نشرت مجلة "نيوزويك" مقالا لمحلل الـ"سي آي إيه" السابق بروس ريدل، يقول فيه إن
باكستان كانت ساحة أهم انتصار للرئيس الأمريكي السابق باراك
أوباما، عندما أمر الكوماندوز الأمريكيين بقتل زعيم تنظيم
القاعدة أسامة بن لادن في أبوت أباد في 2 أيار/ مايو 2011.
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن أوباما اتخذ قرارا مهما بشأن تلك الغارة، بما في ذلك قراره بعدم إخبار أحد في باكستان بأن وكالة الاستخبارات المركزية اكتشفت مخبأ ابن لادن، على بعد أقل من ميل من أكاديمية كاكول العسكرية في باكستان.
ويلفت ريدل إلى أن المنح الأمريكية لباكستان في عهدي جورج بوش الابن وأوباما وصلت إلى 25 مليار دولار مع حلول عام 2012، على شكل مساعدات اقتصادية وعسكرية منذ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر لمواجهة تنظيم القاعدة، مستدركا بأن أوباما كان متأكدا من أنه لا يستطيع أن يثق في الحكومة الباكستانية، و"غالبا ما ستبقى الغارة من أهم الأمور التي ستذكر لأوباما".
ويقول الكاتب: "قبل ثمانية أعوام، ورث الرئيس أوباما سياسة تجاه باكستان في حالة يرثى لها، حيث دعمت أمريكا ديكتاتورية عسكرية كانت تحمي حركة طالبان وتهاجم الهند، حتى قام الشعب الباكستاني بالإطاحة بالديكتاتور برويز مشرف، وكان تنظيم القاعدة منتشرا في البلد، وتم إيواء أسامة بن لادن بالقرب من الأكاديمية العسكرية للبلد، حيث كان يخطط بنشاط لهجمات على أمريكا، وبعد انتخاب أوباما بأيام، قام إرهابيون باكستانيون بمهاجمة مومباي، وقتلوا عددا كبيرا من الهنود وعددا من الأمريكيين".
ويضيف ريدل أن "أوباما وضع في آذار/ مارس 2009 أولوية عليا لتعطيل تنظيم القاعدة وبنيته في باكستان وتفكيكه وهزيمته، وهو الذي شكل تهديدا مهما ووشيكا على أمريكا وحلفائها، وكانت وكالة الاستخبارات المركزية هي رأس الحربة في هذه المعركة، وتم تكثيف غارات الطائرات دون طيار بشكل كبير جدا، بالإضافة إلى تحديد مكان ابن لادن عام 2011 من وكالة الاستخبارات المركزية، وقام فريق من وحدات البحرية الخاصة (نيفي سيلز) بقتله".
ويتابع الكاتب قائلا إن "باكستان لم تكن شريكا في الحرب ضد تنظيم القاعدة معظم الوقت، وتعاونت مجموعات إرهابية، مثل عسكر طيبة، الذين يدعمهم الجيش الباكستاني، مع تنظيم القاعدة، وأصبحت بنية تنظيم القاعدة في باكستان اليوم أصغر بكثير، لكنه لم ينته تماما، ولا يزال خليفة ابن لادن، أيمن الظواهري في باكستان، ولا يزال ينتج دعاية يدعو فيها إلى مهاجمة الأمريكيين، بالإضافة إلى أن حمزة، نجل أسامة بن لادن، لا يزال ناشطا في باكستان، وقد يكون الأمير القادم لتنظيم القاعدة، وقد تضاءل الخطر بشكل كبير، لكن تجب المراقبة الدائمة".
ويبين ريدل أنه "بعد عقد من اغتيال بناظير بوتو، التي قال تنظيم القاعدة إنها كانت تقف خلفه، فإن هناك ديمقراطية هشة وغير مكتملة في باكستان، ولأول مرة منذ 70 عاما من تاريخ البلد حلت حكومة منتخبة بحرية مكان أخرى، وبدأ رئيس الوزراء نواز شريف في مشروع تطوير كبير للبنية التحتية، سينقل البلد بتمويل صيني، بالإضافة إلى أنه نأى بباكستان عن السعودية؛ سعيا منه ليخفف من التوتر السني الشيعي في البلد وفي الخارج".
