خاطب رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي،
المصريين، قائلا: "بكرة تشوفوا، فلابد أن يأتينا الخير كله"، مستدركا بأن "موقع مصر في النظام الدولي والإقليمي مرتبط بشعبها، وأنه بالمعادلة فإن قوة مصر تزداد يوما بعد يوم، والقدرة العسكرية لمصر فوق تصوركم"، وفق وصفه.
جاء ذلك في الجزء الثاني من حواره مع رؤساء تحرير الصحف القومية (الحكومية) الثلاث، الأهرام والأخبار والجمهورية، الذي جرى داخل قصر "الاتحادية" الرئاسي، واستمر أكثر من أربع ساعات، وتنشره في أعدادها، الثلاثاء.
وفي هذا الجزء حرص السيسي على تأكيد استمساكه بالمدة الرئاسية المقررة، التي قال إن الدستور نص َّ عليها، وإن ثورة 25 يناير أرستها كأحد المكتسبات، مشيرا، على الصعيد الداخلي، إلى إجراء تعديل وزاري "قريب جدا"، وداعيا المصريين إلى "السيطرة على الإنجاب"، بحسب تعبيره.
وعلى مستوى العلاقات الخارجية كشف السيسي أنه توقع فوز الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترمب في الانتخابات، وأكد أنه سيكون هناك "تفاهم أكبر، وتنسيق أعمق" مع إدارته، عاتبا على روسيا عدم استئناف رحلاتها الجوية إلى مصر.
وبينما قال للسعوديين إن "هذا وقت التماسك"، فقد دافع عن اتفاقه مع إثيوبيا بخصوص سد "النهضة"، قائلا إنه اتفاق دولي، وإنه لن يضحي بعلاقته معها.
ويأتي حوار السيسي مع الصحف المصرية الكبرى الثلاث، قبل حلول الذكرى السادسة لثورة 25 يناير بأقل من عشرة أيام، في أول حوار شامل له مع بداية عام 2017، وواصل فيه إطلاق رسائله المختلفة إلى الداخل والخارج.
"تعديل وزاري قريبا جدا"
وعلى الرغم من نفي المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، غير مرة، وجود تعديل وزاري مرتقب، إلا أن السيسي قال في حواره: "هناك تعديل (وزاري) قريبا جدا"، مشيرا، في الوقت نفسه، إلى أن رئيس الوزراء الحالي، شريف إسماعيل، ما زال يتمتع بثقته.
وقال: "هذه الثقة نابعة من العمل والأداء والمتابعة والتقدير للمهمة، وأمانة المسؤولية".
وانتقد تقييم المصريين ووسائل الإعلام، للحكومة، فقال: "الناس تقيم الحكومة وفقا للظروف والأسعار، وهذا أمر غير منصف.. وما يحتاج إلى تصويب سنصوبه، ونحسن الأداء.. وأنا أقدر من غيري بحكم الاحتكاك اليومي على التقييم"، وفق قوله.
"لا أستمر يوما في الرئاسة بعد الفترة الدستورية"
وفي حواره حرص السيسي أيضا على أن يدافع بشدة عن بقائه في سدة الحكم، متجاهلا التراجع المضطرد في شعبيته، مستندا إلى أن "الثورة (25 يناير) مثلما كانت لها مكاسب كانت لها تحديات، ولابد أن نقبل الاثنين معا".
وأردف: "لقد حصلنا كشعب على مكاسب، ونستفيد بها، أقلها، أن الرئيس لا يستطيع أن يجلس في منصبه يوما بعد المدة التى قررها له الدستور، وهذا تطور كبير في حياتنا السياسية، كما أن البرلمان يختاره الشعب بحرية دون تدخل من أحد".
وتابع: "إذا كنت أنا لا أستطيع أن أستمر يوما في الرئاسة بعد الفترة التي ينص عليها الدستور، فلا أحد يحجر على إرادة الناس، وكأننا أوصياء عليهم، ونخشى أن يخطفهم، أو يأخذ منهم أحد الحكم.. لا يجب خلق فزاعة لأنفسنا من لا شيء".
