على الرغم من الإعلانات الرسمية لالتي طفت عن زيارة الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان لكل من البحرين والسعودية وقطر، وما نتج عنها من توقيع اتفاقيات اقتصادية ثنائية، إلا أن محللين ومراقبين أكدوا أن ما جرى خلال اجتماعات أردوغان مع قادة تلك الدول ربما يكون أبعد من ذلك بكثير.
وبدأ أردوغان جولته الأحد الماضي بزيارة البحرين ولقاء عاهلها الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ثم توجه إلى
السعودية حيث التقى الملك سلمان بن عبد العزيز، وبعدها إلى قطر التي التقى فيها أميرها تميم بن حمد آل ثاني.
الكاتب البحريني الدكتور إبراهيم الشيخ قال في حديث لـ"
عربي21" إن "الرئيس التركي ألقى خلال زيارته للبحرين محاضرة هامة حضرها كبار الدبلوماسيين ورجال الأعمال والصحفيين".
وتحدث أردوغان بالمحاضرة بوضوح عن الدور
الإيراني ونشرها ما سماه "العنصرية الفارسية" في المنطقة، كما تحدث عن مكافحة الإرهاب ودعم أنقرة المستمر للمنامة منذ عام 2011 وهو تاريخ الانقلاب الذي وصفه أردوغان بالطائفي في البحرين.
ولم يغب موضوع
سوريا والعراق عن حديث أردوغان، وفقا للكاتب البحريني، لافتا إلى أن هذا يعزز التوافق
الخليجي التركي كما جاء على لسان وزير خارجية السعودية عادل الجبير في زيارته الأخيرة إلى تركيا، والتي تحدث فيها عن توافق تركي سعودي تجاه تدخل إيران بالمنطقة.
وأعرب الشيخ عن اعتقاده بأن هذه التحركات السياسية والدبلوماسية بين تركيا ودول الخليج باتت أكثر مكانة بعد توقيع الاتفاقات الاقتصادية التي ترفع من قيمة الاتفاقات السياسية.
أردوغان يحذر الخليج
من جهته، قال الدكتور محمد العادل مدير المعهد التركي العربي لـ"
عربي21" إن "زيارة أردوغان إلى الخليج قد يكون طغى على شكلها الجانب الاقتصادي، بالنظر إلى الوضع الاستثنائي الذي يعيشه الاقتصاد التركي، إلا أنني أعتقد أن الزيارة أبعد من ذلك".
وأوضح أن "هناك توجها واضح إقليميا ودوليا للتوصل إلى حل لأزمة سوريا، لذلك تريد تركيا أن تكون الأطراف الدولية والإقليمية بشكل خاص حاضرة وبقوة في أي حل سياسي، ولا يجب على دول الخليج أن تبقى متفرجة فقط، وإنما أن تكون متفاعلة ولها تاثير".
وأضاف العادل أنه "لا شك أن إيران من خلال حساباتها السابقة ودعمها المباشر لنظام الأسد سياسيا وعسكريا، إضافة إلى إدارتها المباشرة للعراق، أعطاها لإيران فرصة بأنها تعيد رسم خارطة التوازنات الإقليمية في ظل غياب عربي وخليجي، مصري- سعودي".
وأعرب عن اعتقاده بأن أردوغان أوصل رسالة واضحة لدول الخليج، مفادها: "إذا لم تتحركوا الآن فمعنى ذلك أن أمنكم سيكون مهددا في المستقبل، فعليكم أن تشاركوا معنا في صياغة مستقبل سوريا للحد من تنامي إيران في سوريا والعراق".
وتابع بأن "تركيا لديها تصور عملي أفضل لكيفية التعاون الإقليمي، ولا أقصد دول الخليج فقط من أجل مشاركة كل الأطراف الإقليمية في رسم الخارطة السياسية للمنطقة المتصلة بالحل السياسي في سوريا وأيضا الوضع في العراق".
ورأى العادل أن "تحرك دول الخليج وخاصة السعودية لم يعد ترفا، وإنما هو حالة ضرورية تستوجبها التحديات في المنطقة ولاسيما أمن الخليج، وبالتالي فإن مستوى العلاقات الخليجية التركية، سيحرك الأطراف العربية والخليجية للعب دور أكبر في المنطقة".
ولفت إلى أن العامل الدولي المهم الذي سيدفع دول الخليج للتحرك، هو التلميحات الأمريكية الجديدة والتحول في نهج سياستها الخارجية تجاه الشرق الأوسط ومغازلتها لأنقرة والرياض ودول عربية أخرى.
وأردف العادل أن "هذا مؤشر على أن العديد من العواصم العربية والخليجية تحديدا مدعوة للتحرك لحل الأزمة السورية، وربما حتى في إطار الضغط على إيران اعتقد أن هذين عاملين أساسين، وإذا لم تتحرك هذه الدول فهي الخاسرة في النهاية".