قال محللون ومراقبون إن خطاب الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، العنصري تجاه
المسلمين؛ قد يكون فرصة لتوحيد الفرقاء
الإسلاميين من القوى والفصائل والتيارات، في مواجهة تهديد رأس السلطة في أكبر دولة بالعالم.
ويعتقد أصحاب هذا الرأي أن عنصرية ترامب ستزيد من القاعدة الشعبية للتيارات الإسلامية، وقد تدفع الكثيرين حول العالم إلى التعاطف مع المسلمين وقضاياهم؛ مشيرين إلى ردود فعل قادة ورؤساء دول وسياسيين وفنانين وصحافيين غربيين رفضوا قرار ترامب بمنع دخول مواطني سبع دول ذات غالبية مسلمة لأمريكا.
غرفة الإفاقة
ومن بين المتفائلين بمآلات قرارات ترامب "العنصرية"، عضو فريق التعاون الدولي بمؤسسة الرئاسة في عهد الرئيس محمد مرسي، المهندس أسامة فتحي، الذي قال إن "عنصرية وقرارات ترامب سيتبعها خير كثير، وسيتمخض عنها
اجتماع لفرقاء الإسلاميين"، معتبرا أن أهم فوائد سياسات ترامب هي أن "يدخل المسلمون غرفة الإفاقة، ويخرج العالم الإسلامي من غفوته".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "لكي نكون واقعيين؛ فإن
توحيد الإسلاميين لن يتحقق إلا بعمل شاق على الأرض، يتمثل في تجميع المسلمين في العالم، وتوحيدهم، إلى جانب العمل مع باقي الأقليات بأمريكا لضمان ثقل شعبي مؤثر ضد الرئيس الأمريكي وقراراته".
وأشار فتحي إلى أن "مناهضة ترامب لن تتحقق إلا بتضحيات يبدو أنها ستكون قاسية على المسلمين بشكل عام، وعلى الجالية المسلمة بشكل خاص، حيث إن إدارة الحكم في أمريكا قوية، ولا تتراجع بسهولة، بالرغم من بوادر وقوف بعض القضاه الأمريكيين ضدها".
قد يكون ترامب "آية"
ولم يستبعد الكاتب الصحفي حازم غراب، أن يكون ترامب سببا في
وحدة الفرقاء المسلمين، وقال: "قد يُرينا الله تعالى آياته بتسخيره ترامب لخدمة الدين من حيث لا يريد"، مشيرا إلى أن "التاريخ يؤكد أنه عندما يكون لديك عدو ظاهر؛ فإن الأمة تتجمع وتتوحد ضده".
واستدرك: "لكن ذلك أقرب إلى التفاؤل المبني على الأمنيات، فليس من السهل أن يتوافق الفرقاء المسلمون بهذه السرعة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "التدافع الإسلامي مع النظم الغربية يكاد يكون دينيا، مع كونه مصلحيا، وللمتمنيين أن يتمنوا، لكن سَنَن الله غلابة"، مستشهدا بـ"ما حصل من تشظٍّ بين المقاتلين الإسلاميين في أفغانستان عقب انسحاب السوفييت منها".
واقعنا مؤلم
أما عضو الهيئة العليا لحزب البناء والتنمية المصري، سمير العركي، فرفض هذا الطرح كلية، وأكد أن "هذه الرؤية مثالية؛ تحاول ترجمة الأماني إلى تحليلات وتنظيرات"، مطالبا بأن "ننظر إلى واقعنا المؤلم، وننطلق منه".
وتحدث لـ"
عربي21" عن ذلك الواقع بقوله إن "الفصائل في سوريا تتقاتل، ومعارضي الانقلاب العسكري في مصر مختلفون ومتشرذمون، وجماعة الإخوان المسلمين تعاني من الانقسام، والدول العربية كلٌّ في واديه، والشعوب المقهورة اختارت الصمت والانعزال، لذا علينا أن نجتهد في تصحيح أوضاعنا".
وأضاف العركي أن "وجود ترامب كعدو ظاهر يعلن عداءه كل لحظة؛ غير كفيل بتذويب الخلافات"، متابعا بالقول: "لا أظن أن هذه الوحدة ستحدث مع قسوة قرارات ترامب، وإلا لذابت الخلافات في سوريا مع فظائع بشار، وفي مصر مع جرائم السيسي".
مزيد من الجنون والتطرف
من جانبه؛ توقع المحلل السياسي المصري محمد الزواوي، أن لا تؤدي سياسات ترامب إلى تقريب وجهات النظر بين مختلف الفصائل، مرجعا ذلك "لأسباب بنيوية وهيكلية في تلك الجماعات التي تفتقد إلى البراغماتية السياسية، وتعتمد في الأغلب على الأيديولوجية الجامدة، وتلجأ دائما إلى الحسم العسكري ومقاتلة بعضها البعض"، بحسب قوله.
وقال لـ"
عربي21" إن "العالم في ظل قيادة ترامب مرشح إلى السير باتجاه مزيد من الجنون والتطرف، وليس العكس"، لافتا إلى أن "المسلمين بأمريكا سيدفعون ثمن سياسات ترامب العنصرية اليمينية التي أظهرها من يومه الأول بالبيت الأبيض؛ بتضييق الخناق عليهم في مختلف نواحي الحياة".
وأضاف أن ترامب "يحمل أجندة معادية للحركات الإسلامية، إلا أنه يريد من الدول العربية والإسلامية أن تدفع هي فاتورة ذلك، وأن لا يتم الأمر بمواجهة أمريكية مباشرة".
ورجّح الزواوي أن "يستغل ترامب التواجد التركي في سوريا لتنفيذ أهدافه، وذلك بسحب القوات الأمريكية من مناطق النزاع، وإجبار حلفائه على دفع فاتورة أمنهم التي يرى أن أمريكا طالما دفعتها عنهم".