحديات التي يواجهها الاقتصاد التركي، تراجع قيمة الليرة التركية التي فقدت نحو 25% من قيمتها خلال الأشهر القليلة الماضية، وهو ما أدى إلى ارتفاع في معدلات الأسعار وزيادة في معدلات التضخم تجاوزت الـ 10%، وتراجع معدلات النمو إلى أقل من 3%، فضلا عن زيادة معدلات البطالة إلى 12.7% وهو أعلى مستوى له منذ 7 سنوات، بسبب خروج بعض الاستثمارات الأجنبية على خلفية الإجراءات الاستثنائية التي شهدتها تركيا عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.
ويعول الاقتصاديون المتفائلون بتحسن مؤشرات الاقتصاد التركي، عقب الاستفتاء على استقرار الأوضاع السياسية في البلاد، التي ستنعكس إيجابا - بحسب رأيهم- على معدلات النمو، وسعر صرف الليرة، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، مصحوبة بانتعاش ملحوظ في الأسواق التركية.
وتوقع بنك (USB) السويسري في تقرير له بشأن الاستفتاء التركي، تدفق المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية إلى العديد من القطاعات الاستثمارية في البلاد، حال الموافقة علي التعديلات الدستورية، مرجعا سبب ذلك إلى انتهاء حالة الغموض في الوضع السياسي التركي.
كما توقع التقرير تضاعف القوة الشرائية في الأسواق التركية في حالة التصويت "بنعم"، بفعل انتعاش قيمة الليرة التركية مقابل باقي العملات الأجنبية.
وفي المقابل أبدى التقرير مخاوفه من رفض التعديلات الدستورية، مؤكدا أن التصويت بـ "لا" سيعمق حالة الغموض السياسي في تركيا، ما يؤدي إلى انخفاض مؤشرات الاقتصاد التركي.
ووعد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بقفزة اقتصادية كبيرة حال التصويت بـ "نعم" على التعديلات الدستورية.
وتوقع وزير الاقتصاد التركي، نهاد زيبكجي، زيادة ملموسة في الاستثمارات الأجنبية ببلاده عقب الموافقة على التعديلات الدستورية، قائلا "سندخل مرحلة إيجابية للغاية فيما يتعلق بزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والطلب على الأصول التركية، وتحسن مؤشرات الاقتصاد الأخرى".
وحول استمرار روسيا في فرض قيود على استيراد بعض المنتجات الزراعية من تركيا رغم تطبيع العلاقات، قال زيبكجي إن هناك اجتماعا مرتقبا مع الجانب الروسي، في غضون نحو أسبوع، لمناقشة هذا الأمر.
وقال الخبير في شؤون الاقتصاد التركي بوكالة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني باول غامبله، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيولي اهتماما أكبر لتحسين اقتصاد البلاد في حال صوّت الشارع التركي لصالح التعديلات الدستورية في 16 نيسان/ أبريل الحالي.
وأوضح غامبله في تصريحات صحفية سابقة، أن الحكومة التركية ستمتلك الوقت الكافي لمتابعة إصلاحاتها الاقتصادية في حال صوت الشعب لصالح الاستفتاء، وذلك على اعتبار أن الانتقال إلى النظام الجديد في البلاد لن يتم قبل عام 2019.
وأضاف غامبلة أن الحكومة التركية ستركز خلال هذه الفترة على كيفية تحسين السياسات المالية والميزانية العامة.
وفي حال رفض الشارع التركي للتعديلات الدستورية بفارق بسيط، فقد توقّع غامبله أن تذهب تركيا إلى انتخابات برلمانية مبكرة، وهذا سيلحق الضرر بالاقتصاد التركي.
وأشار الخبير الاقتصادي أنه في حال صوتت الغالبية العظمى في تركيا ضدّ التعديلات الدستورية، فإنّ أردوغان سيستخدم صلاحياته لتحسين الوضع الاقتصادي، دون الحاجة لانتخابات مبكرة.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، نافذ صاووك، إن أسواق المال العالمية تتوقع تصويت الشعب التركي لصالح التعديلات الدستورية في الاستفتاء الذي سيجرى اليوم –بحسب الأسواق العربية-.
وأوضح صاووك أن كثيرا من المستثمرين الأجانب أعدوا خططهم الاستثمارية في تركيا استنادا إلى احتمال تصويت الشعب لصالح التعديلات الدستورية، وأنّ تدفق المستثمرين الأجانب إلى تركيا سيتضاعف خلال الفترة المقبلة.
وأضاف أن الأسواق التركية ستشهد انتعاشا ملحوظا بفعل تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إليها، وبالتالي فإن العملة التركية ستستعيد عافيتها بشكل سريع أمام العملات الأجنبية خصوصا الدولار الأميركي.