في قرابة 24 ساعة فقط، تمكّن رئيس الانقلاب، عبد الفتاح
السيسي، من حشد شيخ الأزهر أحمد الطيب، ومفتي الديار
المصرية، شوقي علام، ووزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، الذين يمثل ثلاثتهم أضلاع
المؤسسة الدينية الرسمية بمصر، في مشهد عام، أطلَّ منه، على غضب شعبي متواصل، تسبَّب فيه قرار حكومته بخفض حصة مستحقي الدعم من أرغفة
الخبز، الثلاثاء الماضي.
ولأول مرة، منذ رفضت "هيئة كبار العلماء" بالأزهر، اشتراط توثيق "الطلاق الشفوي"، بالمخالفة لدعوة السيسي في هذا الصدد، قبل أكثر من شهر؛ ظهر شيخ الأزهر، بحضور السيسي، حيث أمَّ المصلين، في صلاة الجمعة، 10 آذار/ مارس الحالي، بمسجد المشير حسين طنطاوي، بضاحية التجمع الخامس، شرق القاهرة.
وتزامن "زخم" الخطبة مع الاحتفال بمناسبة "يوم الشهيد والمحارب القديم"، الذي اختير له يوم "استشهاد" الفريق عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، في التاسع من آذار/ مارس عام 1969.
وأدى صلاة الجمعة مع السيسي، كل من: وزير الدفاع، الفريق أول صدقي صبحي، وصهر السيسي رئيس الأركان، الفريق محمود حجازي، وقادة الفروع الرئيسة للجيش، وكبار القيادات العسكرية والشرطية، وعدد من الوزراء، والمسؤولين.
وبينما حرصت صحف القاهرة الصادرة السبت، على إبراز قيام السيسي بأداء الصلاة بهذا المسجد، لم تستطع تلك الصحف أن تغض الطرف عما اعتبرته صحيفة "المصري اليوم"، السبت: "غضبا في المحافظات بسبب نقص الخبز"، مؤكدة تواصل أزمة الكارت الذهبي الخاص بتوزيع الخبز بعدد من المحافظات، الجمعة.
وبحسب الصحيفة: "نشبت مشادات بين مواطنين وأصحاب مخابز في كفر الشيخ بسبب نقص الكميات، كما سادت حالة من الغضب بين المواطنين في الدقهلية بسبب إغلاق معظم المخابز أبوابها مبكرا في وجه المواطنين، لعدم وجود خبر مدعم بها، وذلك لليوم الثالث على التوالي، فيما أشار أصحاب مخابز إلى أن حصتهم انخفضت لنسبة 25% مما كانوا يحصلون عليه".
اجتماع بقيادات الجيش
وبينما قطاع عريض من المصريين، لا يجدون الخبز، صبيحة الجمعة، ويؤجلون إفطارهم إلى ما بعد صلاتها، مصطفين في طوابير للحصول عليه، حرص السيسي، عقب تأدية صلاة الجمعة، على عقد اجتماع موسع، بعدد من قيادات وضباط وجنود الجيش.
وبحسب صحيفة "الأهرام"، في عددها الصادر السبت، فإن السيسي أكد في الاجتماع أن مصر "لا تنسى شهداءها الذين يقدمون أرواحهم فداء للوطن"، موجها التحية "لأبناء الوطن من الشهداء".
وأعرب عن خالص تقديره، والشعب المصري، "للتضحيات والبطولات التي يقوم بها أبناء القوات المسلحة، في الذود عن مصر، والدفاع عنها، ضد كل من تسول له نفسه، تهديد أمنها وسلامة شعبها، فضلا عن جهودهم في مكافحة الإرهاب، والحفاظ على كيان الدولة"، بحسب الصحيفة.
ثناء المفتي
واستبق المفتي، شوقي علام، هذا المشهد، بالوقوف بين يدي السيسي، ملقيا خطبة الجمعة، تحت عنوان "التضحية من أجل الأوطان"، ملتزما بعنوان الخطبة المكتوبة الموحدة من قبل وزارة الأوقاف لهذا الأسبوع، التي تضمنت "فضل الشهادة".
وقبل نهاية الخطبة، أثنى المفتي على السيسي، بشكل واضح إذ قال: "نحن نجد إخلاصا لم نلحظه قبل ذلك، إخلاصا في العمل في الدولة".
وخاطب المفتي الشعب المصري، قائلا: "لهذا ندعوك أيها الشعب الأبي إلى أن تلتف حول قيادتك، وأن تعمل وتجتهد حتى تعود الريادة مرة أخرى إلى مصر، وهي تعود بالفعل".
وقال: "نحن في لحظة فارقة.. لكننا سنكون في ظهور جيشنا وظهور شرطتنا صفا واحدا"، متابع بالقول: "إننا نعول كثيرا على هذا الجيش الباسل والشرطة المجيدة في الدفاع عن وطننا بل وعن الأمة كلها".
ووجّه رسالة إلى "الإرهابيين" قائلا: "أنتم أسأتم القصد، وأخطأتم الفهم، عودوا إلى رُشدكم، فأنتم وباء على هذه الأمة، والإسلام شُوّه بأفعالكم، والأوطان هدرت بأفعالكم، ومبرراتكم فاشلة، وعقولكم تافهة"، مضيفا: "الشهادة في سبيل الله ليست عند الإرهابيين المجرمين، لكن الشهادة هنا، عند جيشنا وشرطتنا".
مؤتمر ضد "الإرهاب"
وغير بعيد، انطلقت صبيحة السبت، أعمال المؤتمر الدولي السابع والعشرين للشؤون الإسلامية تحت عنوان "دور القادة وصانعي القرار في نشر ثقافة السلام ومواجهة الإرهاب والتحديات"، برعاية السيسي، ورئاسة وزير الأوقاف المصري، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، محمد مختار جمعة.
وكانت قد سادت تكهنات، حتى اللحظات الأخيرة، تؤكد حضور السيسي افتتاح المؤتمر، الذي يستمر يومين، وإلقاء كلمة فيه، إلا أنه تم الاكتفاء بإنابة جمعة، في إلقاء كلمة افتتاح المؤتمر، الذي تم فيه حشد وزراء الأوقاف والمفتون وشخصيات سياسية ودينية وبرلمانية وإعلامية، من مصر، ودول عربية وإسلامية وأجنبية، تقدر بأربعين دولة.
جمعة يشكر
وفي بداية كلمته الافتتاحية للمؤتمر، وجه علي جمعة، الشكر للسيسي، فقال: "أتوجه بكل الشكر والتقدير، لسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، على تكرمه برعاية هذا المؤتمر، وعلى اهتمام سيادته البالغ بتصويب الخطاب الديني، ونشر ثقافة السلام، والعيش الإنساني المشترك، ومواجهة التطرف والإرهاب".
وأضاف جمعة: "لا شك أن وجود إرادة سياسية قوية لمواجهة الإرهاب يُعد أمرا حيويا ومحركا رئيسيا لسائر المؤسسات الدينية والتربوية والثقافية والأمنية والعسكرية".
وختم كلمته قائلا: "حرصنا في هذا المؤتمر على تمثيل واسع للمرأة، تفاعلا مع إعلان الرئيس السيسي 2017 عاما للمرأة المصرية".