واعتاد السيسي من قبل في خطبه العامة على أن يربط بقاءه في منصبه بإرادة المصريين، وليس بنص الدستور، فقال في خطابه، في الاحتفال بذكرى المولد النبوي يوم 22 كانون الأول/ ديسمبر 2015، إنه لن يبقى في الحكم ثانية واحدة "ضد إرادة الشعب".
وفضح العضو السابق في حملته للرئاسة، حازم عبدالعظيم، تدخلات أجهزته المختلفة، في الانتخابات البرلمانية التي جرت بعد الانقلاب، وكيف جاءت بالائتلاف الموالي له، المُسمى "ائتلاف دعم مصر" في المرتبة الأولى، ذات الأغلبية، بالبرلمان.
يوبخ المصريين ويدعوهم للسيطرة على الإنجاب
وواصل السيسي حديثه للمصريين، فقال: "أدعو المصريين للسيطرة على الإنجاب، للحد من النمو السكاني، الذى يشكل عبئا كبيرا جدا، ولو لم تتم السيطرة عليه لن يشعر الناس بثمار التنمية".
ووبخ مواطنيه بالقول: "المشكلة أننا نريد أن نأخذ من كل شيء حده الأقصى سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، ونظلم بذلك الدولة، والتجربة".
"تفاهم أكبر وتنسيق أعمق مع ترامب"
على الصعيد الخارجي خصَّ السيسي، في حواره، علاقته مع الإدارة الأمريكية الجديدة بالقول إنه كان يتوقع فوز ترامب بالرئاسة، مضيفا: "كان تقديري للموقف مبنيا على أنه لمس بصراحته وصدقه عقل وقلب المواطن الأمريكي".
وعن توقعاته للعلاقات المصرية-الأمريكية، قال: "سيكون هناك تفاهم أكبر واستعداد للتعاون وتنسيق أعمق".
وأضاف: "بالنسبة لمكافحة
الإرهاب، هناك إشارات إيجابية للتعاون من خلال تبادل الخبرات والمعلومات وإمدادنا بمعدات، والفترة المقبلة ستشهد تنسيقا أكبر مع الولايات المتحدة".
"ما كانش العشم يا بوتين"
وعن العلاقات المصرية-الروسية، والشعور بالاستغراب من الموقف الروسي تجاه مسألة استئناف الرحلات الجوية، حسبما صيغ السؤال، أجاب: "ليس الاستغراب، وإنما العتب، وهذا ناجم عن الشخصية المصرية بما لها من "عشم" في تصرفات الآخرين".
"أقول للسعوديين: هذا وقت التماسك"
وعلى صعيد علاقات مصر والدول العربية، أجاب عن سؤال يشير إلى وجود أجواء غير مواتية بين مصر والسعودية، وكيف تسير العلاقات، بالقول: "نحن حريصون على العلاقات مع أشقائنا، ونقول إن أمننا مرتبط بتماسكنا وبوحدتنا ومرتبط بتفاهمنا مع بعضنا البعض، وأقول: هذا وقت التماسك".
اتفاق سد "النهضة" دولي والتشاور مستمر
ومعلقا على "تصريحات إثيوبية رسمية تتهم مصر بالضلوع في تشجيع المعارضة، وكيف تسير العلاقات مع إثيوبيا، وما انعكاس هذا على اتفاق سد النهضة، أجاب: "عندما تكون هناك ظروف داخلية نحتاج لأن نؤكد لهم أنه ما دمنا وضعنا أيدينا في أيديكم، فإننا حريصون على العلاقة ومسارها وأهدافها، ولن نضحي بها".
وتابع: "أقول للمرة المليون: ليس من سياستنا التدخل في الشأن الداخلي لأي دولة أو تأليب الرأي العام الداخلي ضد قيادته"، مشددا على أنه في ما يتعلق بـ"موضوع اتفاقية سد النهضة، فهو اتفاق دولي، والمكتب الاستشاري مستمر في عمله وفقا للجدول الزمني".
وكان خبراء مياه مصريون حذروا من أن السيسي منح شرعية لبناء السد بالاتفاق الذي وقعه منفردا معها، وأن الإثيوبيين يستغلون عامل الوقت لفرضه كأمر واقع على المصريين، وأنهم يستثمرون المشاورات القائمة كغطاء للمضي قدما في إتمام بناء السد، على الرغم من تأثيره البالغ على الحصة المائية لمصر من مياه النيل.