تسابق السلطات الألمانية الزمن لتقليص عدد
اللاجئين الذين قدموا إلى ألمانيا بكثافة، وخصوصا بعد ترحيب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بهم في عام 2015.
وتراجعت سياسة الترحيب باللاجئين في ألمانيا، لا سيما بعد تراجع شعبية المستشارة ميركل نتيجة تبنيها سياسة استقبال اللاجئين بهذا الكم الكبير، وهو ما أدى إلى سخط شعبي عليها، بحسب مراقبين.
وقال المراقبون إن ميركل تسعى بكل ما أوتيت من قوة، إلى تحسين صورة شعبيتها المتراجعة قبل الانتخابات التشريعية المنوي إقامتها الخريف القادم، على حساب تقليص عدد اللاجئين، وخصوصا الذين ترى ألمانيا فيهم أنهم قادمون من دول آمنة.
وتتخذ السلطات الألمانية عدة إجراءات لترحيل عدد كبير من اللاجئين، بينهم القادمون من دول
المغرب العربي، وتحديدا من المغرب وتونس والجزائر، وهي دول مصنفة على أنها "آمنة".
ووقعت الحكومة الألمانية على مشروع قانون جديد في 22 شباط/ فبراير الماضي؛ يتم بموجبه تسهيل
ترحيل اللاجئين المخالفين، أو من تطلق عليهم حكومة برلين وصف "اللاجئين الخطرين".
ووفق مشروع القرار؛ فإنه سيتم السماح للسلطات الألمانية في المستقبل باتخاذ قوانين تسمح بشكل أفضل بتنفيذ إجراءات الترحيل. ويشمل القرار السماح للسلطات المختصة بالاطلاع على بيانات الهواتف المحمولة للاجئين وحواسيبهم؛ من أجل التعرف على هوياتهم.
ويسعى المسؤولون الألمان للتفاوض مع عدة بلدان، بينها دول المغرب العربي الثلاث، المغرب والجزائر وتونس، لإعادة اللاجئين إلى بلدانهم.
وكان من المقرر أن تزور المستشارة ميركل الجزائر في 21 شباط/ فبراير الماضي لهذا الغرض، قبل أن يتم الإعلان عن تأجيل الزيارة بسبب ما قيل إنه عدم جاهزية الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة لاستقبالها.
وسبق ذلك؛ زيارة لرئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد إلى العاصمة الألمانية برلين، في 14 شباط/ فبراير الماضي، للتفاوض حول قضية اللاجئين، وإمكانية إنشاء معسكرات لاستقبالهم في تونس.
وتزايدت المطالبات في ألمانيا بترحيل مواطني دولة تونس تحديدا بعد هجوم برلين الأخير، الذي تورط فيه، بحسب السلطات الألمانية، شخص تونسي الجنسية يدعى أنيس العامري، ولمحت برلين حينها بتقصير تونس في ترحيله، بعدما طلبت السلطات الألمانية التعاون لترحيله كونها تصنفه شخصا خطيرا.
ورفض الشاهد في مقابلة مع صحيفة بيلد الألمانية أثناء زيارته الأخيرة لبرلين، الاقتراح الألماني بإنشاء معسكرات للاجئين في بلاده، كما أنه رفض الاتهامات الموجهة لتونس بالتقصير في قضية العامري.
ظروف صعبة
ويعيش مواطنو دول المغرب العربي الثلاث ظروفا نفسية صعبة، نتيجة لتهديدهم بالترحيل في أية لحظة، كما يقولون.
وقال "حبيب" وهو اسم مستعار للاجئ مغربي في ألمانيا: "لا أستطيع أن أنام ليلي بشكل جيد بعد حصولي على رفض اللجوء من قبل المحكمة، ففي أي لحظة يمكن أن يأتيني الأمن ويقتادني في أقرب طائرة إلى بلادي".
وأكد حبيب لـ"
عربي21" أنه تلقى "معاملة مختلفة تماما من قبل السلطات الألمانية، وتأخيرا ومماطلة"، مشيرا إلى أنه منع من الدراسة والعمل، بهدف الضغط عليه لمغادرة البلاد، على حد قوله.
أما محمد؛ اللاجئ القادم من الجزائر، فقال إنه اضطر للمبيت في مكان آخر غير المخصص له من قبل الحكومة الألمانية، حتى لا يتم ترحيله.
وأضاف لـ"
عربي21": "أتفادى الظهور في المناطق التي يتواجد فيها رجال الأمن، حتى لا يتم سؤالي عن هويتي، لأنني حاصل على قرار ترحيل من ألمانيا".
من جهته؛ أكد "حمزة" الذي يقول إنه عانى كثيرا كي يصل من بلده تونس إلى ألمانيا، أنه ينوي مغادرة البلاد إلى بلد أوروبي آخر، بعد تلقيه رفض اللجوء، خشية ترحيله في أي وقت قسريا إلى بلاده التي لا يرغب في العودة إليها.
وكانت السلطات الألمانية قد رحلت، العام الماضي، ما يزيد على 400 لاجئ إلى دول المغرب العربي، من أصل ثمانية آلاف و363 شخصا رفضت طلبات لجوئهم، وتعترض إجراءات ترحيلهم صعوبات تتمثل في عدم امتلاكهم أوراقا ثبوتية تؤكد أنهم من رعايا الدول المذكورة، بحسب مصادر حكومية.
خطة جديدة
وفي المقابل؛ أعلنت الحكومة الألمانية، الاثنين الماضي، خطة تقدر تكاليفها بمئات ملايين اليورو، لتحفيز اللاجئين على مغادرة الأراضي الألمانية طوعا.
وقالت وزارة التنمية والتعاون الاقتصادي في تقرير لها، إن الخطة التي سيتم تطبيقها بداية آذار/ مارس؛ هي عبارة عن مشروع متكامل يرمي إلى تشجيع اللاجئين على مغادرة ألمانيا، والعودة إلى بلدانهم الأصلية، وتوفير الأرضية اللازمة لاندماجهم في أسواق العمل في هذه البلدان.
وأشارت الوزارة إلى أن "تعذر إثبات هويات اللاجئين؛ حفزها على تشجيعهم على المغادرة الطوعية، واستثمار الأموال في تأسيس مراكز استيعاب لهم في بلدانهم الأصلية؛ من أجل تقديم المساعدة لهم أثناء بحثهم عن عمل فيها".
وشددت السلطات الألمانية من إجراءات قبول طلبات اللجوء، مشترطة على اللاجئين تقديم أدلة واضحة للنظر في طلباتهم، بينما وصف مراقبون إجراءات برلين في حق اللاجئين بأنه "أشبه بسياسة العصا والجزرة".