كشف تقرير فرنسي عن معلومات جد حساسة حول الوضع الصحي لقادة تونس والجزائر والمغرب، مؤكدا أن الوضع في المغرب العربي هش لأن صحة حكامه هشة ومقلقة.
وأكد التقرير الذي أعده النائب عن الحزب الاشتراكي، جان غلافاني، والنائب عن الحركة من أجل الجمهورية، غي تيسيي، في اجتماع للجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الفرنسي، أن الوضع في الدول المغاربية، وخاصة في المغرب وتونس والجزائر هش، إذ تعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، لأن
الحالة الصحية لحكامها مقلقة.
التقرير، الذي استغرق ستة أشهر لإنجازه، والذي تناول مستقبل العلاقات بين أوروبا والمغرب العربي، أكد فيه النائب جان غلفاني، أن الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي سيبلغ التسعين سنة بعد أشهر قليلة، فيما لفت إلى أن الرئيس الجزائري، عبد العزيز
بوتفليقة، قد أصيب عام 2013 بجلطة دماغية أثرت على قدرته على الحركة والكلام، بينما أوضح التقرير أن العاهل المغربي، الملك
محمد السادس، رغم أنه "ملك حداثي وشجاع وله رؤية متقدمة" إلا أنه يعاني من مرض "يتطور ببطء ويعالج بالكورتيزون".
وتابع غلفاني: "وهو بدوره (ملك المغرب) يمثل بعد السبسي وبوتفليقة سلطة فردية ذات هشاشة كبيرة، الأمر الذي يفرض علامات استفهام كبيرة"، وكذا بالنسبة للوضع الأمني في هذه البلدان، على حد تعبيره.
وأكد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21" بتصرف نقلا عن قناة "
LCP" الفرنسية، أن "الإرهاب هو الشغل الشاغل لأجهزة المخابرات في هذه الدول الثلاث" التي تشترك في "أنها تعاني من التحدي الديمقراطي في مواجهة التطرف بمجتمعاتها". وأوضح أنه "من ابن كيران في المغرب الذي سحرنا بمزاوجته للإسلام والسياسة، مرورا بالجزائر التي تدعي التحكم في إسلامها من خلال تنصيب الأئمة وإملاء الخطب من قبل وزارة الشؤون الدينية، وصولا إلى تونس من خلال تواجد حركة النهضة في السلطة... هذه الدول التي هي في قلب المغرب العربي لديهم نفس التحدي الديمقراطي، وتطرف المجتمعات، كما لديهم تقليد سياسي هش إضافة إلى هشاشة اقتصادها".
وأوضح غلفاني أن"الاضطرابات الاجتماعية في البلدان المغاربية الثلاثة هي مقلقة بشكل يومي، مع اختلاف طفيف بالنسبة للمغرب الذي عرف ازدهارا في المناطق الاقتصادية القريبة من (العاصمة) الرباط"، محذرا اندلاع شرارة "ثورة البطون الجائعة" في أي لحظة بهذه الدول الثلاثة.
من جهته، أشار النائب ورئيس البعثة البرلمانية الفرنسية، غي تيسيي، إلى أن أمن أوروبا له علاقة بدول الجنوب، وأن معرفة هذه الدول لفرنسا ليست كما كانت عليه من قبل، وقال: "المواطنون الذين عرفوا الوجود الفرنسي يختفون، ومن الخطورة بمكان أن نعتقد بأن الإرث التاريخي هو كاف للحفاظ على علاقاتنا".
وأكد غي تيسيي، من خلال تحليل نتائج كل دولة على حدة، إلى أن الشعب الجزائري منشغل بمن سيخلف الرئيس الحالي بوتفليقة.
وقال: "هناك حركات داخلية عديدة في الدوائر العسكرية والإدارية لإعداد خليفة لبوتفليقة"، مؤكدا أن "الجيش يحتل مركزا مهما جدا بالجزائر خصوصا قائد الأركان الذي ينظر إليه من الآن كخليفة لبوتفليقة"، لافتا، في نفس الوقت، إلى أنه من الصعب إعطاء تفسيرات دقيقة لأن الهدف مازال غير واضح، وقال: "هناك العديد من الشكوك على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي"، مشيرا إلى أن تراجع عائدات النفط كان بمثابة "كارثة" على الجزائر.
وقال إن الجزائر تعطي الانطباع بأنها تسير في المسار الصحيح، لكن يبدو أن كل شيء فيها اصطناعي.
ولفت تيسيي، من خلال التقرير، للصعوبات التي تعترض الصحافة المستقلة بالجزائر، وقال إن الصحافيين في البلد "إما يسجنون أو يعذبون".
وفي الجانب الاقتصادي، قال تيسيي: "إن نسبة النمو ضعيف جدا (بالجزائر)، والشعور بعدم الرضا يتفاقم لدى الشباب خصوصا مع ارتفاع نسبة البطالة إلى 30% والتي تصيب الشباب ما بين 16 إلى 24 سنة"، وأضاف: "وعلى الرغم من وعود الحكومة تنويع الاقتصاد، مازالت القيود الإدارية تستمر في التأثير على القطاع الخاص".
وفيما يخص الجانب الأمني، قال النائب الفرنسي إنه بالرغم من التعاون العسكري الجيد بين
فرنسا وبين موريتانيا والمغرب وتونس، إلا أن هذا التعاون يظل جد صعب مع الجزائر، وأضاف: "لقد التقينا بالعديد من المسؤولين العسكريين هناك (الجزائر)، الأمر معقد، لا يوجد تعاون، إنهم لا يريدون".
ودعا التقرير كلا من فرنسا وأوربا إلى الاهتمام أكثر بالساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، وخاصة دول المغرب العربي. "هذه الدول باعتبارها أولى جيراننا في الجنوب، لن تكون إلا أولوية للدبلوماسية الفرنسية والأوروبية" يؤكد غلفاني.
كما أكد التقرير أن "مستقبل أمتنا ينطلق من تطوير هذه الدول (المغرب العربي). فهي تمثل مصلحة حيوية بالنسبة لأوروبا وخصوصا لفرنسا".