بدأت عدد من الصحف
المصرية، فضلا عن الإعلاميين الموالين لرئيس الانقلاب، عبدالفتاح
السيسي، في شن ضغوط على شيخ
الأزهر، الدكتور
أحمد الطيب؛ لإجباره على تقديم استقالته من منصبه، بعد أن حصلوا -وفق مراقبين- على ضوء أخضر بذلك من السيسي شخصيا، بالعتاب الذي وجهه إليه علانية، في خطابه بمناسبة عيد الشرطة، الثلاثاء، إذ قال له: "تَعَبْتِنِي يا فضيلة الإمام".
الباز: لماذا طالبنا باستقالة شيخ الأزهر؟
وجاءت الدعوة إلى استقالة شيخ الأزهر بشكل عنيف في مقال رئيس تحرير جريدة "الدستور"، محمد الباز، المقرب من الأجهزة الأمنية، الخميس، بالعنوان السابق.
وفي مقاله، قال الباز: "أطالب شيخ الأزهر بأن يتقدم باستقالته، من باب الحرص عليه، وألح عليه أن يستجيب لما نطلبه منه"، متوعدا: "افعلها يا شيخ الأزهر وأنت في سعة من قرارك وحريتك، بدلا من أن تفعلها بعد أن تضيق عليك الأرض بما رحبت".
وعلَّل الباز طلبه ذلك بالقول: "لقد أثبتت التجربة السياسية منذ 2011، أن الدكتور الطيب ليس الرجل المناسب في المشيخة، حاول أن يبتعد بالمؤسسة الكبيرة عن حالة الخلاف والاستقطاب السياسي، وأعلى من شأن استقلاليته، وقد يكون هذا أمرا يحمد له، لكن في ظروف غير التي نعيشها، وتحتاج إلى تكاتف الجميع، وتضافر جهودهم لمواجهة خصم شرس، يرتكن إلى الدين في تبرير هجومه وحربه من أجل إفنائنا".
واتهم شيخ الأزهر بأنه "أقحم نفسه في العمل السياسي، ودخل في صراعات، وانحاز لقناعات لم تكن في المصلحة العليا للبلاد، وأضفى حمايته على من يعرف جيدا أنهم يدعمون جماعة الإخوان، ويرتعون في مكتبه، وبدلا من أن يستجيب لدعوة تجديد الخطاب الديني، واصل عمله في وضع القيود أمام هذه الدعوة، وإذا ادعى هو أو بعض من رجاله أنهم يجددون الخطاب بالفعل، فسنقول له إن تجديد الخطاب من منظوره ورؤيته البعيدة عن السياق العام في مصر الآن.. لا قيمة له".
ورأى الباز أن كلمة السيسي له في حفل عيد الشرطة: "إنت تعبتني يا فضيلة الإمام"، كانت ترجمة واضحة لأزمات ممتدة منذ 30 يونيو، موجها السؤال للطيب: "إذا كنت ترى أن النظام الذي تنتمي له لا يسلك السلوك القويم الذي تراه أنت، فما أسهل أن تتجنبه وتسلك الطريق الذي تختاره، وترتاح له وفيه".
ومتحدثا بلسان السيسي، قال: "لقد صبرت عليه القيادة السياسية، وتغاضت عن مواقفه التي وضعت الجميع في حرج، ليس أقلها البيان الذي أصدره يوم فض اعتصامي رابعة والنهضة، وكشف به ظهر الجميع، أكرمته وانحازت له في معارك صغيرة افتعلها مع وزير الأوقاف، ربما اعتقادا منها أن الإمام الأكبر يمكن أن يكون رقما إيجابيا في معادلة الإصلاح الديني، لكنه لم يقدم شيئا له قيمة".
الموجز: "استقالة شيخ الأزهر من منصبه"
وفي إطار الضغط النفسي والإعلامي المتواصل على شيخ الأزهر، نشرت صحيفة "الموجز"، المقربة من أجهزة الأمن، تقريرا، الخميس، بعنوان: "استقالة شيخ الأزهر من منصبه".
