لقي محمود شامدين الملقب بـ"أبي عناد" حتفه في معارك ريف حماه الأخيرة، حين كان يقاتل في صفوف "هيئة تحرير الشام" انتقاما لمجازر خان شيخون، وكل ما يملكه هو رجل واحدة فقط، أما الأخرى فقد فقدها في معارك تحرير القرى "العلوية" في شهر آب/أغسطس من العام 2013.
مقاتل آخر ملقب بـ"أبي نعمة خلو" من "أحرار الشام" لا زال أيضا يحمل سلاحه "الكلاشنكوف" بيد واحدة، بعد أن فقد يده اليسرى في منتصف العام الماضي.
وأشار أحد ناشطي حماه إلى أن "أبا عناد كان من أوائل من خرجوا في الثورة بريف اللاذقية، وهو ممن كانوا في الكتيبة التي سيطرت على أول قرية في الساحل السوري، وخاض معارك عديدة منها معركة كنسبا ومعركة سلمى ومعركة النبي يونس الأولى والثانية، كما شارك في كافة المعارك وجبل الأكراد ومن ثم خاض أوبين، والشغر وكسب وخاض معركة مدينة جسر الشغور، وشارك رفاقه بالتصدي لقوات
النظام بعيد التدخل الروسي في سلمى أثناء تقدم قوات النظام، وشارك بمعركة فك الحصار عن حلب وأخيرا معركة ريف حماة الشمالي حيث لقي حتفه.
وقال الإعلامي وسيم شامدين في تصريح خاص لـ"
عربي21": "أصيب أبو عناد بقدمه في معركة عائشة أم المؤمنين، ثم أصيب بعدها بفترة بشظايا في البطن في معارك ضد النظام في محيط سلمى، ومن ثم أصيب بمعركة مدينة جسر الشغور بشظايا بالظهر، وأخيرا في معركة صد قوات
الأسد في الهجوم على قلعة كفر دلبة في بدء الحملة الروسية على ريف اللاذقية.
وأضاف شامدين أن "هذا المقاتل عاد للقتال لأنه كان مؤمنا بالقضية التي خرج من أجلها، ولم يكن دافعه إلا إسقاط النظام، فقد كان من الشجعان في الاقتحامات، فهو لم يستطع أن يرى رفاقه يقتلون وهو جالس".
وختم تصريحه قائلا: "لدى أبو عناد أخ توفي في جب الأحمر في معارك ضد النظام في بدء الحملة الروسية على جبل الأكراد، وقد تزوج منذ أربعة أشهر بعدما توفي والده، ويساعده على العيش أخوه الذي يعمل"، مشيرا إلى أنه قبل أن يتزوج كان يقضي أغلب وقته مع المجاهدين وعلى خطوط القتال، وبعد بترت ساقه تعلم العمل على الرشاشات المتوسطة والثقيلة من بينها مدفع عيار 57 مم.
وتنقل المقاتل كثيرا بين كتائب الجيش الحر منها كتيبة "شهداء كفردلبة"، ثم "النقيب مصطفى ميرزا"، وفي آخر المطاف انضم لـ"فتح الشام"، وبقي معها بعد تشكيل الهيئة الجديدة، حتى قتل في معركة حماة التي حملت اسم "وقل اعملوا" على جبهة معردس، حيث استهدفته قذيفة هاون 120 أسفرت عن موته وإصابة أربعة من زملائه.
مراقبون يرون أن العقيدة الجهادية وتربية النفس لدى هؤلاء المقاتلين تجعلهم يؤمنون بـ"الجهاد"، ويبذلون أرواحهم فدءا لذلك، حيث يقاتل "أبو نعمة" بيد واحدة في الوقت الراهن، ويؤكد أنه لن يبتعد عن
سوريا بلده، وهو وحيد بين أخوته الفتيات، ويعيش على المساعدات المقدمة من "فاعلي الخير".
ويوجد عشرات المقاتلين ممن يقاتلون برجل واحدة أو حتى بيد واحدة، ومنهم من فقد إحدى عينيه، بحسب دعاة شرعيين يؤكدون أن فرض الجهاد سقط عنهم، لكن المحيط الاجتماعي الذي يعيشونه في الداخل السوري يجعلهم تحت تأثير الحملات التي تقوم بها تنظيمات إسلامية جهادية مثل "جبهة أنصار الدين، وجيش محمد"، بالإضافة إلى "هيئة تحرير الشام"، وأبو نعمة يرى أن "جزءا من جسده سبقه إلى الجنة وهو سائر إلى هذا الطريق".