تواصل الإدارة الأمريكية مسلسل تناقضاتها في الملف السوري بعد وصف سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي رئيس النظام السوري بشار
الأسد بـ"مجرم الحرب" وأن "شعبه لا يريده في السلطة" بعد أقل من أسبوع على تصريحاتها بأن إخراج الأسد من السلطة "لم يعد أولوية أمريكية".
وقالت هيلي إن الأسد "يعرقل السلام في
سوريا منذ أمد بعيد ويعامل السوريين بطريقة مقززة".
وردت هيلي على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون الخميس الماضي والتي قال فيها إن مصير الأسد يقرره الشعب السوري والإشارة إلى أنه تأكيد أمريكي أن بإمكانه الترشح مستقبلا بالقول: "كلا هذا لا يعني أن الولايات المتحدة ستقبل بهذا الأمر".
إقرأ أيضا: تأكيد أمريكي جديد أكثر وضوحا حيال الموقف من الأسد
وأضافت: "نحن لا نظن أن الشعب يريد الأسد بعد الآن.. ولا نظن أنه شخص سيريده الناس ونحن مستمرون في إدانتنا الشديدة لما يفعله الأسد وما فعله ونحن ما زلنا نرصد بشكل مباشر أفعاله".
وتأتي تصريحات هيلي في الوقت الذي كشفت فيه صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من حزب الله والنظام السوري عن فحوى الزيارة السرية التي قامت بها عضو الكونغرس الأمريكي عن ولاية هاواي تولسي غابارد ونقلت من خلالها رسالة شفهية من الرئيس
ترامب إلى الأسد.
وقالت الصحيفة إن ترامب طلب من غابارد إبلاغ الأسد أنه مستعد للاتصال به هاتفيا وأنه مستعد للتعاون معه تحت شعار قتال تنظيم الدولة وسيجد في هذا الوقت مطلب الإطاحة به من منصبه "خارج دائرة اهتماماتي".
وكان وزير الخارجية الأمريكية ريكس تليرسون قال خلال مؤتمر صحفي في العاصمة التركية أنقرة قبل أيام إن الشعب السوري هو من يحدد مصير الأسد.
وأشار تيلرسون في حينه أن نقاشاته مع المسؤولين الأتراك في الملف السوري تركزت على مسألة هزيمة تنظيم الدولة دون التطرق إلى مصير الأسد وبقائه في الحكم.
إقرأ أيضا: الكشف عن رسالة مباشرة من ترامب للأسد.. التفاصيل والرد
أما المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر فقد قال إن هناك "حقيقة سياسية واقعية علينا تقبلها بخصوص حكم رئيس النظام السوري بشار الأسد".
وقال سبايسر إن الولايات المتحدة "فقدت فرصا كثيرة في ظل إدارة أوباما في ما يتعلق بالأسد".
وشدد على أن بلاده بحاجة الآن إلى التركيز على هزيمة تنظيم الدولة وأن "هناك أولويات راسخة في سوريا والعراق وقد أوضحنا أن مكافحة الإرهاب وخصوصا هزيمة التنظيم هي على رأس أولوياتنا".
ورغم وصف مراقبين جملة التصريحات التي صدرت عن مسؤولين في إدارة ترامب بشأن مصير الأسد بأن على الجميع التعامل مع بقائه كأمر واقع بأنها تكشف عن حسم البيت الأبيض موقفه من الأسد إلا أن تصريحات هيلي اليوم تضفي ضبابية حول توجهات الولايات المتحدة في هذا الشأن.
المحلل السياسي السوري محمد النعيمي يرى أن الإدارة الأمريكية تواصل التخبط في توجهاتها تجاه العديد من الملفات في المنطقة وخاصة الملف السوري ورئيس النظام بشار الأسد.
تركة أوباما
وقال النعيمي لـ"
عربي21" إن اختلاط أوراق الأزمة السورية بالإضافة للتركة الثقيلة التي خلفتها إدارة أوباما في سوريا تجعل من الصعب على إدارة أوباما حسم موقفها في سوريا.
وأوضح أن إدارة العلاقة مع الروس في الملف السوري ما زالت غير واضحة وغياب وتشرذم العنصر السوري الذي يمكن لواشنطن الاعتماد عليه سواء في المفاوضات والعملية السياسية أم على الأرض يزيد من التخبط وتناقض التصريحات في العديد من القضايا.
وأشار النعيمي إلى أن الدول الكبرى تبحث عن مصالحها وطالما أنه لا توجد أطراف يمكن التفاهم معها لتحقيق المصالح فإن التخبط في التصريحات والتناقض بين المسؤولين سيسود الموقف.
وشدد على أن جملة التناقضات في التصريحات الأمريكية حول مصير الأسد دليل قاطع على أن إدارة ترامب لم تحسم أمرها في مجمل الملف السوري وتواصل العمل وفقا لنهج أوباما في الحد الأدنى لحين اتخاذ موقف حاسم.
وأضاف: "إدارة ترامب بكل تأكيد الآن في حيرة بين المواصلة على نهج أوباما والتركة الثقيلة التي خلفها أو صياغة نهج جديد للتعامل مع الملف السوري".
لكنه رأى أن الأمر الوحيد الذي حسمته إدارة ترامب في الملف السوري هو التأكيد على مواصلة الحرب على تنظيم الدولة لكن دون الحديث عن اليوم التالي لإنهاء هذا التنظيم.