لم يعد ثمة شك في أن حركة حماس في قطاع غزة قد اختارت يحيى السنوار قائدا لها في قطاع غزة خلفا لإسماعيل هنية، حيث تمكنت "عربي21"، في وقت سابق من الحصول على كامل أسماء القيادة المنتخبة.
ولكن ماذا يعني يعني انتخاب السنوار قائدا للحركة، وقبل ذلك من هو يحيى السنوار؟
اقرأ أيضا: النتيجة الكاملة لانتخابات "حماس" الداخلية في غزة (أسماء)
من هو السنوار؟
يحيى إبراهيم السنوار (55 عاما) أحد مؤسسي الجهاز الأمني الأول لحركة حماس، المعروف باسم (المجد)، ولد عام 1962 في مخيم خان يونس، واعتقل عام 1988، وحكم عليه بالسجن 426 عاما، وجرى الإفراج عنه بموجب صفقة تبادل بين حركة حماس والجانب الإسرائيلي عام 2011، التي عرفت بصفقة "وفاء الأحرار"، وبعد الإفراج عنه من سجون الاحتلال، أصبح السنوار من أبرز قيادات الحركة في غزة، وبات أحد أعضاء مكتبها السياسي.
ويحظى السنوار بقبول كبير في أوساط القيادتين العسكرية والسياسية لحركة حماس، حيث كان له دور كبير في التنسيق بين الجانبين السياسي والعسكري في حماس خلال الحرب الأخيرة على غزة صيف عام 2014.
وفي العام 2015، أدرجته واشنطن على اللائحة السوداء لـ"الإرهابيين الدوليين".
أجرت "
عربي21" سلسلة من المقابلات مع مجموعة من المختصين بالشؤون السياسية؛ للتعرف على توجه حماس بعد تولي "السنوار" رئاسة الحركة في غزة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، رئيس شبكة سراج الإعلامية المقربة من حماس، إبراهيم المدهون، إن "تولي يحيى السنوار ذي الشخصية الأمنية، أول المؤسسين للجهاز العسكري لحماس، قيادة الحركة في قطاع غزة سيعطي توازنا جديدا داخل الحركة بين المستويين السياسي والعسكري، وهذا أمر بات ضروريا جدا في هذه الفترة الحرجة التي تشهد نفوذا متزايدا للأحزاب اليمينية حول العالم".
وأضاف المدهون لـ"عربي21" أن المرحلة القادمة (مرحلة السنوار) ستشهد إعادة ترتيب للعلاقات الخارجية بين حماس ودول المنطقة، خصوصا إعادة ترميم العلاقات مع الجانب الإيراني، باعتباره الممول الأساسي للجهاز العسكري في الحركة، إضافة إلى تطوير وتحسين العلاقات مع الجانب التركي والمصري.
أما عن العلاقة مع السلطة الفلسطينية، فلم يبدِ المدهون تفاؤله بتحسنها، على الأقل في الأجل المتوسط والقريب.
بدوره، قال رئيس التحرير السابق لصحيفة فلسطين ذات التوجه الإسلامي المقرب من حركة حماس، مصطفى الصواف، إن "سياسات حماس بعد تولي السنوار قيادة الحركة في غزة لن تشهد تغييرا جذريا كما يروج له الكثيرون؛ وذلك لأن السنوار يعمل ضمن منظومة مؤسسات الحركة التي يمتد عمرها لأكثر من ثلاثين عاما".
وأوضح الصواف لـ"عربي21" أن "ما شهدته الحركة في هذه الدورة الانتخابية هو ضخ أسماء جديدة في صفوفها لا يتعدى كونه تغييرا تكتيكيا لإعادة رسم السياسات الداخلية والخارجية من جديد". وفق تقديره.
