أدلى رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، بتصريحات جديدة، الخميس، أكد فيها أن مصر تحارب الإرهاب على أرضها، وأنها تقوم بالتصدي لما اعتبره "الجماعات المتشددة" بدول المنطقة، في وقت طالبه فيه عدد من أنصاره بملء بطون أبناء الشعب الجائعة أولا، وقالوا إن "الشعب يتحمل كل حاجة إلا لقمة عيشه"، وفق وصفهم.
ويأتي ذلك في وقت صدرت فيه غالبية الصحف المصرية، الخميس، بعنوان يقول: "الحكومة تخمد "فتنة الخبز"، وهو العنوان الذي تكرر حرفيا بين صحيفتي "اليوم السابع" و"المصري اليوم"، واقتربت منه صحيفة "روز اليوسف"، بالقول: "انتهاء فتنة خبز "الكارت الذكي"، فيما قالت "الشروق": "تطويق أزمة الخبز".
وتبارت الصحف في رواية "كواليس إنهاء وزارة التموين الأزمة التي ترتب على قرار الوزير، على المصيلحي، بتخفيض عدد الأرغفة إلى خمسمائة رغيف لكل مخبز"، كاشفة قيام الوزارة بتسليم مئة ألف بطاقة لست محافظات لتوفير الكروت "الذكية" للمواطنين، وعدم الاعتماد على "الكارت الذهبي" الموجود في المخابز.
وأشارت إلى عودة الهدوء إلى سائر المحافظات، بعد المظاهرات وقطع الطرق وإيقاف القطارات، في العديد منها، وذلك وسط تحذيرات لأصحاب المخابز من الامتناع عن تسليم الخبز للمواطنين.
"مصر تحارب إرهابها"
ونقلا عن التقرير السنوي لمؤسسة "أوكسفورد بيزنس جروب"، الذي ستصدره عن مصر، ذكرت الصحف المصرية الصادرة، الخميس، جميعها، على لسان السيسي، أنه قال إن مصر تحارب الإرهاب على أرضها، ولا تدخر وسعا للوقوف أمام مخاطر انتشار الجماعات المتشددة في العديد من دول المنطقة، من أجل إعادة الاستقرار لها.
وشدّد السيسي على أن تضافر جهود المجتمع الدولي لمحاربة الإرهاب أمر ضروري ومهم، مضيفا أنه برغم الحرب التي تخوضها مصر ضد الإرهاب خلال الفترة الماضية، وغياب الاستقرار السياسي في الفترة ما بين 2011 و2014 إلا أنها ماضية في طريقها نحو تحقيق قفزة اقتصادية من خلال حزمة من الإصلاحات المالية والاقتصادية والهيكلية، بحسب قوله.
وتتزامن تصريحات السيسي تلك، مع التحديات التي فرضتها عليه، أزمة توزيع الخبز، غير المسبوقة، بمصر، التي أدت إلى اندلاع مظاهرات شعبية واسعة، في العديد من المحافظات، الثلاثاء.
وتعليقا عليها، قال المدير التنفيذي الأسبق لصندوق النقد الدولي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، فخري الفقي، في مداخلة هاتفية مع برنامج "90 دقيقة"، عبر فضائية "المحور"، إن لقاء السيسي بوفد مجموعة أوكسفورد، جاء للتأكيد على أن أداء الاقتصاد المصري بدأ في طريقه للتحسن، وفق وصفه.
"اهتم بالبطون أولا"
وتتزامن التصريحات أيضا مع انتقادات متزايدة من قبل عدد من أنصاره، من السياسيين، والإعلاميين، وأعضاء "مجلس نواب ما بعد الانقلاب"، طالبوه بأن تحتل مسألة "ملء البطون"، أولوية حكومته، وفق تعبيرهم.
في هذا الصدد، وجَّه عضو المجلس، مرتضى منصور، رسالة إلى السيسي، دعاه فيها إلى الاهتمام بتوفير المأكل والمشرب للمواطنين قبل بناء مشروعات جديدة، مؤكدا أن المصريين غير قادرين على تحمل الإرهاب الذي نتعرض له منذ فترة، وارتفاع الأسعار، أيضا.
وقال منصور، في حواره مساء الأربعاء، عبر برنامج "العاشرة مساء"، بفضائية "دريم": إن المواطنين في حالة غضب، وغليان.