ونقلت عن مصادر مقربة من الطيب أنه أصيب بالاكتئاب خلال الأيام الماضية بعد إحراج "الرئيس" له في احتفالات عيد الشرطة، على خلفية مطالبته بأن يكون للأزهر دور فاعل في قضايا المجتمع، وأبرزها الطلاق الشفوي، وفق "الموجز".
وأضافت أن المصادر ذكرت أن الشيخ أبلغ المقربين منه أنه يفكر في الاستقالة من منصبه، ليس بسبب موقف الرئيس وحده، ولكن بسبب الهجوم الذي يتعرض له، وعدم تعاون باقي أجهزة الدولة مع الأزهر، وتحميله كل الأخطاء وحده.
الوطن: "الطيب.. الدور الغائب"
وتحت هذا العنوان، انضمت صحيفة "الوطن"، الموالية لسلطات الانقلاب، في عددها الصادر، الخميس أيضا، إلى قافلة مهاجمي شيخ الأزهر.
وقالت إن الطيب لا يكاد يفرغ من مواجهة أزمة، حتى تعاجله أخرى جديدة، إذ إنه في الوقت الذي يعلق فيه الجميع مشكلة انتشار التطرف والإرهاب في رقبة الأزهر ورجاله باعتبارهم مسؤولين عن تجديد الخطاب الديني، تأتي قنبلة الطلاق الشفهي لتنفجر في وجه الشيخ، مخلّفة غبارا كثيفا فتح الباب من جديد للحديث عن دور الأزهر، خاصة بعد أن دخل السلفيون على الخط بكامل عدتهم يردون على "رئيس الجمهورية" الذي طالب بتوثيق حالات الطلاق في محاولة للحد منه"، وفق قولها.
واتهمت "الوطن" شيخ الأزهر بأنه يتعامل مع مسألة "الطلاق الشفهي" كأن الأمر لا يعنيه، بالرغم من كونه المرجعية الأولى للمسلمين السُّنَّة في العالم.
واستطردت بأن الشيخ الذي يصمت في بعض القضايا يرفع صوته في قضايا أخرى ربما لا تهم الناس في كثير أو قليل، وأنه حدث ذلك بعد قرار وزير الأوقاف، مختار جمعة، بفرض الخطبة المكتوبة على خطباء المساجد، ووقتها انبرى شيخ الأزهر ورجاله يهاجمون وزير الأوقاف وقراره بكل ما يملكون من قوة، معلنين رفضهم للقرار جملة وتفصيلا، ولم تهدأ الحملة إلا بدفن القرار في غيابات الجب.
وأضافت "الوطن": "هكذا يغيب الطيب حيث يجب أن يكون موجودا، ويُوجد حين يطلب منه الغياب، يظهر ذلك جليا في الوقت الراهن الذي يسود التطرف فيه كل أرجاء العالم، ويتعرض عدد كبير من الدول لهجمات إرهابية يقودها من يحسبون أنفسهم على المسلمين".
"علي جمعة" بديل مطروح بقوة
إلى ذلك، رجحت تقارير إعلامية بأن يتولى منصب شيخ الأزهر، في حالة استقالة الطيب، المفتي السابق لمصر، الشيخ علي جمعة، المعروف بقربه الشديد من السيسي، وتأييده المطلق للانقلاب، وعدائه الشديد للإخوان المسلمين.
حرَّم مظاهرات يناير.. وشارك في الانقلاب
يشار إلى أن "أحمد محمد أحمد الطيب" من مواليد 6 كانون الثاني/ يناير 1946، في محافظة قنا بصعيد مصر، وعين في منصبه "الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر" (الأمام الـ48) في 19 آذار/ مارس 2010، بقرار من الرئيس المخلوع حسني مبارك، خلفا لسيد طنطاوي.
وكانت للطيب فتوى مثيرة للجدل خلال ثورة 25 يناير بأن "المظاهرات حرام شرعا، ودعوة للفوضى".
وبالرغم من موقفه هذا، إلا أنه أيد مظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013 ضد الرئيس محمد مرسي، وشارك في انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، لكنه أعلن الاعتزال بقريته في الصعيد أياما، عقب الفض الدموي لميداني رابعة والنهضة؛ احتجاجا.