سياسة عربية

الجوع يؤرق المصريين .. ومسؤول عسكري: إحدى حروب الجيل الرابع

يعاني المصريون من غلاء الأسعار- جيتي
اتسعت في الأسابيع الأخيرة بمصر، ظاهرة تعبير العديد من المواطنين عن شعورهم بالجوع، وعدم امتلاك ما يقتاتونه، وضجهم من الشكوى من الجوع، واتهامهم رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، بأنه حول مصر إلى "خراب وسجن".



في السياق ذاته اعتبر عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قائد المنطقة الشمالية العسكرية، اللواء أركان حرب محمد لطفي، الثلاثاء، أن ارتفاع الأسعار هو جزء من حرب "الجيل الرابع"، التي تواجهها مصر.

وتخلت فضائيات ووسائل إعلام مصرية عدة، في الأيام الأخيرة، عن تحفظها، ونقلت مشاهد مروعة لمصريين يقفون على أبواب المسؤولين، أو يشكون إليهم عبر البرامج الفضائية، من الجوع، وغلاء الأسعار، دون أن يحرك ذلك ساكنا لديهم.

وخصص الإعلامي وائل الإبراشي، حلقة من برنامجه "العاشرة مساء"، الأحد، لرصد ارتفاع أسعار الخضروات، وتأثيره على المواطنين، الذين كان القاسم المشترك بينهم عبارة: "مش لاقيين نأكل".


كما عرض البرنامج نفسه مشهدا لسيدة عجوز أجهشت بالبكاء، عندما سألتها مراسلة البرنامج عن مشاركتها في حملة لمقاطعة شراء الأسماك، بعد ارتفاع أسعارها، فقالت: "مابناكلش، مش بنجيبه، هنجيبه منين؟ معاشي 400 جنيه".

وأردفت: "مش لاقيين ناكل، اتقوا الله فينا.. الناس كلها غلابة.. الشعب ده كله مش لاقي يأكل.. اتقوا الله فينا حرام حِسُّوا بينا شوية.. كل العالم غلابة".


احتجاج ضد الجوع

وقبل أيام، شهد ديوان عام محافظة الغربية بطنطا، قيام أحد الشباب بخلع ملابسه أمام باب الديوان، وهو يصرخ، وينادي على محافظ الغربية، اللواء شرطة أحمد صقر، قائلا: "يا سيادة المحافظة.. مش لاقي قوت يومي، ولا أكل عيالي".

وحاول أفراد الأمن الموجود تهدئة الشاب، وإقناعه بأنه سيتم عرض مشكلته على المحافظ، وبالفعل امتثل الشاب لكلامهم، وارتدى ملابسه، وانصرف دون أن يعرف أحد مصيره.

حرب جيل رابع

في المقابل، علق قائد المنطقة الشمالية العسكرية، اللواء أركان حرب محمد لطفي، على ارتفاع الأسعار، في لقائه، الثلاثاء، بعدد من أعضاء لجنة السياحة والطيران بمجلس نواب ما بعد الانقلاب، بمقر ديوان محافظة الإسكندرية، بالقول إن الغلاء وارتفاع الأسعار، وما يُمارس ضد اقتصاد مصر، هو أحد وسائل الحرب التي تواجهها مصر، التي تحاول أن تتصدى لها.

ومشيرا إلى حروب الجيل الرابع والخامس وتنوع طرقها ووسائلها، تابع المسؤول العسكري قوله: "إن أسلوب المجابهة يتغير، ونحن لم نستطع أن نستوعبه، ففي السنوات الماضية أدركناه، وهو يؤتي ثماره، ويعمل على تفتيت الدول، ويدمرها في بعض الدول العربية مثل سوريا واليمن والعراق".

وأشاد لطفي بالشعب المصري قائلا: "الشعب اكتشف هذا الأمر مبكرا، عن الأسعار والحرب التي لا يدركها، لأنها في الحقيقة هي حرب كبيرة، والغرض منها هدم الدولة المصرية، ولو حصل ده هيكون الشرق الأوسط كله خلص".

وشدد على ترحيب القوات المسلحة بتقديم أي عون للمجتمع المدني، معقبا: "المجتمع المدني هو العون والسند لنا في كل حياتنا، وعلى وجه الخصوص بهذه المرحلة التي نكافح فيها الإرهاب".

لا جدوى

ويُذكر أنه رغم طلبات الإحاطة المتعددة التي تقدم بها عدد من أعضاء مجلس النواب، لم تتمكن الحكومة من السيطرة على الأسعار التي شهدت انفلاتا غير مسبوق، خاصة منذ تحرير سعر الصرف في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

وتعددت طلبات الإحاطة دون فاعلية، ودون أن يتمكن البرلمان من محاسبة الحكومة، أو إلزامها بضبط الأسواق، ومواجهة جشع التجار، وهو ما علق عليه خبراء بالقول إن طلبات الإحاطة لا قيمة لها، ولن تأتي بجديد، لأنها تعني أن هناك التباسا في قضية ما يطلب المجلس توضيحها حتى يتم حلها، ولكن الأسعار لن تنخفض بطلب إحاطة.

زيادات في الطريق

وبعد الزيادات المهولة في الأسعار، التي قصمت ظهر المواطنين بمصر، منذ قرار تعويم الجنيه في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لم ينته الأمر عند هذا الحد، إذ ذكرت تقارير أن الحكومة تستعد لإلقاء قنبلة أخرى من الغلاء في وجه المواطنين مع حلول شهر تموز/ يوليو المقبل.

وفي تصريحات صحفية، كشف وزير الكهرباء، محمد شاكر، أن زيادة أسعار الفواتير ستكون في تموز/ يوليو المقبل، مؤكدا أنها ستطول الجميع، مع مراعاة محدودي الدخل.

وفي غضون ذلك، انتشرت أنباء عن مناقشات حكومية حول معدلات زيادة أسعار الوقود بنسبة 30% و40% في السنة المالية الجديدة، التي تبدأ من تموز/ يوليو.

وبعد ارتفاع الأسعار من 10% إلى 13% بسبب قانون القيمة المضافة في أيلول/ سبتمبر الماضي، تستعد السلع والخدمات لزيادة جديدة في تموز/ يوليو المقبل نفسه، إذ ينص القانون على زيادة الضريبة مجددا بنسبة 1% في العام المالي الجديد.

ثورة الفقراء

وتوقعت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية وقوع ثورة الفقراء في مصر نتيجة للأوضاع الاقتصادية السيئة، وارتفاع الأسعار.

وقالت المجلة إنه عندما يلتقي رئيس الانقلاب المصري، عبد الفتاح السيسي، مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض فإنه سيصور الاحتجاجات ضده بوصفها جزءا من الماضي، وسوف يقدم نظامه كمعقل للاستقرار في المنطقة، ومع ذلك، من المؤكد أن الاضطرابات ستعود إلى مصر.