مخاوف إسرائيلية
وفي الجانب الآخر، أفردت وسائل الإعلام العبرية بشتى أنواعها المرئية والمسموعة والمقروءة مساحة واسعة لنبأ انتخاب الأسير المحرر يحيى السنوار لمنصب مسؤول حركة حماس في قطاع غزة، حيث علق الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، آفي ديختر، بقوله : "انتخاب حماس لرجل كهذا يعدّ نذير شؤم على دولة "إسرائيل".
وتابع: "من اليوم، فرئيس حماس في غزة هو كبير القتلة، بكل ما للكلمة من معنى، الرسالة الموجهة لنا هي أن علينا تقوية قدراتنا لتدمير البنية التحتية التي تمتلكها حماس؛ لأن استخدامها من الممكن أن يكون أقرب مما نتوقع".
أما المحلل الإسرائيلي الشهير في القناة العبرية الثانية، ايهود يعاري، فقد ذهب بعيدا في تحليل شخصية السنوار؛ حيث قال إنه يتمتع بشخصية كارزماتية، ويفضل الابتعاد عن وسائل الإعلام، ومن تيار الصقور في حماس، ويسير بخط عدائي ضد إسرائيل، ويحظى بدرجة عالية من الجاذبية وروح القيادة، ويتقن اللغة العبرية، ومعرفته بطبيعة المجتمع والسياسيين الإسرائيليين على مستوى عالٍ من الإتقان؛ لذلك يجب الحذر في التعامل معه؛ لأنه رجل سياسي محنك لا يقبل بأنصاف الحلول".
وفي تعليقه على تناول الإعلام الإسرائيلي لهذه القضية، أشار محمود مرداوي، الإعلامي المتخصص بالشؤون الإسرائيلية، إلى أن "فوز السنوار في هذا المنصب الحساس شكل صدمة كبيرة للسياسيين الإسرائيليين، ويعود ذلك لمعرفتهم الجيدة بالسنوار خلال فترة وجوده في السجون الإسرائيلية لمدة 24 عاما، حيث كان شخصا صلبا لا يقبل المفاوضات، وذا شخصية قيادية عنيدة يتحكم بقرار الحركة وهو داخل السجن".
وأضاف مرداوي لـ"
عربي21" أن "ما يخشاه السياسيون في إسرائيل بعد فوز السنوار هو أن تضع حركة حماس شروطا إضافية تعيق ما تم التوصل إليه من نتائج للمفاوضات في قضية الإفراج عن الجنود الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة حماس منذ ثلاث سنوات".
وتابع مرداوي بأن "القادة العسكريين يبدون قلقين من تعاظم قوة الجهاز العسكري لحماس بعد فوز السنوار، فهو رجل يحظى باحترام وتقدير كبيرين من قبل القادة في إيران. ولكونه رجلا عسكريا سابقا؛ فهو يدرك أهمية المحافظة على قنوات الدعم العسكري من الخارج".
العودة إلى التحالف مع إيران
أما الكاتب الفلسطيني المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، ساري عرابي، فأشار لـ"
عربي21" إلى أن "انتخاب السنوار ذي الخلفية العسكرية الأمنية قائدا لحماس في غزة يعبر عن توجه حقيقي داخل الحركة للتعامل مع المرحلة القادمة بشكل أكثر حزما وجدية، خصوصا فيما يتعلق بالسياسات الخارجية والعلاقة مع إيران، الممول الأساسي للجناح العسكري في حماس.
واتفق أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، عبد الستار قاسم، مع سابقه بأن المرحلة القادمة ستشهد عودة قوية للعلاقات بين حماس وطهران، أو ما يسمى محور "المقاومة"، بعد تولي "السنوار" رئاسة الحركة في غزة؛ لأن الأخير يرى بأن محور إيران هو الأقوى في المنطقة.
وأبدى قاسم لـ"
عربي21" مخاوفه بأن "تشهد المرحلة القادمة تصعيدا عسكريا من قبل الجانب الإسرائيلي؛ لمنع السنوار من تقوية الجهاز العسكري لحركة حماس خلال المرحلة القادمة".