يواجه حزب الله في هذه المرحلة اسئلة وتحديات عديدة تفرض عليه البحث مجددا في دوره ومشروعه والاطر التنظيمية التي ينبغي العمل من خلالها في المرحلة المقبلة.
فقد كان ينبغي ان يعقد الحزب مؤتمره العام الثامن في العام 2012، لان المؤتمر السابع والاخير الذي عقده الحزب كان في العام 2009 والذي ادى لاقرار واعلان الوثيقة السياسية الجديدة للحزب وهي الثانية بعد الرسالة المفتوحة والتي اعلنت عام 1985.
لكن التطورات في سوريا ودول المنطقة والتحديات العديدة التي واجهها الحزب طيلة السنوات السبع الماضية دفعت قيادة الحزب الى عدم عقد المؤتمر العام والتمديد لقيادة الحزب الحالية برئاسة امينه العام السيد حسن نصر الله.
والمعروف انه حسب النظام الداخلي للحزب، فان المؤتمر العام والذي يضم حوالي 300 من كوادر وقيادات الحزب هو الذي ينتخب قيادة الحزب او ما يسمى ( شورى القرار) وهو يعقد كل ثلاث سنوات، وبعد انتخاب القيادة يتم انتخاب الامين العام وتوزيع المسؤوليات المركزية، وقبل انعقاد المؤتمر وبعد انعقاده تقوم الشورى باجراء التعديلات التنظيمية الجديدة او اجراء التغييرات المطلوبة ووضع الاستراتيجيات الجديدة للحزب في السنوات التي تلي انعقاد المؤتمر.
ولان الحزب لم يعقد مؤتمره العام خلال السنوات السبع الاخيرة، عمدت قيادة الحزب لاجراء العديد من التغييرات التنظيمية ووضع استراتيجيات عمل تتكيف مع التحديات التي واجهها الحزب في المرحلة الاخيرة ولاسيما بعد الازمة السورية.
ويواجه الحزب حاليا تحديات عديدة بسبب تضخم دوره الاقليمي والخارجي وزيادة حجم العديد والتغيرات الحاصلة على الصعيد الداخلي ولا سيما بعد اجراء الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة جديدة في لبنان.
ومع ان المسؤولين في حزب الله يؤكدون الاطمئنان للتطورات الداخلية والخارجية، فان ذلك لا يلغي ان هناك عددا من التحديات والاسئلة التي تفرض نفسها على قيادة الحزب في المرحلة المقبلة، ومن هذه التحديات والاسئلة:
اولا: تضخم دور الحزب الداخلي والخارجي وازدياد العديد العسكري والامني ووصول عدد عناصر التعبئة العامة في الحزب او مناصري الحزب الى حوالي المئة الف عنصر وهذا يتطلب اجراءات تنظيمية وثقافية للحفاظ على متانة الوضع التنظيمي ومواجهة الاختراقات الخارجية ومعالجة بعض الاخطاء والاشكالات التي تحصل من قبل بعض العناصر.
ثانيا: كيفية التنسيق بين تعاظم دور الحزب الاقليمي والخارجي وبين تغير الاوضاع الداخلية وعودة الدولة اللبنانية لممارسة مسؤولياتها في ظل رئاسة العماد ميشال عون (حليف حزب الله الاستراتيجي)، مع حرص عون على تقديم صورة جديدة عن مواقفه تجاه الاوضاع الخارجية وهذا ما برز بوضوح خلال جولته الخارجية الاولى الى السعودية وقطر.
ثالثا: التحديات الناتجة عن مشاركة حزب الله في الازمة السورية وكيفية مواجهة مرحلة ما بعد انتهاء الازمة السورية وتعاظم الدور الروسي في المنطقة، وكل ذلك يفرض على الحزب اتباع استراتيجيات جديدة تضمن له ما حققه من انجازات ميدانية وتحفظ موقعه السياسي والامني والعسكري.
رابعا: كيفية حماية دور حزب الله في مواجهة العدو الصهيوني واعادة ترتيب علاقات الحزب مع القوى العربية والاسلامية بعد ان تعرض الحزب لبعض الانتكاسات في هذه العلاقات وتغير صورة الحزب المقاوم في الاوساط العربية والاسلامية.
هذه بعض الاسئلة والتحديات التي تفرض على قيادة الحزب صياغة رؤية جديدة للمرحلة المقبلة، واذا كانت التطورات في لبنان والمنطقة قد دفعت الحزب لتأجيل انعقاد مؤتمره العام واللجوء الى اجراء تغييرات تنظيمية محدودة فان ذلك لا يلغي حاجة الحزب الى الاعداد للمرحلة المقبلة والبحث في كيفية ضخ دماء جديدة سواء على المستوى القيادي المركزي او في مواقع المسؤوليات الاساسية.
وبانتظار تبلور هذه الرؤية والمعطيات الجديدة لدى قيادة الحزب فان المسؤولين فيه سيظلون يؤكدون في مواقفهم المعلنة على اطمئنانهم للتطورات الحاصلة داخليا وخارجيا وعدم صحة الرهانات على تعب الحزب او خوفه من التغيرات القادمة سواء في لبنان او في المنطقة.