وخاطب السيسي قائلا: "اهتم ببطن البني آدم، المواطن عاوز ينام شبعان"، مضيفا أن المواطن البسيط غير مهتم بالعاصمة الإدارية الجديدة وغيرها من المشاريع العملاقة.
وتابع: "من فضلك نهتم ببطن البني آدم، أنا عاوز أنام شبعان، عاوز زجاجة زيت أعمل بيها فول وطعمية، غالبية الشعب غضبان، مش عايزين نخسر اللي ساندونا في 30 يونيو، ولا نخسر رهاننا عليهم.. الشعب ممكن يستحمل كل حاجة إلا لقمة عيشه"، بحسب قوله.
وأضاف: "الدورة الجاية تبقى لبناء المشاريع هيكون فيه سياحة واستثمار وغاز طبيعي".
"يا واخد قُوتي"
وتحت هذا العنوان، الذي يشير إلى المثل العامي الذي يقول: "يا واخد قُوتي يا ناوي على موتي"، قال محمد أمين"، بجريدة "المصري اليوم"، الخميس: "يعرف الوزير على المصيلحي أن رغيف الخبز خط أحمر، ويعرف رئيس الوزراء نفسه أنه لا يمكن أن يترك الوزير وحده يدير هذا الملف، مهما كانت قدراته خارقة. قبلهما يعرف الرئيس أن رغيف الخبز لا يمكن المساس به، خاصة أنه آخر شيء في يد المواطن الآن".
وتابع أمين: "أتصور، بهذا المفهوم، أن رغيف الخبز ليس مجالا للعبث أبدا، وليس مجالا للقلق أيضا.. وهذه رسالة تحذير لمن يهمه الأمر".
وأضاف: "أطمئن صديقي المهندس سيد حنفي الذي أرسل رسالة غاضبة، قال إنها "من مواطن مطحون إلى الرئيس"، يقول فيها: "إلا رغيف الخبز.. رغيف الخبز خط أحمر".. ثم يقول: "المواطن المطحون ما عاد يتحمل زيادة في الأسعار، واحتياجاته اليومية، وفواتير الكهرباء والمياه... إلخ، فضلاً عن مصاريف العلاج".
ويضيف حنفي، بحسب أمين، أن "المواطن المطحون لا يتحمل المفاجآت ولا الغموض، ولكنه يريد سياسة واضحة ومصارحة حقيقية، بلا مراوغة أو خداع.. لاسيما أنه قد فاض به الكيل.. فقلت له: خلاص يا سيدي، رسالتك وصلت".
ورأى الكاتب أن "الجديد في الأمر أن ثورة الخبز لم تندلع في القاهرة الكبرى، ولكنها جاءت من الأطراف وعمق الريف، كما أنها ليست ذات طابع سياسي، ولا يقودها يساريون أو محسوبون على تيار بعينه".
وتابع: "القضية الآن أصبحت تخص المواطن نفسه، لذلك أتفق مع صديقي، حين رفع شعار (رغيف الخبز خط أحمر)، و(إلا الخبز)"، مشدَّدا على أن "الناس في النهاية عاوزة تاكل عيش".
الخبز اسمه "عيش"
وتحت هذا العنوان بجريدة "الوطن"، قال محمود خليل: "للمصريين عبارة مأثورة يقولون فيها: "عُض قلبي ولا تعظ رغيفي".
وأردف: "لقد تحمل المواطن الكثير من حكومة تفترسه يوميا بقرارات جديدة عجيبة. وصول الأمر إلى رغيف الخبز يعني أننا أمام مشهد مختلف. إن المصريين يطلقون على الخبز وصف "عيش"، خلافا لكل شعوب الدنيا، وعلى ما في هذا الوصف وتلك النظرة إلى الرغيف من معايب، إلا أنها تبدو طبيعية في ظل تاريخ القهر الذي عانى منه المصريون على يد حكومات حولتهم إلى ميتين بالحياة".
واختتم مقاله بالقول: "لذلك عليك ألا تستغرب عندما أقول لك إن الحكومة قررت قتل الفقراء، لأن جور "وزير الرغيف" على خبز الفقراء يعني قتل العيش"، بحسب قوله.