أثار المقترح الذي تقدم به أعضاء بالبرلمان الليبي في طبرق، بتغيير علم
ليبيا ونشيدها الرسمي، ردود فعل غاضبة. ووصف سياسيون ونشطاء هذه الخطوة بأنها "انتكاسة للثورة، وتزوير لتاريخ ليبيا، وانتصار للثورة المضادة في البلاد".
واتهم النواب المتقدمون بالمقترح، علم ونشيد البلاد اللذين اعتمدا خلال ثورة 17 فبراير 2011، بأنهما عائقان أمام تحقيق المصالحة مع "أتباع"
القذافي، الذين يرفضون أي جلسات يُرفع فيها العلم الحالي.
من جهته؛ وافق رئيس مجلس النواب في طبرق، عقيلة صالح، على "الطلب الذي تقدم به عدد من أعضاء المجلس؛ بتعميم مقترح بتغيير العلم والنشيد على الأعضاء، تمهيدا لمناقشته في الجلسات المقبلة".
ورفضت كتلة "الميثاق" النيابية هذا المقترح، وقالت إنه يمثل "خلطا للأوراق، وزعزعة للرأي العام"، مشددة على "أن مثل هذه الثوابت لا يمكن المساس بها"، بحسب بيان أصدرته الكتلة الثلاثاء.
خطة انقلابية
وقال العضو السابق في المؤتمر الوطني العام الليبي، محمد خليل الزروق، إنه "طيلة السنوات الأربع الماضية؛ كان تيار القذافي -بدعم النخبة الدولية- يستخدم جهازه الأمني، وشبكته المالية، وأذرعه المختلفة إعلاميا واستخباراتيا؛ في مواجهة صف ثوري مشتت، لتكييف الأوضاع في اتجاه إلغاء كل مكتسبات ثورة الليبيين".
وأضاف الزروق لـ"
عربي21": "قام المجتمعون في طبرق بإلغاء قانون العزل السياسي، وأصدروا عفوا عن أركان النظام، وسارت الأمور في اتجاه العسكرة، وما الدعوة إلى التخلي عن النشيد والعلم إلا خطوة رمزية، وتتميما لمشوار طويل متسق مع وضع إقليمي استمر لسنوات".
من جانبه؛ رأى الأكاديمي الليبي رمضان بن طاهر، أن "مقترح إلغاء النشيد والعلم يدلل على استمرار مسلسل العبث والهزل الذي يشترك فيه معظم أعضاء البرلمان"، مؤكدا أن "طرح هذا المقترح سيعمق الخلاف والتوتر بين الفرقاء الليبيين".
وقال ابن طاهر لـ"
عربي21" إن "البرلمان الحالي لا يمثل جميع الليبيين؛ لأنه أصبح طرفا سياسيا بداخله مجموعات متصارعة"، مشددا على أن "المصالحة الوطنية شأن عام يشترك في تحديد شروطه وتحقيقه مكونات الشعب الليبي جميعها".
محاولة بريئة
وفي المقابل؛ أكد عضو البرلمان عن مدينة بنغازي، زياد دغيم، أن "المقترح محاولة بريئة من قبل بعض النواب لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، وخاصة أن جميع اجتماعات المصالحة شهدت خلافا على العلم والنشيد".
واستدرك دغيم في حديثه لـ"
عربي21" قائلا: "أرفض بشدة تغيير العلم والنشيد؛ لأن العلم لا يمثل الثورة ضد نظام معمر القذافي، وإنما هو يعبر عن استقلال ليبيا، وهويتها النضالية، واتحاد أقاليمها الثلاثة".
دولة القذافي
وقال الناشط الفيدرالي أبو بكر القطراني، إن "الذين يطالبون بتغيير العلم والنشيد؛ هم أعضاء من الجهة الغربية؛ طامحون إلى عودة دولة أشبه بدولة القذافي".
وأضاف لـ"
عربي21": "في حال تم إلغاء العلم والنشيد؛ فإن ذلك يعني حل الدولة الليبية، وتقسيمها إلى مكوناتها السابقة؛ برقة وطرابلس وفزان".
أما الكاتب والمؤرخ الليبي، شكري السنكي؛ فقال لـ"
عربي21" إن "مقدمي المقترح يريدون العبث بالتاريخ والرمزية، وميراث الآباء والأجداد المؤسسيين للدولة الليبية، متجاوزين ما نص عليه الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي في 3 آب/ أغسطس 2011، من اعتماد علم الاستقلال واستمراره علما لليبيا في الدستور المرتقب".
ويرمز "علم الاستقلال" إِلى التاريخ الليبي والجهاد ضد المستعمر، واعتمدته الجمعية الوطنية التأسيسية في 21 كانون الأول/ ديسمبر 1951، ثم ألغاه الرئيس المخلوع معمر القذافي بعد انقلابه على حكم الملك إدريس السنوسي في عام 1969، لتتم إعادته بعد إسقاط القذافي وقتله على يد الثوار في 2011.