لم يتفاجأ كثيرون من الموقف الأمريكي الأخير من رأس النظام في
سوريا، بشار
الأسد، فالتراجع الحقيقي كان منذ قررت إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، إلغاء الضربات الجوية لنظام الأسد.
ولم تكن الولايات المتحدة الوحيدة التي غيرت موقفها فقد سبقه تغير في الموقف الفرنسي، والبريطاني، والأوروبي بشكل عام عندما لم يدرج "رحيل الأسد" كشرط أساسي للحل في سوريا، واستبدل بأن الأسد "ليس شريكا"، في قمة بروكسل 2015.
وجاء القرار الأمريكي الواضح بلا تأويل، على لسان مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة "نيكي هيلي"، بأن "سياسة بلادها في سوريا لم تعد تركز على إزاحة الرئيس بشار الأسد".
وأضافت هيلي في تصريح صحفي: "أولويتنا هي كيفية إنجاز الأمور ومن نحتاج للعمل معه لإحداث تغيير حقيقي للناس في سوريا"... "لا يمكننا بالضرورة التركيز على الأسد بالطريقة التي فعلتها الإدارة السابقة"، في إشارة إلى إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
اقرأ أيضا: موقف أمريكي جديد من الأسد.. هكذا ردت المعارضة
وتابعا لتصريحات هيلي، أكد وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، الموقف الأمريكي، إذ قال إن مصير الأسد سوف يحدده الشعب السوري على المدى الطويل.
الخبير الروسي بشؤون الشرق الأوسط، أندريه أونتيكوف، رأى أن التغير الجذري الأمريكي، إيجابي، على صعيد تسريع الحل السياسي والسلمي للأزمة في سوريا.
وأشار أونتيكوف في حديث لـ"
عربي21"، إلى أن كلمة السر في تغير الموقف الأمريكي هي "إيران"، التي تراها الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترامب، العدو الأول والخطر الحقيقي.
وينم تغير الموقف الأمريكي، بحسب الخبير الروسي، عن تغير في أولويات الولايات المتحدة في المنطقة، ورغبتها في الحشد ضد إيران، إلى جانب "المعركة على الإرهاب" التي تهتم بها الولايات المتحدة أكثر من رئيس النظام السوري.
واستبعد أونتيكوف أن تغير المعارضة السورية، سواء المسلحة، أو السياسية، موقفها من الأسد بعد تغير الموقف الأمريكي، مشيرا إلى أن الداعمين الإقليمين لن يغيروا موقفهم منه أيضا.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة ستحاول الضغط على حلفائها في الشرق الأوسط من أجل إقناعهم بضرورة مواجهة إيران، بدلا من الأسد.
المعارضة ردت مباشرة بعد إعلان الموقف الأمريكي، على لسان "منذر ماخوس" أحد المتحدثين باسم الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية للصحافيين في جنيف: "لا يمكن أن تقبل المعارضة بأي دور لبشار الأسد في أي مرحلة من المراحل المقبلة وليس هناك أي تغيير في موقفنا".
اقرأ أيضا: تأكيد أمريكي جديد أكثر وضوحا حيال الموقف من الأسد
المحلل السياسي، محمد النعيمي، لفت إلى أن ضعف تمثيل المعارضة هو السبب الأكبر في تغير المواقف الدولية من الأسد، بدءا بالموقف الفرنسي، والبريطاني، والأمريكي أخيرا، مشددا على أن هنالك فجوة كبيرة بن الثوار على الأرض، والقوى السياسية المعارضة.
ولفت إلى أن ظهور الفصائل "الإسلامية" في سوريا أسهم أيضا في التدخل الغربي في مجريات الثورة.
وأشار إلى أن سوريا أضحت أرض معركة بين المعسكر الروسي الإيراني، والمعسكر الغربي، وكلا المعسكرين لا يلقيان بالا للنظام ولا رأسه.
ولفت إلى أن مواقف الغرب من الأسد، تهدف لاستفزاز
تركيا ذات القوة الاقتصادية الصاعدة، وآخر مظاهرة التحالف الأمريكي مع الأكراد، والتخلي عن أنقرة، في المعركة ضد تنظيم الدولة في الرقة.