تدور تساؤلات عن دور الأزهر في التوعية الدينية في مصر- أرشيفية
أظهرت إحصائية لمحكمة الأسرة المصرية، نشرت هذا الأسبوع، أن عدد دعاوى الطلاق التي تلقتها خلال عام 2015، بسبب إلحاد الزوج أو تغيير عقيدته، بلغت أكثر من 6500 قضية.
وفي السياق ذاته، أكد محامون متخصصون في قضايا الأحوال الشخصية أن قضايا الطلاق أو الخلع بسبب إلحاد الزوج شهدت ارتفاعا بنسبة 30 في المئة بنهاية عام 2016.
تشويه الإسلاميين
وكانت دراسة صادرة عن مؤسسة "بورسن مارستلير" الأمريكية المتخصصة في شؤون الأديان، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، كشفت أن عدد الملحدين في مصر وصل إلى أكثر من مليوني شخص، مشيرة إلى أن غياب المشاركة السياسية أمام كافة المواطنين، خاصة الشباب، بالإضافة إلى تشويه صورة الإسلاميين المتدينين في الإعلام المصري عقب الثورة، زاد من تلك الظاهرة.
وفي أكثر من خطاب له، حمّل قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي رجال الدين المسؤولية عن تزايد الإلحاد في المجتمع، متهما إياهم بتنفير الناس من الدين، على حد قوله.
وكثيرا ما حذر الأزهر الشريف من انتشار ثقافة الإلحاد بين الشباب، ونظم عدة ندوات ومؤتمرات لمواجهة الظاهرة بين طلاب الجامعات، كان آخرها ندوة بجامعة الأزهر بكفر الشيخ، السبت الماضي، تحت عنوان "الإلحاد والطريق إلى المواجهة".
وطالبت دار الإفتاء المصرية مجلس النواب بسن قانون ينظم الخطاب الديني، وقالت، على لسان أمين عام الفتوى بالدار، أحمد ممدوح، يوم الاثنين الماضي، إن "الفوضى الدينية في الفترة الأخيرة أدت إلى انتشار التطرف والإلحاد"، على حد قوله.
تمرد على العادات الخاطئة
وقال أستاذ علم النفس، هشام بدوي، إن "ظاهرة الإلحاد هي في الأساس مرض نفسي يتعرض له الإنسان نتيجة عادات وتقاليد اجتماعية يحاول الفرد أن يتخطاها، بسبب ممارسة رقابة شديدة عليه، ويشعر معها بأنه أصبح سجين هذه العادات والتقاليد".
وأوضح بدوي، في تصريحات لـ"عربي21"، أن "هذا الأمر يحدث كثيرا مع الفتيات بعد مرحلة المراهقة، خاصة من تربين في ظروف أسرية محافظة ومغلقة، مثل كثير من محافظات الصعيد، وعندما تغير الفتاة مكان إقامتها، وتسكن في مدينة جديدة، وتختلط بعادات مختلفة عن عادات الريف، تبدأ في التمرد على ما تربت عليه".
وأضاف: "الأمر يبدأ بخلع الحجاب، والبحث عن مبررات دينية تتيح لها خلعه، كالأقوال بأنه ليس فرضا، وبعدها تبدأ في التمرد على أشياء وتعاليم دينية مقدسة وواضحة، خاصة إذا كانت تنتمي لمجموعات سياسية أو اجتماعية متحررة تعتنق أفكارا علمانية أو ليبرالية".
ولفت بدوي إلى أن كل هذه المظاهر والسلوكيات يكون لها أثر على الإنسان، "وتجعله يتجه للإلحاد خطوة خطوة، لكن الثابت أن الإلحاد هو تمرد على عادات وتقاليد خاطئة"، مضيفا: "لا أعتقد أن هناك ملحدين مصريين يفهمون المعنى الديني للإلحاد، بل إن الأمر بالنسبة لهم مجرد خروج من دائرة الرقابة الدينية أو السياسية أو الاجتماعية".
وأشار إلى أن الأحداث السياسية التي مرت بها مصر في السنوات الأخيرة ساعدت على تزايد الإلحاد، خصوصا الانقسامات والصراع مع الإخوان، "وغياب دور الأزهر؛ بسبب انشغاله بصراعات دينية وسياسية أخرى، كما أن الإحباط بسبب الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية قد يؤدي بالشخص إلى الإلحاد أو حتى الانتحار؛ هربا من الأعباء النفسية التي يعاني منها"، وفق قوله.
الإلحاد تزايد بعد الثورة
من جهتها، رأت أستاذة علم الاجتماع، هبة زكريا، أن "ظاهرة الإلحاد بدأت في التزايد بعد ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، مع انتشار مفهوم الحرية المطلقة، الذي أصبح موجودا في عقول عدد كبير من الشباب الذين شاركوا في الثورة، خاصة الذين احتكوا بجماعات وأشخاص يحملون أفكارا ليبرالية أو علمانية متحررة، وهذا ما أدى إلى دخولهم في الإلحاد والبعد عن الدين".
ورأت هبة زكريا، في حديث لـ"عربي21"، أن "عدد الملحدين زاد في وقت وصول جماعة الإخوان المسلمين للحكم"، معتبرة أن ذلك "دفع جزءا من الشباب إلى الإلحاد؛ اعتراضا على الأوضاع السياسية" في ظل حكم الإخوان، وفق تقديرها.
وتابعت: "ظاهرة الإلحاد ظهرت وقت الثورة، ثم زادت في عهد الإخوان، لكنها زادت أكثر بعد مذبحة رابعة والصدام الذي حدث بين الإخوان والسلطة الحالية، خاصة مع محاربة المنتمين للتيار الإسلامي في المجتمع، وهو ما جعل الناس تخاف من المتدينين؛ باعتبارهم إرهابيين، وبالتالي ظهرت أجيال جديدة في سن المراهقة تنفر من فكرة التدين، وتبتعد عن أساسيات الدين، مثل الصلاة في المسجد أو صيام رمضان، وهذا بدوره ساهم في خلق مساحة بديلة سهلت توجههم للإلحاد"، كما قالت.