أمر مخجل أن يوجد شخص عاقل، عاطل عن العمل ويعيش على حساب أسرته الفقيرة، يدرك حق الإدراك مدى قساوة الحياة وعثراتها الخانقة، ومع ذلك يقدم على فعل الزواج بدعوى أنه سنة دينية أو أوشك على تجاوز السن المثالي للزواج، حسب ثقافة مجتمعية لا شك أنه يقابلها فكر عقيم، مقامرا بحياته وحياة التي سيتزوجها لخوض مغامرة باطلة...
يتزوج فتاة مطيعة بدورها سئمت حياة العزوبية ونعتها بالعانس، أمنيتها، زوج تنتظره بلهفة شديدة أن يطرق منزل والدها، يخلصها من هوس القيل والقال الذي لا يفارقها صداه، خاضعة لإرادة الآخرين.
يحتفلون بهما كزوجين بطقوس تقليدية تافهة... يرقصون، يغنون و يمارسون من الجنس ما يشتهون تلك الليلة تحت تخدير حقن الحب التي زود بها كل منهما الآخر، و في اليوم الموالي تنبت فكرة الإنجاب لدى كليهما.. بداية توحي بزواج فاشل بجميع المقاييس.
تستجيب الطبيعة لرغبتهما و يزداد الطفل الأول، ووالده لا يزال ينتظر من والديه أن يجودا عليه بالقوت اليومي له و لزوجته التي ما إن تتجاوز ولادتها الأولى بسلام حتى تستعد لعملية حمل ثانية، تالثة ورابعة، فالتوالد هو المشروع الناجح الذي يتقنه شباب عاطل عن العمل في بلادنا ..
لم يعد بمقدور الأب العجوز أن يعيل إبنه العاطل و عياله و يزداد الأمر تعقيدا بكثرة الطلبات، منتجا مشاكل مادية، متبوعة بمشادات كلامية و القاء اللوم على بعضهما، هنا يستفيق ضمير كان في سبات المنسيين، يباغثه فجأة و كأنه كان ثملا لا يعي قبح ما أقدم عليه في ليالي الحب و العشق التي تلاها البغض، النفور و العصبية المفرطة...
يتبادلون الإتهامات و الشتائم صباحا، و يتعاطون الحب و الجنس ليلا و هنا تغيب أصول المنطق
حقا أتساءل: هل لا يزال عقل كليهما مستقرا في مكانه ؟؟ و كيف ستكون نفسية هؤلاء الأطفال أمام هذا الوضع المتناقض، كيف سيحظون بعيشة كريمة، مستقبل دراسي مستقرو مستقبل مهني زاهر تحت تأثير وضع تعيس فقير كهذا و كيف سيمنعون عن أبنائهم عيش حياة مريرة و هم السبب الأول والأخير أكرموا أبنائكم بعدم إنجابهم في أوضاع لا تليق بهم رفقا بطفولتهم، متأكدة بأنهم سيكونوا ممتنين لفضلكم هذا حيثما كانوا، عوض شغل الفكر بامور الانجاب و التكاثر اشغلوه بتجديده فحتى الزواج يحتاج أرضاً خصبة ليَتَكَلَّل بالنجاح.