نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا؛ سلطت من خلاله الضوء على مساعد الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، وكبير الاستراتيجيين لديه، ستيف
بانون، الذي أخذ يبرز شيئا فشيئا على اعتباره الرجل الأول داخل أسوار
البيت الأبيض.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن ستيف بانون، الذي تجاوز عقده السادس، قد عرف بأنه إيديولوجي مناصر لنظام "القومية الاقتصادية"، وصاحب شعار "الولايات المتحدة أولا". فضلا عن ذلك، فإن بانون يتمتع بجانب "مفزع"، حيث أنه يقف وراء غريزة ترامب المائلة للعنف.
وتقول الصحيفة إن بانون قد تجاوز حدود دوره المتمثل أساسا في المشورة الاستراتيجية، ليحل مكان الرئيس في الرد على مكالماته الدولية.
وأشارت الصحيفة إلى أن ستيف بانون شخصية مثيرة للاهتمام يصعب أن تمر مرور الكرام أمام أعين الإعلام الأمريكي. وفي هذا الإطار، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"، المكروهة من قبل ترامب، يوم 30 كانون الثاني/ يناير الماضي، تقريرا تحت عنوان "بانون رئيسا؟"، ذكرت خلاله أن رجل الظل، بانون، يصول ويجول في البيت الأبيض كأنه رئيس الولايات المتحدة.
إقرأ أيضا : "هآرتس" تكشف مواقف "بانون" من الإسلام وصراع المنطقة
وفي السياق نفسه، نشرت مجلة "تايم" الأمريكية، يوم 13 شباط/ فبراير الماضي، صورة على غلاف صفحتها الأولى لستيف بانون صاحب النظرة الباردة والشعر المهمل، ومرفقة بعنوان كتب بالبند العريض "المناور الكبير".
وذكرت الصحيفة الفرنسية أن بانون قد شبه في العديد من المناسبات بعدة شخصيات شهيرة، على غرار شخصية المشعوذ الروسي الشهير، راسبوتين، والشخصية الرئيسية في فيلم "حرب النجوم"، دارك فادور. وقد شُبه بهذه الشخصيات نظرا لعمله على ترسيخ نظام سياسي جديد، في حين فضّل العديد من المراقبين تشبيهه بكارل روف، الذي عرف باسم "عقل جورج بوش" الابن.
وأضافت الصحيفة أن مقدم البرامج الصباحية في محطة "إم إس إن بي سي" الإخبارية، جو سكاربورو، قد لمح الأسبوع الماضي إلى أن "صاحب الكلمة الأخيرة في كل القرارات المتخذة باسم البيت الأبيض، هو بانون". واستفز هذا التصريح ترامب، الذي رد كالعادة بتغريدة على حسابه الخاص في "تويتر"، جاء فيها: "إني أتخذ قراراتي بنفسي، وهي نابعة أساسا من عدة معطيات، والكل يعرف ذلك". وأضاف ترامب: "إعلام كاذب، يعمل فقط على تهميشي!".
وأكدت الصحيفة أن مرسوم ترامب القاضي بحظر دخول مواطنين من سبع دول إسلامية للأراضي الأمريكية؛ تمت صياغته تحت إشراف بانون ومساعده ستيفن ميلر، ودون أخذ مشورة وزير الأمن الداخلي، جون كيلي، الذي لم يعلم بنص القرار سوى لحظة توقيعه من قبل ترامب.
ومن جهة أخرى، بيّنت الصحيفة أن المظاهرات المناوئة لهذا المرسوم، التي أشعلت شوارع المدن الأمريكية، قد أجبرت ترامب على إعادة تشكيل حاشيته المحيطة به. وفي هذا الصدد، كلّف ترامب "قائد حاشيته"، راينس بريبوس، بمراقبة كل القرارات النصية التي تصدر عن البيت الأبيض. كذلك، طلب من بانون عدم تجاوز صلاحياته الموكل بها، كما عين مستشارته الخاصة، كيليان كونواي، مسؤولة عن استراتيجية الاتصالات. ومن الملفت للنظر أن الوحيد الذي نجا من هذه المعمعة هو صهر ترامب، جاريد كوشنر، الذي حافظ على منصبه كمستشار له.
إقرأ أيضا : ديلي بيست: ستيف بانون ينشئ بؤرة نفوذ في البيت الأبيض
وذكرت الصحيفة أن ترامب لم يعارض فكرة ستيف بانون القاضية بتأسيس فريق خاص بالمبادرات الاستراتيجية الأسبوع الماضي، وهو الأمر الذي اعتبره مراقبون بمثابة "مجلس أمن قومي أمريكي مواز". ومن خلال هذا الفريق يسعى بانون لترك بصمته في جميع القرارات والاجتماعات داخل البيت الأبيض، وهو ما يؤكد تحديه الصارخ لبقية المسؤولين في إدارة دونالد ترامب.
وأوردت الصحيفة أن ترامب قد أقدم، منذ دخوله للبيت الأبيض، على إجراء عدة تحويرات سياسية في صلب الإدارة الأمريكية، مع العلم أن هذه التغييرات منبثقة أساسا من أفكار حاشيته المقربة منه، وعلى رأسهم ستيف بانون.
وأفادت الصحيفة أن عدة مراقبين يرون في بانون "الرجل الموسوعة"، نظرا لمدى عمق مخزونه الثقافي وقدرته على استيعاب وتركيز خطط استراتيجية ناجعة. وقد عمل عدة مثقفين على تحليل شخصية هذا "الداهية"، انطلاقا من كتاب "فن الحرب" للكاتب الصيني، سون تزو، وكتاب "الانتقال الرابع"، لصاحبيه ويليام شتراوس ونيل هاو.
وفي الختام، نقلت الصحيفة تصريحات ستيف بانون، الذي قال: "أنا لست هنا حتى أضطلع بمهام تافهة". إثر ذلك، وجه بانون خطابه لمعارضي إدارة ترامب قائلا: "هؤلاء الأشخاص يكرهوننا، لكننا نحن الشعب"، ليضيف: "نحن نشهد حالة صراع بين مفهومين مختلفين، تحديدا بين مفهوم الدولة الشرعية في مواجهة مفهوم الدولة الواقعية... وبالنسبة لي، فأنا أميل لمفهوم الدولة الواقعية".