وينوه الكاتب إلى أن "واشنطن لم تكن مسؤولة عن تقدم باكستان نحو الديمقراطية، لكن إدارة أوباما، على عكس بعض الإدارات السابقة، لم تعرقله، وكان الرؤساء الأمريكيون في الغالب مغرمين بالجنرالات الباكستانيين، لكن أوباما أدرك أنهم المشكلة وليسوا الحل، وقام الجنرالات مؤخرا بشن حرب على بعض المنظمات الإرهابية التي تهاجم الباكستانيين، والحملة شديدة، وهي بعيدة عن نهايتها، وفي الوقت ذاته يستمر الجيش في تأييد مجموعات، مثل تنظيم عسكر طيبة، الذي هاجم مومباي قبل ثماني سنوات".
ويذكر ريدل أن "أوباما قام بتقديم الأمريكي الذي ساعد على تخطيط هجمات مومباي ديفيد هيدلي، لكن زعيم عسكر طيبة حافظ سعد لا يزال حبيب الجنرالات، ويظهر بانتظام على شاشات التلفزيون، ويشجب أمريكا وإسرائيل والهند، ويوفر الجيش ملاذا آمنا لحركة طالبان أفغانستان أيضا، ويساعد الباكستانيون في جمع التبرعات والتدريب والعمليات لحركة طالبان، وقد أخفت باكستان وفاة الملا محمد عمر في كراتشي لمدة عامين؛ لتقوي من سلطتها على المجموعة، واختارت بحذر قيادة جديدة لها".
ويفيد الكاتب بأن "الطائرات الأمريكية دون طيار قامت العام الماضي باغتيال أول خليفة للملا عمر في غارة جوية داخل باكستان، وكانت تلك هي أول غارة ضد حركة طالبان داخل باكستان منذ بداية الحرب عام 2001، والمزيد من هذه الغارات سيقوض الأمن الذي تتمتع به قيادة حركة طالبان".
ويورد ريدل أن "المساعدات الاقتصادية والعسكرية لباكستان تراجعت خلال رئاسة أوباما، وتراجع الدعم لذلك داخل الكونغرس بشكل كبير؛ عندما تبين مدى الدعم الباكستاني للأنشطة الإرهابية، وكانت غارة أبوت باد، التي قتل فيها ابن لادن نقطة التحول؛ حيث أظهرت بشكل واضح مدى قلة ما تفعله باكستان في الحرب على تنظيم القاعدة (أو، وما هو أسوأ أن تكون تساعدها)".
ويقول الكاتب إن الكونغرس لم يعد يصادق على المساعدات هكذا، والبعض في الكونغرس يرى أنه يجب وضع باكستان على قائمة وزارة الخارجية للدول التي تدعم الإرهاب، وقد فكر جورج بوش الأب في ذلك بشكل جاد عام 1992، لكن خلفاءه الثلاثة لم يفكروا في ذلك.
وبحسب ريدل، فإن "لدى باكستان ترسانة نووية هي الأسرع نموا في العالم، وقامت باكستان هذا الشهر بتجربة إطلاق صاروخ كروز من غواصة لأول مرة، ومدى هذا الصاروخ 450 كم، ويعطي باكستان مقدرة الرد (على هجوم نووي)، وتقوم باكستان بتوسيع أسطولها من الغواصات بمساعدة من الصين، ولا يوجد لدى أمريكا سياسة فاعلة تجاه برنامج باكستان النووي".
ويشير الكاتب إلى أن "الرئيس أوباما لم يزر باكستان خلال فترة حكمه، وخفف المسؤولون الحكوميون من زياراتهم للبلد. ويبدو أن الاهتمام بباكستان تلاشى تدريجيا في السنوات الأخيرة للإدارة، وعلى الإدارة الجديدة أن تتعامل مع دولة تعداد سكانها 200 مليون شخص مسلحة بترسانة نووية مجربة، وهي ضحية وراعية للإرهاب في وقت واحد".
ويخلص ريدل إلى القول إن "باكستان كانت في أساس الأزمات على مدى عدة إدارات، فواجه بيل كلينتون اختبارات نووية وحربا حدودية في 1999 مع الهند، وفوجئ جورج بوش الابن بهجمات 11 أيلول/ سبتمبر، وأزمة باكستانية هندية أخرى، وتعامل أوباما مع مومباي وأبوت أباد، وغالبا ما سيتم اختبار الإدارة القادمة مبكرا".