قالت صحيفة "تسايت" إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، عقب مجزرة خان شيخون التي ارتكبها نظام الأسد بحق المدنيين، تشكل منعرجا حرجا على مستوى السياسة الخارجية الأمريكية تجاه كل من
سوريا وروسيا.
وكان خطاب ترامب الذي وجهه لكل من
روسيا وسوريا، أكثر حدة، حيث أفاد أنه لا يجب السكوت عن هذه المجزرة.
وفي هذا الإطار، قال ترامب خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الملك الأردني، عبد الله الثاني، إنه "لا يمكن السكوت عن هذه الجريمة البشعة التي ارتكبها نظام الأسد"، وتابع ترامب تصريحه الناري، قائلا: "لقد تجاوز
النظام السوري كل الخطوط الحمراء، عندما أقدم على مثل هذا الهجوم الذي خلف حوالي 86 قتيلا".
وأضافت الصحيفة أن السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، قد وجهت تهديدا مباشرا للنظام السوري خلال اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي، حيث أوردت، أنه "في حال عجزت الأمم المتحدة عن القيام بدورها، فإننا سنضطر لاتخاذ إجراءات عاجلة بصفة فردية". وفي السياق ذاته، تساءلت هالي، قائلة: "كم من طفل سوري يجب أن يموت حتى تتحرك روسيا؟".
اقرأ أيضا: ترامب يكشف موقفه من نظام الأسد بعد مجزرة خان شيخون
وأشارت الصحيفة إلى أن السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، قد حث الولايات المتحدة الأمريكية على عدم الاكتفاء بالإدانة الشفوية إزاء المجازر التي ما فتئ النظام السوري وحليفه الروسي يرتكبانها في حق المدنيين. كما طالب البيت الأبيض بأن يتخذ مواقف أكثر صرامة.
وأوردت الصحيفة أن وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، قد دعا روسيا إلى مراجعة مواقفها الداعمة لسياسة بشار الأسد، إذ قال خلال لقاء جمعه بوزير الخارجية المكسيكي لويس فيديغاراي كاسو، إن "الولايات المتحدة متيقنة بأن النظام السوري مسؤول عن هذا الهجوم المروع".
ولم يشر إلى ماهية التدخل الأمريكي فيما يتعلق بالانتهاكات الفظيعة التي ارتكبها النظام، حيث صرح: "لن أفصح عن طبيعة هذا التدخل".
في السياق ذاته، أقر ترامب أن هذا القصف العنيف سيؤثر على السياسة الأمريكية تجاه الحرب السورية، خاصة وأن موقفه حيال الوضع في سوريا قد تغير كثيرا.
والجدير بالذكر أن السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، قد أكدت في وقت سابق أن سقوط الأسد لا يشكل أولوية قصوى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.
وبينت الصحيفة أنه عقب هجوم باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا في سنة 2013، بادر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، بدراسة إمكانية التدخل العسكري في سوريا. في المقابل، وافق الأسد، آنذاك، على تدمير الأسلحة الكيميائية وتسليم ترسانة أسلحته للمفتشين الدوليين، في ظل ضغط روسي.
وخلصت الصحيفة إلى أن كل المؤشرات تدل على أن النظام السوري قد استخدم فعلا غاز السارين السام والمحرم دوليا خلال غارات خان شيخون، وتابعت أنه من هذا المنطلق، يمكن الجزم بأن نظام الأسد قد تعمد إيهام المجتمع الدولي بالتخلي عن الأسلحة الكيميائية التي بحوزته.
وأفادت الصحيفة أن جدلا واسعا قد أثير على خلفية هذا الهجوم لتحديد الأطراف المضطلعة في هذه الجريمة، التي خلفت مئات الضحايا. ففي الوقت الذي حملت فيه المعارضة السورية والدول الغربية النظام السوري مسؤولية هذا الهجوم، تدعي روسيا أن الطائرات السورية قد قصفت مصنع غازات سامة يخضع لسيطرة قوات المعارضة عن طريق الخطأ.
وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا قد رفضت مشروع قرار، أقترح من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، يدين النظام السوري باستخدام الغازات السامة خلال الهجوم الأخير، الأمر الذي أدى إلى إرجاء التصويت على هذا المشروع إلى وقت لاحق. وفي هذا السياق، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إنه "لا توجد أدلة كافية لإدانة النظام السوري وتحميله مسؤولية هذا الهجوم".
وفي هذا الصدد، وصفت زاخاروفا هذا المشروع "بغير المقبول". وفي الوقت ذاته، أكد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فلاديمير سافرونكوف، أنه "في الوقت الراهن، لا نرى داعيا لاتخاذ هذا القرار". وقد انتقدت العديد من الأطراف الموقف الروسي أثناء الاجتماع.
ونقلت الصحيفة تصريحات سافرونكوف أثناء هذا الاجتماع، حيث أفاد، موجها كلامه للسفير البريطاني لدى الأمم المتحدة، ماثيو رايكروفت "هل راجعت هذا القرار؟ إن هذه الوثيقة حررت على عجل"، وفي نهاية الجلسة، أعلن السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة، ماثيو رايكروفت، أن "مشروع القرار سيبقى معلقا في انتظار تغير الموقف الروسي".
وفي الختام، قالت الصحيفة إن هجوم خان شيخون تزامن مع مؤتمر بروكسيل الدولي لدعم سوريا. وقد أفضى هذا المؤتمر إلى الاتفاق على منح مساعدات مالية تقدر بحوالي 6 مليارات دولار قصد رعاية اللاجئين.