تسببت السياسات التي ينتهجها نظام الانقلاب بمصر في مجال الزراعة، بمعاناة لملايين
الفلاحين، الذين عزف كثير منهم عن الزراعة، بحسب مراقبين أكدوا أن تعدد الوزارات المنوط بها شؤون
القطاع الزراعي؛ أدى إلى ارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية، وذلك نتيجة ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج بشكل مبالغ فيه.
وتعقيبا على أحوال الفلاحين في
مصر؛ قال الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" الثلاثاء الماضي، إن "الزراعة المصرية تعاني، والفلاح المصري تنتظره ظروف عصيبة، ولو لم يتم إصلاح الخلل في إدارة هذه المنظومة الزراعية؛ فسيستمر التدهور".
وبحسب مراقبين؛ فإن سياسات النظام أدت إلى تراجع الفلاح عن زراعة العديد من المحاصيل، كالقطن المصري الشهير، الذي تقلصت مساحة زراعته من أكثر من مليوني وربع المليون فدان في السنوات الماضية؛ إلى 150 ألف فدان فقط حاليا، وفق لجنة الزراعة والري في برلمان الانقلاب.
سياسات حكومية هدامة
ووصف نقيب الفلاحين فريد واصل، قررات الحكومة المتعلقة بالقطاع الزراعي، بـ"الخاطئة والمتخبطة، وبأنها قد تؤدي إلى هدم قطاع الزراعة بأكمله".
وقال واصل لـ"
عربي21" إن "مصر هي الدولة الوحيدة التي يدعم فيها الفلاح الدولة، وليست الدولة هي التي تدعم الفلاح"، مضيفا أن "قرار الحكومة برفع أسعار الأسمدة يتحمله الفلاح والمستهلك، ولقد حذرنا من مثل هذه القرارات التي لا تواكبها آليات لضبط الأسواق".
ونبه على ضرورة عدم التفريط في قطاع الزراعة، قائلا إن "الاقتصاد قائم على ثلاثة قطاعات؛ الزراعة والصناعة والسياحة، وجميع القطاعات متعثرة ما عدا الزراعة، فهو القطاع الوحيد القائم الذي يدير عجلة الإنتاج في البلاد".
وحذر واصل من زيادة حدة التراجع في زراعة المحاصيل الأساسية كالقمح، والذرة، والبنجر، وقصب السكر؛ بسبب غياب دعم الدولة للفلاح، واتخاذ قرارات ضده، مؤكدا أن "القطاع الزراعي في خطر، فمصر تستورد أكثر من 75 بالمئة من احتياجاتها من الحبوب، وأكثر من 90 بالمئة من الأعلاف المتعلقة بالإنتاج الحيواني".
وكانت وزارة الزراعة قد رفعت أسعار الأسمدة والمخصبات الزراعية بنسبة 50 بالمئة، منتصف الشهر الماضي، دون التشاور مع الفلاحين، أو إخطارهم بأنها تنوي ذلك.
الجميع يسرق الفلاح
أما عميد كلية الزراعة السابق بجامعة عين شمس، عبدالغني محمد عبدالغني؛ فرهن تحسن أحوال الفلاحين بـ"تفعيل قرار السياسة التعاقدية"، وهي عبارة عن آلية يتم بموجبها الاتفاق مع الفلاح على شراء المحصول الذي سيقوم بزراعته بسعر عادل.
وقال لـ"
عربي21" إن "وضع الفلاح بائس، وهناك حلقة مفقودة ما بين المزارعين والأسواق؛ يستغلها التجار على حساب المزارعين والمستهلكين"، مضيفا أن "الفلاح بحاجة إلى عدة أمور لتحسين أوضاعه، منها تفعيل قرار السياسة التعاقدية، وتوفير المعاش والتأمين الصحي، وربطه بالسوق بدون وسطاء؛ لتحسين مستوى دخله، وزيادة ريع إنتاجه".
وأكد عبدالغني أن هناك غيابا للثقة بين الفلاح والدولة، "فالفلاح لا يثق في رجل الحكومة، ولا في الجمعية التعاونية التي تسرقه؛ لأنه يشعر بأن الجميع يقوم بسرقته"، مطالبا بـ"عدم منح الفلاح دعما على مستلزمات الإنتاج، كالأسمدة والمبيدات، فالواجب توجيه الدعم لأسعار محاصيله الزراعية".
استمرار الفوضى وتشابك الوزارات
من جانبه؛ حذر خبير الاقتصاد السياسي، والكاتب فى شؤون الري والزراعة، محمود عمارة، من استمرار
الفوضى في قطاع الزراعة، قائلا إنه "طالما لا يوجد رؤية استراتيجية لمستقبل الزراعة في مصر؛ فإننا سنعيش في تخبط وفوضى، وسيظل الفلاح فقيرا ومهددا ببيع أرضه لكسب قوت يومه".
وقال لـ"
عربي21" إن "الزراعة الناجحة تعتمد على أربعة عوامل، وهي عمل بحوث زراعية على أعلى مستوى، وربط الفلاح بالأسواق من خلال الجمعيات التعاونية، والتصنيع الزراعي بدلا من استيراد منتجات مصنعة، وإنشاء منظومة متكاملة للتصدير لزيادة تصدير الحاصلات الزراعية".
من جهته؛ أرجع عضو لجنة الزراعة والري ببرلمان الانقلاب، النائب محمد سعد تمراز، حالة التخبط في القطاع الزراعي، إلى "تشابك وزارة الزراعة مع وزارات التموين والري والإدارة المحلية".
وقال لـ"
عربي21" إن "على الدولة فك التشابك بين الوزارات لصالح الفلاح البسيط"، محذرا في الوقت نفسه "من استمرار رفع أسعار المدخلات الزراعية بما ينعكس بالسلب على أسعار الحاصلات الزراعية".